تشهد أيام الجنوب الثقافية بوهران، التي يحتضنها فضاء حديقة سيدي محمد بواجهة البحر، إقبالا كبيرا للجمهور، الذي لا يزال يستمتع بالموروث الثقافي لعاصمة الأهقار، من خلال قافلة جاءت من تمنراست، محمّلة بإرث ثقافي و فني، حطت الرحال بالشمال قبالة البحر الأبيض المتوسط، لتستعرض فنها و أصالتها و عاداتها و تقاليدها و حرفها التقليدية، لاسيما صناعة الحلي و الآلات الموسيقية، الضاربة جذورها في أعماق الصحراء و التاريخ، و في هذا السياق تواصل الفرق الفنية لهذه القافلة الصحراوية، إحياء سهرات فنية بهذا الفضاء الساحر، الذي تحول إلى مسرح مفتوح، يهتز على وقع الموسيقى التارقية، و أنغام التندي و الامزاد، و الرقصات الجميلة للرجل الأزرق القادم من أقصى الجنوب، الذي تفنن في رسم أجمل اللوحات الفنية و الاستعراضية، منذ انطلاق هذه التظاهرة الثقافية، التي خلقت أجواء متميزة و غير عادية بهذه الحديقة، وتحولت بفعل ذلك إلى قبلة للجمهور و للسياح الجزائريين و الأجانب على حد سواء، الذين اكتشفوا جمال و سحر الأهقار عن كثب، و اختصروا مسافة طويلة بين الشمال و الجنوب، ليبحروا في أعماق الأهقار، حيث تواصل فرقة "تاكوبا" تألقها بعاصمة الغرب، من خلال رقصاتها الفلكلورية و لوحاتها الكوريغرافية، بسيوفها و لباسها التقليدي الجميل، و براعتها و خفتها في أداء الرقص القتالي الأصيل، الذي كان و لا يزال يعبر عن شهامة الرجل التارقي، في مشاهد استعراضية غاية في الجمال، كانت تشرك فيها الجمهور من حين لآخر، نفس الشيء بالنسبة لفرقة "تاكومبا" بإضافة الميم إلى الكلمة، التي ساهمت بدورها في تنشيط فعاليات هذه التظاهرة و استقطاب الجمهور، إلى جانب الحضور المتميز لفرقة التندي و كذا فرقة العزف على القيتار و عازفات الإمزاد الأنيقات، و كما هو متعارف و متفق عليه لدى أهل التوارق، فان العزف من اختصاص المرأة، أما الرقص فهو من اختصاص الرجل، حيث تألقن كالعادة على العزف على هذه الآلة العريقة و العجيبة، التي استطاعت بوترها الوحيد، أن تفرض نفسها و تصنف ضمن التراث العالمي، آلة تقليدية بسيطة، التحمت فيها النغمة الأصيلة بالروح و الجسد، أخذت المرأة التارقية على عاتقها، مهمة حمايتها و حفظ هذا التراث اللامادي، حتى لا يندثر و يزول، و ها هن عازفات الإمزاد اليوم، يخطفن الأضواء في سهرات و ليالي صيف وهران، المنظمة من قبل الديوان الوطني للثقافة و الإعلام.