أنا ما تُهتُ عن وَطني، ولا تاهَتْ مراكِبُنا، ولا عَزّتْ بذاكَ الحُلمِ عن وَطني مَراسينا. هو الأقصى يُنادينا، هو القلبُ الذي بالصّدرِ مُذ نبَضَتْ عروقُ الوَهمِ يُتارِعُ النّكباتِ، هو الحظُّ الذي مِنّا يُعادينا . على أعتابِنا نبكي أمانينا، وقد شُلَّتْ أمانينا. جَثونا نَلثُمُ الصّبرَ الذي يدنو ويُدنينا؛ لذا قُمنا نصوغُ العمرَ في أمَلٍ، وكَفُّ يرتَجي النّصرَ المُراقَ لِصَوبِ بارينا . أتُرى يَهمي إذا الصّحراءُ تحمِلُنا، ويُمطِرُ في شُبّاكِ أفئدةٍ تاهَت في صحارينا؟! أيَنقُرُ ذاكرَةَ الجسدِ بينَ سماءِ الرّوحِ وغيمِ الوجدِ، يحمِلُنا وتلقانا منافينا؟! أنا الظمآنةُ الهَذلى أهيمُ الآن في وَجعي، يافا وحيفا وعكا وغزةَ، فيها أينَ ساقينا؟! نحاولُ شهقةً بالقلبِ لكن مَن يُواسينا؟! ويلاهُ من حبِّ الوطنْ، ويلاهُ من حُبِّ الوطنْ، أشقانِيَ الحُلُمُ السّقيم، أردانِيَ القدرُ العقيم، أطارِدُ الوَهمَ مُذْ فُكّتْ مَراسينا. تحتَ الرُكامِ، فوقَ رُكام الغدرِ أُخَيّةَ رقَصنا رَقصةَ المذبوحِ من فرطِ الألمْ، من وهم الألمْ! من يُنقذُ الميثاقَ من يَنبوعِه فينا؟ لا لمْ نزلْ، نبكي نُصلّي وسطَ لَهْوِ العُربِ فينا والقِمَمْ ، وهمٌ راحَ يستولي فينا ويولينا الهِمَم؟! ما غابَ وعدُ الرّبِ عنّا، لكن حيثُما حلّتْ لِمَن فينا وما فينا، كما غابَ الأنا فينا، نَطَقَتْ على ظِلِّ الهوى مرايانا، لَفظَتْ أشباهَ أشباهٍ لِما فينا . قدّت قميصَ الصّمتِ عن مُحَيّانا وعَيْناً، لم تزَلْ بالكادِ ترقُبُنا وما فينا الذي فينا! بِتنا نقودُ العتمةَ الحمقاءَ من قُمقُمِ المارِدِ المشدوهِ إيلاما؛ ليُبقي حسرةً فينا. أعَجِزتَ فينا! أًأعيَتكَ رعشةُ السّنا المُقَدّسِ في ضِيا الحُبِّ على شِفاهِ العارفينَ . قوتُنا، حسرتُنا، وتلقى الآن كسرَتُنا، كأنّا لم نزَلْ نحيا، كُنّا تِلوَ ما فينا نلوكُ العمرَ من بين الرّاغبينَ. نرتابُ من فرطِ الهوى المذبوحِ في مُقَلِ المُدُنِ ال تحتَوينا ولا تحتوينا! ويلاهُ من حُبِّ الوطنْ، أوّاهُ من جُرحِ الوطنْ، لوّحَتْ شمسُ الحرائرِ مذ تآلف صَدرُ من بَعثوا بذاك العمرِ أفئدةً وجوهَ العاشِقينَ. بالرّوحِ بالدّمِ بِصدرِنا العاري، بوَهمِنا المَخبوءِ في مُدُني، نفديكَ يا وطناً تسجّى في أكُفِّ الغائبِ المَمشوقِ قامَتُه، وما عادَ الذي فينا! يا نزفَ قلبي في الغرامِ، وفي الهُيامِ، وفي حبيبٍ قد تَجلّى صورةً حطّتْ على حائطِ المتقامِرينَ. يا لوعةَ المشتاقِ في عيونِ الفاقِدينَ. ماذا أقولُ لأجدادِنا، لمن ساروا بعَهدِ اللهِ في كفنٍ، لِمَن ما زال يَرقُبُنا، لمبعوثٍ قدَ يختارُ عتمتَه التي فينا؟! ما نفعُ قصائدِنا التي كُتِبتْ منذُ آلافِ السّنينَ؟! ماذا أُرَبّي في أحفادِنا ال ذُبِحتْ طفولَتهمْ، بُترَتْ أنامِلهمْ، قُصِفتْ مرابِعُهمْ، ديسَتْ أحلامُهم تحتَ وقعِ العابرينَ؟! وَيحَ قلبي لم يتُبْ؛ يخفِق بِجناحَي عاشِقٍ، لا زال ينشدُ الحبّ الدّفينَ على شواطئ الثكلى، وقد هانوا على أوهامِ من عَبروا وقد أسماهُم الشّاطئُ المحرومُ بالعابرينَ. للهِ درُّكِ يا بلاد الأنبياءِ، مسرى محمد، ميلادُ اليسوع، بؤرةُ المرسَلينَ. أرضُ القداسةِ والشهادةِ، مهدُ المخلصينَ.