المهم هنا تشجيع المأطرين على التحاور بصراحة وطرح الأفكار الايجابية تجاه الآخرين، إذ من المهم أن يسمح للخلافات بأن تخرج إلى العلن، وأن يتدرب المشاركين على عمليات بناءة لحل المشكلات، لأننا في الحقيقة نحتاج إلى الوقت لنتدرب كيف نختلف بالرأي مع أصدقائنا دون أن نتشاجر معهم أو نعاديهم، ومن الحالات الأكثر انتشارا خلال التحضير للألعاب التمثيلية، نلاحظ إحجام بعض المأطرين عن المشاركة في طرح الأفكار أو التخطيط، وهذا من أهم المشكلات التي يجب معالجتها لأنها لا تؤثر فقط في روحية المشاركة والعمل الجماعي لدى الفريق الواحد أو الصف، بل إن وجود هذه المشكلة يؤثر في جدوى النشاط نفسه، لأن هؤلاء المأطرين الممتنعين عن المشاركة لأسباب متعددة ،هم الأكثر حاجة من بين المشاركين، مما يعني أن جهود المؤطر يجب أن تتكثف وتتضاعف لإقناع هؤلاء وحثهم على المشاركة مهما كان حجم هذه المشاركة ونوعها وقيمتها. وهنا نلفت نظر المعلمين إلى أن مشاركة المأطر المعتكف أو الممتنع أو المنزوي قد تكون الهدف الأساسي لإقامة النشاط أي أن النشاط ذاته وكل ما يتضمنه من اختيار للموضوع والشخصيات وتوزيعها على المشاركين وتمثيلها والانتهاء من النشاط، قد يبدو غير مهم بالمقارنة مع النجاح في جعل احد الممتنعين ينخرط في العمل مع رفاقه . حين نتكلم على هذا النوع من الأهداف لا نقصد حصرها به ، بل نحاول الإضاءة على الهامش الكبير للأهداف التي يمكن العمل على تحقيقها .وقد يصادف –وغالبا ما يحدث ذلك- أن يكون كل المشاركين المنخرطين بالعمل، وليس بينهم من منكفئ أو من رافض للمشاركة، خصوصا عندما يكونون قد قطعوا شوطا في هذا المجال و تعودوا الدراما والألعاب التمثيلية. وقبل وخلال التحضير للعبة الدرامية يجب على المؤطر الانتباه إلى مجموعة ملاحظات هي 1-عدم فرضه الأفكار على المأطر بطريقة فوقية 2-اندماج باللعبة مع المأطر كفرد من المجموعة، مع الاحتفاظ بصفة المراقب. 3-إدارته اللعبة بطريقة تشعر المأطرين أنهم هم أصحاب القرار فيها لا المؤطر. 4-معرفته وتحديده الوقت المناسب للبدء بالنشاط ولإنهائه أو لتغييره أو لتطويره 5-ضبطه المجموعة بالقناع والتشويق لا بالقمع والترهيب. قبل البدء بطرح الأفكار، يستحسن تقسيم الصف إلى مجموعات، وذلك بحسب عدد التلاميذ .(مجموعتان ، ثلاثة مجموعات أو إذا كان العدد قليلا فيمكن إبقاؤهم في مجموعة واحدة على ألا تتعدى الخمسة أو الستة أشخاص) ويعطى لكل مجموعة وقت محدد لتحضير أفكار صالحة للتمثيل (مدة إنتاج الأفكار يمكن أن تتراوح بين دقيقتين وعشر دقائق كحد أقصى وذلك وفقا للفترة المخصصة للتمارين ) . بالنسبة للمشاركين من المأطرين تعتبر مرحلة خلق الأفكار من أصعب المراحل التي يمر فيها العمل الدرامي، وذلك لمجموعة أسباب منها: 1-الخوف من استهتار الآخرين بالفكرة. 2-عدم القدرة على خلق الأفكار وذلك بسبب عدم التعود على التفكير. 3-التراجع عن الفكرة في حال توجيه تصويب لها أو انتقاد. 4-الاعتقاد المسبق بأن الفكرة غير مسلية أو غير شيقة، والخوف من طرحها في حالة حصول فراغ تام عند المأطرين مما يحول دون قدرتهم على إنتاج أفكار للدراما، عند ذلك يلجأ المؤطر إلى طريقة «العصف الذهبي» (Brainstorming) ويجري ذلك على الشكل التالي: 1-تحديد المهمة (مثلا الطلب من المجموعة تحضير مشهد حول اللون الأحمر). 2-طرح كل ما يخطر على بال المشتركين ويكون له علاقة باللون الأحمر (وردة، حب، دم، مستشفى، سيارة، لون، تفاح، بطيخ، الخ...) 3-استخدام العبارات التي قالها المشتركون في محاولة لخلق سلسلة تربط فيما بينها تمهيدا لاعتماد فكرة يتفق عليها. 4-لا يجوز إضاعة وقت كبير في طرح الأفكار، إذ يجب أن يحدث ذلك بشكل سريع لأن الهدف ليس العبارات والكلمات، بل الوصول إلى الفكرة الأساسية لذلك يجب أن لا يستغرق ذلك وقتا طويلا. 5-بعد تحديد الإطار العام للفكرة يمكن الاتفاق على البداية والنهاية والأدوار والشخصيات وبعض نقاط تطوّر الخطة، وترك التفاصيل للعملية الدرامية العفوية (الارتجال). 6-في حال بروز أحد أفراد المجموعة من خلال قدرته على طرح العبارات والأفكار أكثر من غيره، لا يجوز الاعتماد عليه وحده بل يجب التخفيف من مشاركته وإعطاء الدور لغيره لكي لا يستأثر وحده بالمشاركة، مما يحرم رفاقه من الاستفادة، لذلك يجب خلق توازن بين جميع المشاركين من ناحية طرح الأفكار والبحث حول الموضوع. 7-في حال رغب أكثر من مأطر في لعب الدور نفسه أو الشخصية نفسها، يجب على المؤطر أن يحل هذه الاشكالية عن طريق الإقناع لا الفرض، كأن يقنع أحد المأطرين بلعب دور آخر، أو أن يعيد النشاط مرة أخرى بتبديل الأدوار، أو أي حل ثالث يراه هو مناسبا بحسب المعطيات والظروف، المهم ألا يشعر أحد المشاركين بالتمييز بينه وبين رفاقه، وأن تحل الإشكاليات كافة بالاتفاق لا بالموافقة على مضض. 8-إن التوازن بين المشاركين، واستماعهم إلى بعضهم البعض، وتنسيق الأدوار من دون تمييز أو إهمال لأحد منهم، يشجعهم جميعا على طرح الاقتراحات، ويخلق جوا من الإبداع المثمر بينهم. بعد الانتهاء من مرحلة إعداد الفكرة ننتقل إلى تنفيذها: في هذه المرحلة ينبغي للمؤطر أن يترك للمؤطرين حرية التحرك والارتجال في تجسيد الأدوار المتفق عليها، وهنا قد يلاحظ المؤطر أن بعض المؤطرين قد خرج عن الموضوع أو الخطة المتفق عليها، إذ ذاك يجب عليه إعادة المسار المرسوم لتطور الأحداث من خلال ابتكار حدث أو فكرة ما تعيد تصحيح الأمر. وفي حال استمر المؤطر بالخروج عن الموضوع والتغريد خارج السرب، وبدا ذلك بدافع الاستهتار أو المشاغبة، هنا على المؤطر أن يعرف كيف يخرجه من اللعبة من دون عنف أو توبيخ، بل من خلال التدخل المباشر كأن يقول له مثلا: «والآن العب يا فلان دور الأب الذي يخرج إلى العمل» أو «والآن أنت مريض ولا تقوى على الحراك أو الكلام»، أوغير ذلك من الأفكار المناسبة لإيقاف المأطر المشاغب عن الحركة والكلام، أو لجعله يخرج من اللعبة ويكون راضيا، فيما يتابع الباقون نشاطهم بشكل طبيعي. إن دينامية المؤطر وذكاءه في إيجاد الحلول المناسبة يسهلان حصول اللعبة الدرامية ويمكننانها من تحقيق أهدافها. أما في حال وقوع المأطرين في التكرار مما يؤدي بهم إلى الملل نتيجة لإطالة النشاط من دون جدوى، فينبغي للمؤطر أن يتدخل من ضمن سياق الموضوع، ليجد الحل، أو ليضع حدا لنهاية النشاط حين يرى ذلك مناسبا . يتبع...