هل الجزائر تعيش أزمة نظام سياسي فاسد ومتهالك يطالب الشعب بإسقاطه عبر الحراك السلمي بمسيراته السلمية المليونية وتعويضه بنظام ديمقراطي ؟أم أنها تعيش ثورة شعبية عميقة لا تختلف من ناحية محتواها الاجتماعي والفكري والسياسي عن ثورة أول نوفمبر1954التي أجهضتها دفعة لاكوست ؟ إننا عندما نرى جميلة بوحيرد أيقونة الثورة تقف في صف الطلبة معاتبة أعوان الشرطة ندرك معنى هذا الحراك الوطني الرائع الهادف الى إنقاذ الوطن من عصابة النهب المنظم والمقنن من رجال السياسة والمال والأعمال الذين استباحوا المال العمومي وأعماهم الطمع والجشع فلم ينتبهوا الى المؤامرات والمخططات الإجرامية المحدقة بالبلاد: وهذا ما أكده يوم الثلاثاء الفريق قايد صالح رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني في خطابه بالبليدة قائلا «توصلنا إلى معلومات مؤكدة حول التخطيط الخبيث للوصول بالبلاد إلى حالة الانسداد الذي تعود بوادره الى سنة 2015 حيث تم كشف خيوط هذه المؤامرة وخلفياتها وسيجري العمل لتفكيك الألغام التي زرعها أولئك الفاسدون المفسدون في مختلف القطاعات والهياكل الحيوية للدولة وسيتم تطهيرها»، وقد عرفت تلك السنة الأزمة الخطيرة بغرداية وما تخللها من صراع وعنف واستمرت عدة أشهر ولم تنته إلا بتدخل الجيش الوطني الشعبي وقبلها وقع هجوم تيڤنتورين في عين أميناس الذي استهدف منشآت الطاقة هناك وقد اقيل بعدها مسؤول المخابرات الجنرال توفيق والذي تلقى مؤخرا إنذارا من الفريق قايد صالح الذي طلب منه الكف عن تحركاته المشبوهة علما أن عدة تغيرات وقعت مؤخرا على راس الأجهزة الأمنية بما في ذلك الأمن العسكري الذي كان ملحقا بالرئاسة الذي كان يرأسه الجنرال طرطاق المتقاعد الذي أقيل مؤخرا ,فالعمل جار لتنظيم وضبط هذه الأجهزة لتعمل في إطار القانون وتقوم بالدور المنوط بها لحفظ الأمن وحماية الشعب والوطن. وعلى المستوى السياسي تتواصل الاستقالات والإقالات في قمة هرم السلطة وبعض المؤسسات الهامة تحت ضغط الحراك الشعبي المدعوم من المؤسسة العسكرية. فقد أقال بوتفليقة حكومة أحمد أويحيى الوزير الأول السابق ثم استقال ولحق به رئيس المجلس الدستوري وقام عبد القادر بن صالح رئيس الدولة المعين بإقالة عدد من ولاة الجمهورية ومعهم عبد المومن ولد قدور المدير العام لمؤسسة سوناطراك. كما تحركت العدالة بقوة لتنفض الغبار عن ملفات ثقيلة كانت مخبأة وبدأت ساعة الحساب لرموز الفساد من أصحاب المال والمتواطئين معهم حيث استدعت أحمد أويحيى الوزير الأول السابق ولوكال وزير المالية والمدير السابق للبنك الجزائري وأودعت رجال الأعمال اسعد ربراب والإخوة كونيناف الحبس الاحتياطي وحركت ملف سوناطراك 1و 2 المتورط فيه وزير الطاقة السابق شكيب خليل في انتظار الباقي. فنحن أمام معركة ذات أبعاد متعددة سياسية وقضائية ومالية وأمنية تتطلب الحذر والانتباه نظرا لرد الفعل فالمعنيون لن يستسلموا للأمر الواقع بسهولة وسيحاولون حماية أنفسهم ومصالحهم بتأزيم الوضع والدفع بالمتظاهرين إلى العنف ونشر الإشاعات والبلبلة والتفرقة الجهوية والعنصرية لإفشال الحراك السلمي ليستمروا في الحكم. ولهذا وجه الفريق ڤايد صالح الدعوة إلى المواطنين لتنظيم وتأطير المسيرات وحمايتها من الاختراق وهذا ما يؤكد وجود الخطر سواء من الداخل أو الخارج فهناك من لايريد الخير لنا ويتربص بنا الدوائر وعلينا بالصبر والتعاون من الجيش الوطني الشعبي وقيادته ومواصلة النضال حتى تحقيق مطالبنا وأمانينا وليس ذلك بمستحيل ولا ببعيد (ترونه بعيدا ونراه قريبا).