شهر كامل يمر على مسيرات الجزائر السلمية المناهضة للسلطة، مسيرات يضرب لها المواطنون موعدا في كل جمعة، موعد للتاريخ .. موعد للتغيير .. وموعد للمواقف .. وموعد في مظاهرات سلمية لا تختلف في شيء عن سابقاتها، مسيرات سلمية يجوب فيها المواطنون في العاصمة وفي كل ولايات الجمهورية الشوارع الكبرى مطالبين بتغيير النظام ... موعد يضرب له الجزائريون للجمعة الخامسة على التوالي مع المسيرات والوقفات الإحتجاجية التي بدأت يوم 22 فيفري رفضا لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفيلقة لعهدة رئاسية جديدة، واستمرت لرفض القرارات التي أعقبت تأجيل الانتخابات الرئاسية وإجراء تغيير حكومي، هاهم الجزائريون يهبون هبّة واحدة من أجل جزائر الغد. اكتظّت أغلب شوارع العاصمة، أمس، في خامس جمعة على التوالي بجموع المواطنين الذين أتوا من كل مكان، البريد المركزي، شارع حسيبة بن بوعلي، ساحة أوّل ماي، شارع ديدوش مراد، كلّهم عزم من أجل التغيير والوقوف ضد القرارات التي اتّخذها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، مطالبين برحيل النظام. رجال، نساء، أطفال وحتى من كبار السن، لم تستثن المظاهرات فئة معيّنة من المجتمع، دفعهم مطلب واحد وهو التغيير ورحيل النظام الحالي، مسيرات سلمية، عرفت الكثير من مظاهر التحضّر، فبعد الصور التي جابت مواقع التواصل الاجتماعي والتي تبرز شباب في عمر الزهور يقومون بجمع نفايات المسيرات وبعد صور التآزر بين الجزائريين من خلال إقدام العديد من العائلات بإطعام الشباب المشاركين في المسيرات بتقديم أكلات الكسكسي وتوزيع التمور، هاهي بعض النسوة تقمن بتوزيع الحلويات التقليدية على جموع المتظاهرين. «الرحيل» الشعار السائد كما لم يمنع سوء الأحوال الجويّة، نزول المتظاهرين للشارع، فرغم الأمطار التي تهاطلت على العاصمة، أمس، إلا أن هذا لم يزدهم إلا عزم على مواصلة المسيرات والالتحاق بها في خامس جمعة، حيث توافدت العديد من العائلات والشباب على ساحة البريد المركزي، حتى قبل صلاة الجمعة، لتضرب لها موعدا مع التاريخ من أجل جزائر حرّة ديمقراطية. كما، برزت، العديد من الشعارات على شرفات المنازل المحاذية لشارع ديدوش مراد والتي تشكر الشرطة ويثني على حسن تعاملها في تأمين المظاهرات الشعبية، مثلها مثل الشعارات والهتافات التي نادى بها المتظاهرون من أمثال « الشعب الشرطة والجيش خاوة خاوة»، وغيرها من الشعارات التي حملها المتظاهرون كرمز لسلمية المسيرات وكذا شعارات «الرحيل.. الرحيل».. كما، تم تخصيص حافلات لنقل مئات المتظاهرين من بلديات البويرة إلى الجزائر العاصمة، للمشاركة في المسيرة المليونية، في وقت لا توجد حواجز على الطريق السيار شرق غرب، مثل ما عرفته المسيرات الماضية، حيث التحق المئات من المتظاهرين من مختلف الولايات المجاورة للعاصمة للمشاركة في مسيرة العاصمة، باعتبارها الأكبر مقارنة بالولايات الأخرى. وما يميز هذه الجمعة الخامسة أنها تأتي في الوقت الذي خاب ظن من كانوا يراهنون على ضيق نفس الشعب، وهدوء الغضب مع مرور الوقت، غير أن الواقع بيّن عكس ذلك، فقد بات الحراك ككرة ثلج يكبر يوما بعد آخر، وانضمت إليه جميع الفئات والقطاعات، والتحق به منذ نهاية هذا الأسبوع حتى الأحزاب التي كانت تدّعي أنها «موالية للسلطة». «كرة ثلج « المسيرات تكبر وتزيد سمكا كلّ جمعة، والمواطنون يعدون في كل جمعة بجمعة أكبر، ويوفون بوعودهم ... ، مسيرات أرادها الشعب سلميّة وأرادها للتغيير، في انتظار ما ستسفر عليه بداية هذا الأسبوع رّبما من قرارات أخرى ستحاول السلطة من خلال إخماد نار المتظاهرين، يبقى الشارع في كل جمعة يلتهب ويقف وقفة الرجل الواحد من أجل التغيير والخروج بجزائر أكثر قوّة وأكثر صلابة ... جزائر تركها مليون ونصف مليون شهيد أمانة في أعناق شبابها.