القارة الافريقية بمواردها الطبيعية والبشرية الضخمة من معادن ومصادر للطاقة ومياه وزراعة وايدي عاملة شابة وموقع استراتيجي هام وتاريخ عريق شوهه الاستعمار الغربي الذي استنزف خيرات هذه القارة التي تعاني من الفقر والتخلف والامراض القاتلة والصراعات المدمرة والتدخلات الاجنبية التي تزيدها ضعفا واضطرابا وقد عانت افريقيا من تجارة الرقيق على مدى ثلاثة قرون حيث تم استعباد الملايين من ابنائها ونقلهم مقيدين في السلاسل الى القارة الامريكية التي سميت بالعالم الجديد لتسخيرهم في مختلف الاعمال الشاقة قبل ان يتقر استعمار القارة وتقاسمها مثل الكعكة في مؤتمر برلينبالمانيا ( نوفمبر 1884 الى فبراير1885 )لاستغلال ثرواتها وأهلها اقتصاديا وعسكريا كما جاء في كتاب صدر مؤخرا بفرنسا بعنوان ( المستعمرات ,العرق ,والجنس)الذي يحوي صورا بشعة للاستعمار الغربي وجرائمه المنكرة ضد الشعوب المستعمرة . ورغم استقلال الدول الافريقية وتخلصها من الاحتلال الاوربي المباشر بداية من سنة 1958والقضاء على الميز العنصري في دولة جنوب افريقيا فمازالت بعضها خاضعة لنفوذ الدول التي كانت تحتلها والدول الكبرى حتى الآن إذ بينت المعلومات أن فرنسا تحتفظ بقواعد وقوات عسكرية في اغلب مستعمراتها السابقة وتتدخل في تلك الدول فقد تدخلت في كوت ديفوار واعتقلت الجنرال غباغبو الذي يقبع في سجونها وتدخلت في افريقيا الوسطى وتشاد وفي ليبيا ورواندا وقد اخذت 400 مليار دولار تعويضات من الدول الافريقية وتفرض على الجميع هيمنتها السياسية والثقافية واللغوية ضمن منظمة الفرنكوفونية ولاتسمح لتلك الدول بالخروج عنها كما تحتفظ بريطانيا بنفوذها السياسي والثقافي واللغوي على مستعمراتها عن طريق رابطة الكومنويلث وقد بدأ اهتمام الولاياتالمتحدةالامريكية بالقارة السمراء منذ سنة 1958خلال زيارة ريتشارد نيكسون لها وتمثل أمريكا الشريك التجاري الاول للقارة وتركز على البعد الامني في سياستها لكن ذلك لا يخفي مصالحها الاقتصادية في ظل التنافس الدولي وفي مقدمتها الامن الطاقوي نظرا للإحتياطات الضخمة من مصادر الطاقة كالنفط والغاز بعد الاكتشافات الهامة في غرب افريقيا أو ما يعرف بخليج غينيا فهي تسعى لحماية مصادر انتاج ونقل امدادات الطاقة مستعملة قضية الحرب على الارهاب للتدخل في دول الساحل الافريقي واقامة قاعدة عسكرية للطائرات بلا طيار في النيجر وانشاء قاعدة افريكوم في المانيا بدعوى نشر الامن والاستقرار والتعاون والشراكة مع دول المنطقة التي رفضت الافريقية استقبال تلك القاعدة على اراضيها وقد ساهمت قوات الحلف الاطلسي في اسقاط نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا بواسطة التدخل العسكري الذي ادى الى سقوط الدولة وزرع الفوضى والحرب بين الاطراف المتصارعة والتدخلات الاجنبية وظهور جماعات متطرفة وتهريب السلاح وتهديد الامن والاستقرار في المنطقة كلها وهناك دول أخرى تعمل بجد على توسيع نفوذها في القارة الافريقية التي تعتبر خزانا للمواد الطبيعية ومنها الصين التي تنافس من اجل تلبية حاجاتها من المواد الاولية والطاقة للمحافظة على نمو اقتصادها مستغلة وضعها المالي والتجاري وهي لا تسعى للهيمنة السياسية فتقدم المساعدات المالية دون شروط وتساهم في انجاز المشاريع التنموية الخاصة بالطرق والفلاحة والري والسكن والنفط والغاز فافريقيا سوق واسعة للمنتوجات الصينية ايضا وتعمل روسيا على تقوية نفوذها بتوسيع استثماراتها والتحكم في مصادر وخطوط انتاج وتوزيع الطاقة والمواد الاولية وزيادة بيع الاسلحة فقد تضاعفت الصادرات العسكرية الروسية الى دول القارة ب 200 بالمائة في العشرية الاخيرة نظرا لزيادة الصراعات وسباق التسلح لدى الكثير من هذه الدول وكانت كلفة الصراعات على التنمية حوالي 250 مليار دولار كما تحاول روسيا اقامة قاعدة عسكرية لها في مصر في اطار معاهدة للشراكة الاستراتيجية بين الطرفين وتريد التدخل في ليبيا ايضا وهناك دول اخرى لها تواجد في هذه القارة العاجزة عن التكفل بنفسها مثل اليابان وتركيا والمانيا وايطاليا وكوريا الجنوبية والكين الصهيوني وبلجيكا فالارباح التي تجنيها المؤسسات الاجنبية كبيرة تصل الى 30 بالمائة مقابل 10بالمائة في اوربا و 15بالمائة في امريكا لذا تزداد حمى التنافس بين الدول الكبرى في القارة التي تحتوي على نصف الاحتياطي العالمي من الذهب وتنتج 25 بالمائة منه وتصدر من 40 بالمائة من الالماس و80 بالمائة من البلاتين و27 بالمائة من الكوبالت واليورانيوم 18بالمائة من الانتاج العالمي بالاضافة الى النفط والغاز والحديد والمواد الزراعية كالاناناس والبن وزيت النخيل والفول السوداني ويقدر احتياطي القارة من النفط ب 124مليار برميل ويتوقع اكتشاف احتياطي ب 100مليار برميل اخرى ويقدر احتياطي الغاز الطبيعي ب 500 تريليون متر مكعب ولاشك ان الصراع والتنافس بين الدول الكبرى لن يؤدي الى حرب بينها وستفضل التفاهم واقتسام غنائم الشعوب الافريقية النائمة والمهمشة وشبابها الباحث عن الهجرة الى الشمال عبر قوارب الموت .