هل قدر أفريقيا أن تشقى لإسعاد الآخرين الذين يتنافسون على خيراتها الكثيرة من نفط ومعادن متنوعة ومنتجات زراعية بينما يعاني الملايين من أبنائها الفقر والمرض والجوع. لقد بدأت معاناة أفريقيا منذ اكتشاف العالم الجديد المتمثل في القارة الأمريكية حيث استعبد الأوربيون الملايين من أبنائها في تجارة الرقيق وحملوهم إلى أمريكا للعمل في المزارع لدى الأسياد البيض وبعد الرق حل الاستعمار المباشر للقارة في القرن التاسع عشر باقتسامها في مؤتمر برلين سنة 1884م باحتلال 93 بالمائة من مساحة القارة البالغة 40.3 مليون كم مربع وأخذت فرنساوبريطانيا الجزء الأكبر من الكعكة ورغم حصول الدول الأفريقية على استقلالها فإنها مازالت تعاني من التبعية والاستغلال ونهب ثرواتها تحت عناوين مختلفة ونجد حاليا ثلاث دول كبرى تحاول التغلغل في اقتصاديات الدول الأفريقية هي الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنساوالصين دون اغفال دور الكيان الصهيوني. وتعود علاقة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالقارة الأفريقية إلى القرن الخامس عشر وترحيل الأفارقة إليها عبر تجارة الرقيق إذ يمثل الأفارقة 10 بالمائة من المجتمع الأمريكي منهم الرئيس باراك أوباما الذي زار غانا سنة 2009 ، موقد استقرت أول مجموعة من المحررين من الرق سنة 1920 في منروفيا عاصمة ليبيريا في محاولة لإرجاع الأفارقة إلى موطنهم الأصلي وفي تلك السنة استأجرت شركة أمريكية من ليبيريا مساحة نصف مليون هكتار لزرع المطاط واستغلال المعادن فيها خاصة الماس وفي سنة 1958 أنشأت أمريكا مكتب أفريقيا والشرق الأوسط لمكافحة المد الشيوعي للاتحاد السوفياتي ولتعوض بريطانيا المنسحبة منها وقد ظلت سياسة أمريكا بين المد والجزر حتى سنة 2000 التي صادق خلالها الكونغرس الأمريكي على إجراءات جمركية تساعد على دخول المنتجات الأفريقية إلى الأسواق الأمريكية خاصة المواد الأولية والمساهمة في تشجيع الاستثمار في القارة في مجال النفط والتجارة وتقديم إعانة لبعض الدول منها غينيا الاستوائية وساوتومي برانسيب وينصب اهتمام أمريكا على النفط بالدرجة الأولى وتنشط شركاتها في عدة بلدان افريقية مثل السودان (جنوب السودان)ونيجيريا وأنغولا والموزبيق والغابون والكونغو وتشاد وقد وجدت نفسها وسط منافسة قوية من الشركات الفرنسية والصينية ولذا فإن تدخل أمريكا في الصومال (القرن لأفريقي) وإقامة القاعدة العسكرية أفريكوم للتدخل في أفريقيا ليس من اجل محاربة الإرهاب فقط وإنما لحماية مصالحها والوصول الى مصادر الطاقة في القارة وفرض الهيمنة تحت مسمى العولمة والوقوف في وجه التوسع الصيني الذي يعتبر بديلا للعولمة الأمريكية الغربية ففي أقل من خمس سنوات زار الرئيس الصيني جين تاو القارة أربع مرات وقابل العديد من القادة الأفارقة وتقدم الصين السلع مقابل المواد الأولية التي يحتاجها نموها الاقتصادي المتزايد وتعتمد على تقديم المساعدات الرسمية والعلاقات التجارية والاستثمار ففي سنة 2007 تأسس الصندوق الصيني الإفريقي بمبلغ 5 مليار دولار وفي السنة الموالية ارتفع حجم المبادلات التجارية لأكثر من 100 مليار دولار وتساهم الصين بالمساعدات التقنية ونقل التكنولوجية وانجاز مشاريع البنى التحتية من طرق وسدود والزراعة والنقل والمساعدات الطبية والمنح الدراسية وتكوين الأخصائيين والتنقيب عن النفط فالتواجد الصيني بالقارة الذي مرت عليه أكثر من ستين سنة في تزايد مستمر وهناك دولة صاعدة تسير على خطى الصين منذ 2002 فبدأت تركيا تصدر الحديد والصلب والملابس الجاهزة وتستورد الأحجار الكريمة والكاكاو والنفط وانجاز العديد من المشاريع ومؤخرا نظم منتدى رجال الأعمال الأتراك والأفارقة ويحاول الأتراك الاستفادة من الخبرة الجزائرية للدخول في الأسواق الأفريقية .