تصنيف *السبوع* ضمن التراث العالمي اللامادي من قبل اليونسيكو توارث سكان تيميمون الواحة الحمراء عاصمة القوراره، منذ عصور سالفة أبا عن جد الاحتفال بهذه المناسبة في موعدها المحدد قصد التبرك والدعاء والتضرع إلى الله تعالى، فما إن يبزغ هلال شهر ربيع الأول، حتى تعم الفرحة والبهجة والسرور أفراد المجتمع التواتي كبارا وصغارا، حيث تنظف المنازل والشوارع والمساحات، ومن أول ليلة تبدأ المدائح والأذكار ودروس السيرة النبوية العطرة بجميع مساجد المنطقة، هي ليلة الثاني عشر ربيع الأول يسهر الجميع إلى طلوع الفجر في المساجد والزوايا والمدارس القرآنية لتلاوة المدائح الدينية والقصائد الوترية، كالبردة والهمزية والبغدادي وهي شعائر كلها من نظم الإمام البصيري رحمه الله، في مدح الرسول الكريم، وعند الضحى تتم زيارة الأقارب كما يزور البعض الآخر القبور والدعاء للمولى عز و جل في هذا اليوم المبارك، هنا الكل يعبر عن فرحته، ضحكات الأطفال وهم يمرحون ويغنون ويدقون على أباريق، فساتين النساء الملونة، لطف وتواضع الرجال . وتتواصل الاحتفالات إلى غاية اليوم السابع من مولد النبي عليه الصلاة والسلام وهو ما يعرف بهذه الديار بالسبوع . *السبوع* تظاهرة دينية وتراثية توافق سنويا 18 ربيع الأول من كل عام، أي بعد أسبوع من ميلاد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وتعبر عن عمق صوفي بالمنطقة متوارث بقصر زاوية سيدي الحاج بلقاسم وتيميمون وقصر ماسين، بفعاليات صارت مظهرا اجتماعيا ثقافيا معروفا عن الواحة الحمراء ساهم مؤخرا بتصنيف * السبوع * بتيميمون ضمن القائمة التمثيلية للتراث العالمي اللامادي من قبل اليونيسكو . تاريخ المناسبة ويعود إحياء مناسبة أسبوع المولد النبوي الشريف إلى 8 قرون خلت، وحسب الأسطورة، فإن الولي الصالح والشيخ الفاضل سيدي الحاج بلقاسم رأى ذات ليلة في المنام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، يطلب منه إحياء ذكرى يوم مولده بتظاهرة *السبوع*. ولما اتضحت للشيخ معالم الطريق بعث لأكابر أهل زمانه من العلماء، من بنغازي بمنطقة أوقروت جنوبا إلى تينركوك شمالا، فجمعهم على مأدبة غذاء واتفقوا على أسبوع المصطفى صلى الله عليه وسلم ،وأجازوه واتفقوا على ذلك . وبعد المأدبة كانت هناك أحاديث كثيرة حول الذكرى . وأهم ما يميز الاحتفال بالسبوع،هو اللقاء الذي يتم بحفرة العلمة بزاوية سيدي الحاج بلقاسم المعلومة، حيث يلتقي الزائرون ويلتقي الألوية ثم يختم اللقاء بفاتحة الكتاب، إذ يطلب كل واحد من الله ما يرجوه ويتمناه، وكان ذلك وقت الضحى، أما قراءة القرآن الكريم والفاتحة التي نلاحظها في هذا اليوم فهي خاصة بذكرى وفاة سيدي الحاج بلقاسم، ولم تكن من مظاهر السبوع في حياته . تأجيل لقاء الحفرة من الضحى إلى ما بعد العصر، بعد صلاة الظهر مباشرة يلتئم الجمع للإقامة داخل المسجد ثم قراءة الفاتحة معلنين بداية تلاوة الذكر الحكيم في المسجد إلى حيث تتمته في صباح اليوم الموالي، فيما تتكلف طائفة أخرى باستقبال الضيوف وإيواء الزوار بتقديم الهدايا أو العطايا مثل خبزة القمح وحفنة تمر، يليها تجمع الألوية المستقطبة من جهات عدة للمنطقة، منها لواء سيدي ابراهيم بن أحمد من قصر الواجدة، سيدي يدا بقصر مساهل، الشيخ سيدي عباد بأولاد عيسى، إضافة إلى لواء سيدي عبد الله بأولاد عياش، كما تتسع إلى لواءات أخرى.. حيث تتم وقفة جبل السبوع، وهي محطة هامة في التظاهرة، حيث تنطلق ابتداء من الزوال بمنطقة جبل السبوع، الواقع بمحاذاة مسرح الهواء الطلق وسط مدينة تيميمون والتي تعد محطة هامة في هذا المشهد الاحتفالي المتميز، من خلال حجم الأنشطة والطقوس التي تقام بها. فسيفساء من البارود والقرقابو وخلال هذه المحطة بهذا الموقع التاريخي والشهير، تتحلق فرق البارود والحضرة والقرقابو في فسيفساء مزركشة لإمتاع الحضور بعروضها الشيقة التي تقتصر على ترديد قصائد التهليل والتصلية دون غيرها، بينما تصطف على الجانب وفود الزوايا حاملة الأعلام في مشهد روحاني يحظى بقدسية كبيرة لدى الجمهور، إلى جانب عروض الفروسية بمشاركة فرق خيالة عديدة قدمت من مختلف جهات الوطن، ويستمر هذا المشهد الاحتفالي، حتى وصول فرقة البارود لقصر ماسين والتي يوجه أفرادها طلقات البرود نحو الأعلى دون تشكيل الحلقة إيذانا منهم بختام هذه المحطة والتنقل الى الحفرة. في المرحلة الثالثة من هذا الاحتفال التاريخي والأسطوري، تتجه الوفود صوب المحطة الأخيرة والتي يحتضنها الموقع المعروف ب * الحفرة *، إذ في مشهد بهيج يشد إليه الأنظار تقتحم الوفود الموقع من كل جانب وبسرعة قياسية في محاكاة لقوة الشوق والحنين والمحبة التي كان يكنها مشايخ المنطقة لبعضهم البعض، مهللين ومكبرين وداعين المولى بالرحمة والمغفرة لجميع امة محمد صلى الله عليه وسلم. وتبدأ الاحتفالات قبل أسبوع من يوم الزيادة الفعلي حيث تتقدم قبيلة أولاد الحاج علي وحمو الزين بإعطاء بعض الإعانات لأحفاد الشيخ بالقصر ويصلون مع الجماعة صلاتي الظهر والعصر مع قراءة حزبين من كتاب الله عز وجل وقصيدة استفتح باسم .. الخ وتختتم بالفاتحة والدعاء، يليها زيارة ضريح العلامة الشيخ سيدي الحاج بلقاسم ثم العودة إلى تيميمون قبل أذان المغرب، وفي الصباح قراءة الهمزية وقصائد مدحية من تأليف الشيخ للمصطفى صلى الله عليه وسلم . علما ّأن وقفة الحفرة تتم عبر ثلاثة مراحل هي : بداية الالتقاء، لحظة التجمع،هي بيت القصيد ويختم بدخول رايات تيميمون التي تعيد أدراجها في نفس اليوم . يحدث هذا في خضم نشاط فرق الحضرة التي لا تتوقف عن قرع الطبول وترديد عبارات التهليل والتكبير والصلاة على النبي، الممزوجة بزغاريد النسوة والعائلات وهتافات الحضور الذين اكتست بهم المرتفعات المحيطة بهذا الموقع، الذي يحمل معاني وأبعاد عديدة لدى سكان الإقليم، والتي تنشد المحبة والإخاء وإشاعة السلام والصلح بين الجميع . ويتواصل المظهر حتى غروب الشمس للتفرغ لأداء صلاة المغرب في الهواء الطلق بمحيط زاوية سيدي الحاج بلقاسم، والتضرع إلى المولى عز وجل لحفظ البلاد والعباد وتحقيق الخير للجميع ليتفرق بعدها الجموع على أمل اللقاء في نفس الموعد من السنة القادمة.. لتعود الواحة الحمراء إلى هدوئها المعهود.