سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأخبار الكاذبة لا يمكن السيطرة عليها إلا بالمعلومات الرسمية السريعة أ.رزين محمدباحث في مجال الاتصال السياسي عبر شبكات التواصل الاجتماعي بجامعة الجيلالي اليابس:
- الاعلام التقليدي فشل فشلا ذريعا في تسويق نفسه للفايسبوك و اليوتوب @ هل المنظومة السياسية والاجتماعية الجزائرية محصنة من الناحية الالكترونية؟ ^ هذا التساؤل يحتاج لبحوث علمية دقيقة و مفصلةو لعل ما يمكن أن نشير إليه هو تدخل وزير العدل الحالي أمام مجلس الأمة الذي صرح فيه بالعدد المهول للجرائم الالكترونية خصوصا ما تعلق بالقرصنة و محاولة الاستلاء، هذه الظواهر الالكترونية موجودة في كل دول العالم و لكن دعني أطرح سؤالا وجيها يناسب السياق الذي نعيشه: كيف يمكن للسلطة أن تحصن الدولة و المجتمع في ظل عالم كقرية صغيرة ؟ ، و الجواب هو برفع سقف الحرية و تجسيد الممارسة الديمقراطية نصا و فعلا هذا هو التحصين الحقيقي للبلد في ظل هذا العالم المنفلت من كل أشكال الرقابة. @ ظهر مؤخرا في الكثير من الدول بما يسمى بالجيش الالكتروني النظامي و البعض من المناوئين يسمّونه بالذباب الالكتروني فهل في منظومتنا الرقمية الاتصالية هناك نوع من هذا التنظيم ؟ ^ لقد برز هذا المصطلح دوليا و بشكل كبير في عمليات الانتخابات خصوصا منها الرئاسية، فقد ظهرت بشكل واضح بعض الآثار التي تدل على عمليات إلكترونية مجيشة و منظمة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أفرزت دونالد ترامب، و تمثلت هذه العمليات في غزو مواقع التواصل الاجتماعي بمضامين مؤيدة للرئيس المنتخب، ما دفع إدارة الفايسبوك إلى التعبير عن حرصها الشديد من أجل وضع حد للمضامين الكاذبة، على غرار الجدل الذي أثارته وسائل الإعلام العالمية الكبرى عن تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة الأمريكية، و كذا انتخابات الدول الأوروبية. أما في الجزائر فيبدو أن العملية قد تجلت بشكل صريح وواضح من خلال العملية التحريضية المنظمة التي قامت بها جهة مجهولة أطلق عليها رواد الفايسبوك اسم الذباب الالكتروني، ووقع بشأن هذا اختلاف في توجيه أصابع الاتهام من طرف رواد الفايسبوك بين من يرى أنها صادرة عن جهات نظامية و من يرى أنها صادرة عن جهات خارجية، على اعتبار أن السواد الأعظم من مستخدمي الفايسبوك كانوا ضد العصيان المدني. و من الشهادات المشتركة التي تثبت أن الدعوة إلى العصيان المدني هي عملية مجيشة و منظمة، أن هذه الدعوات جاءت من حسابات لا يزيد عمرها عن بضع ساعات و تم غلقها بعد فترة وجيزة جدا من قيامها بالمهمة. و على العموم يبقى هذا مجرد افتراضات فرضها السياق الحالي للأحداث، أما الحقيقة فتبقى بعيدة، ربما سيلفظها التاريخ بعد مدة من التقادم. و بالتالي نعم، أتصور أن هذا التجييش الالكتروني موجود في كل دولة و حتى ما بين الدول لغاية وظيفية، و ينشط بشكل بارز في المناسبات الحاسمة. @ في إطار مصطلح المواطن الصحفي وما ينجم عن ذلك من عدم الالتزام النهائي بشروط المهنة ،ما السبيل إعلاميا وقانونيا لمجابهة المعلومة الخاطئة والإشاعات في الفضاء الأزرق؟ ^ الجيل الحالي هو جيل الوسائط المتعددة يتميز مواطنوه بكونهم لديهم شراهة كبيرة للأخبار و المعلومات، و في نفس الوقت هم لا يملكون الوقت، قلقون، مرتبطون بالوسيلة، و لا يعجبهم شيء بتعبير شاعرنا محمود درويش و في المقابل نحن نشهد جميعنا أننا نعاني من شح كبير في المعلومات التي تهمنا، هذا الشح ناجم عن انسداد في قنوات التواصل السياسي و زوال مؤسسات المجتمع المدني و بالتالي فراغ المجتمع من الدور المهم الذي تلعبه هذه المؤسسات كوسائل لتنوير الرأي العام و التبادل السياسي بين الحاكم و المحكوم. و في ظل هذا الواقع المركب من فراغ و تعطش تكثر الانطباعات و التحليلات للأخبار المتاحة و هذا يمكن أن نسميه بخدمة صحفية من طرف مواطنين لهم كل الحق في ملء هذا الفراغ، و أيضا تتفشى الأخبار الكاذبة التي قد تكون بداعي شد الانتباه و الإعجاب خصوصا على شبكات التواصل الاجتماعي أو حتى بداعي التسلية أو ربما لدواعي أخرى لا يتسع المقام لذكرها. و بالتالي أعتقد أن الأخبار الكاذبة لا يمكن السيطرة عليها إلا بالمعلومات الرسمية السريعة التي تنور الرأي العام و تقطع حبل الشك باليقين.أماالكلام عن الفراغ القانوني فأتصور أن مهمة إعمال القانون تبدأ بعد توفر المعلومة كحق أساسي لا يمكن التنازل عنه و لا العيش من دونه. @ هل هناك دراسات علمية حديثة تشرح و تشرّح ظاهرة «فايك نيوز» خاصة عبر الفايسبوك ؟ ^ نعم هناك دراسات قاربت موضوع الأخبار الكاذبة من الناحية النفسية و الاجتماعية و المعرفية، و هناك العديد من الدراسات خصوصا منها الأمريكية التي عالجت إشكالية الأخبار الكاذبة، و مما يمكن إجماله من هذه الدراسات أن الأخبار الكاذبة أسرع إنتشارا و أكثر شيوعا و تداولا من الأخبار الصادقة و ذلك لتوفر عنصر الإثارة فيها، و فرصة الانتشار التي تحضى بها الأخبار الكاذبة قد تصل إلى 70 بالمئة أكثر من الأخبار الصحيحة على حسب التقرير الذي أعده باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنلوجيا، و لعل الأخبار السياسية الكاذبة أكثر تأثيرا من باقي الأنواع من الأخبار الكاذبة، و من بين أسباب انتشار الأخبار الكاذبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي هو القيام بمشاركة المضمون الكاذب بعد اكتفاء المستخدمين بقراءة العنوان فقط، و نشير في هذا الإطار أن خاصية المشاركة و التفاعلية التي تمتاز بها مواقع التواصل الاجتماعي جعلت من الأخبار الكاذبة سريعة الانتشار و عابرة للقارات و في اعتقادي جعلتها أيضا سريعة التلف. @ هل مؤسساتنا بمختلف تخصصاتها و توجهاتها لها تصور وخطة عمل رقمية تتصدى بها للمعلومات المغرّضة والمشكّكة في مصداقيتها ؟ ^ هذا السؤال يحتاج إلى دراسات ميدانية، ندعو الطلبة و الباحثين إلى الإقبال عليها، كما نشير إلى أننا نفترض مسبقا غياب خلايا العلاقات العامة _باعتبارها لها دور معتبر في هذا الإطار_ داخل نسبة معتبرة من المؤسسات المختلفة في الجزائر. @ هل قطاع الإعلام بوجوهه التقليدية نجح في رفع التحدّي أمام الثورة الرقمية الاتصالية ؟ ^ على العكسأصبح محاصر بشكل رهيب، محاصر بالمعلومات السريعة و محاصر بقلة البداهة الإعلامية التي تمكنه من وضع أجندة مرتبة بشكل معقول و محاصرا أكثر بالأخبار الكاذبة التي أظهرته في شكل تافه للغاية. لقد فشل فشلا ذريعا في تسويق نفسه للفايسبوك و اليوتوب، حينما تجد أن أغلب المضامين المتداولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي و التي تحظى بنسب مشاهدة عالية هي مضامين لم تخرج من استوديوهات التصوير التلفزيونية و لم تخصص لها جلسات إعداد و معالجة بل هي مضامين ارتجالية بسيطة جدا ستدرك أننا نعاني من الفراغ الإعلامي الذي صنعته هذه القنوات و أننا بحاجة إلى برامج تلفزيونية يشرف عليها المدير المحترف و يعدها الصحفي المحترف و يشتغل على توصيلها صحفي نبيه على قدر عال من التحليل و المسؤولية. شبكات التواصل الاجتماعي كشفت غباء البريستيج أمام ذكاء العفوية الواقعية. @ تشهد الجزائر مؤخرا حراكا شعبيا منقطع النظير حركته دعوات فايسبوكية مجهولة المصدر بصفتكم مختص في الإعلام هل التجاوب مع هذه الدعوات هو دليل صحة المجتمع الجزائري أم مرضه؟ ما دامت الدعوات غير معلومة المصدر؟ ^ لا، هي من الناحية الموضوعية معلومة المصدر، و مصدرها هو المعارضة السياسية غير المهيكلة و كذا المعارضة السياسية العابرة للقارات. و هنا أربط إجابتي هذه باجابتي عن سؤالك الأول، و أشير إلى أن هذا الحراك ما هو إلا نتيجة لدعوات تراكمت على مدار سنين كانت مخزنة في العقل الباطن للشعب الجزائري و لكنها وجدت الفرصة الحقيقية لتتجسد على أرض الواقع بعد إعلان الأخ المجاهد عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لولاية خامسة. إذن الأمر لا يتعلق فقط بمصدر المعلومة بل يتعلق أكثر بفهم سلوك المجتمع و كيفية استجابته. ولذلك أكرر مجددا أن التحصين المثالي للدولة و الشعب في ظل هذا العالم المنفلت هو رفع سقف الحرية و تكريس الديمقراطية شكلا و مضمونا و ممارسة، و كذا توفير المعلومات الرسمية السريعة التي تقطع حبل الشك باليقين.