دخل الحراك الشعبي يوم أمس جمعته العاشرة ليمر على انطلاقه يوم 22 فبراير مدة شهرين ونصف عرفت عددا كبيرا من المسيرات السلمية عبر كل مناطق الوطن شملت كل فئات المجتمع من قضاة محامين أطباء و طلبة الجامعات ومعلمين وأساتذة وإعلاميين، عمال من مختلف القطاعات بما فيهم الأشخاص المعاقين ومتقاعدي الجيش ،دون أن ننسى المرأة التي احتفلت بعيدها العالمي هذه السنة على إيقاع الحراك الشعبي حاملة مطالبها و انشغالاتها مثلها مثل كل الذين انضموا إلى هذه الهبة الشعبية مطالبين بالتغيير، ورافضين كل الرفض ما فرض عليهم من وجوه النظام القديمة التي لها يد في ما آل إليه حال البلاد و العباد من تدهور و معاناة فئات واسعة من الجزائريين وعلى رأسهم الشباب الجزائري الذي حمل لواء الحراك بكل شجاعة و تصميم، وأراد أن تظل هذه المسيرات سلمية مهما حدث، ومهما طال أمد هذا الحراك، فالشباب الذي خرج منذ عشر (10) جمعات، في مسيرات تكاد تكون يومية، حمل شعارات ومطالب كثيرة، مدعوما بفئات الشعب الأخرى التي نددت بالفساد والوجوه السياسية التي لا يريدها الجزائريون وفرضت فرضا على المشهد السياسي، كما حققت مسيرات أيام - الجمعة - السابقة، جزء مهما من مطالب الحراك الشعبي فيما لا تزال مطالب أخرى عالقة تنتظر أن يستجاب لها . إن الحراك الشعبي قد حول الشوارع والساحات العمومية إلى منابر لحرية التعبير والمطالبة بالحقوق ورفع مطالب الشعب الذي كان يجد كل أبواب الحوار مغلقة أمامه، بل كانت الهيئات المنتخبة التي من المفروض أن تمثله، وتتبنى مطالبه بعيدة كل البعد عنه، وبهذا تكون المسيرات السلمية قد نجحت إلى حد كبير في إيصال انشغالات الناس إلى من يهمه الأمر، بل أبعد من ذلك استطاع الشعب في حراكه هذا أن يفتح ملفات، ويتيح المجال لفئات فاعلة في المجتمع وقطاعات هامة من أجل أن تعبر عن نفسها و تطالب بحقوقها داخل هذا الحراك، ونقصد هنا قطاع العدالة ممثلا في القضاة و المحامين. لا أحد يمكنه اليوم أن ينكر ما تحقق من ثمار الحراك الشعبي، بعد أن تحركت الأجهزة المعنية بمحاربة الفساد، وتمت إقالة الكثير من المسؤولين من مناصبهم ، وتم سجن رجال الأعمال المتورطين في قضايا الفساد، وأصبح حديث الشارع يصب في هذه القضايا، وما خلفته من خسائر للاقتصاد الوطني و للشعب الجزائري في المقام الأول. ولعل أهم ما نلاحظه بعد أن دخل الحراك الشعبي جمعته العاشرة، هو تجاوب قيادة الجيش مع الشعب حيث تتابع عن قرب تطورات هذا الحراك من أجل الوصول إلى مخرج للوضع الراهن بالاستجابة إلى المطالب. وهي المطالب والمقترحات التي أكد وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة عقب اجتماع مجلس الحكومة على أن الجزائر تحتاج حاليا إلى بلورة الشعارات والمطالب التي يرفعها ملايين الجزائريين في مسيرات الجمعة السلمية في شكل مقترحات مبنية على حوار جاد تشارك فيه كل الأطراف بما فيها الأحزاب السياسية والجمعيات وهو الحوار الذي يتطلب تعيين كفاءات لتمثيل المتظاهرين للوصول بالبلاد إلى بر الأمان عبر انتخابات رئاسية حرة وديمقراطية ونزيهة دون إقصاء الدولة من هذا الحوار وكل هذا من أجل المصالح العليا للبلاد . هي مرحلة أخرى يريدها البعض للحراك بتجسيد الحوار بعيدا عن المسيرات في الفضاء العمومي من ساحات العمومية وشوارع بهدف الاستجابة لمطالب ومقترحات الشعب ويبقى المرجو هنا هو أن تتحقق مطالب الشعب ويؤتي هذا التحرك للشعب ثماره.