استمرت المظاهرات أمس في بعض الولايات تمهيدا لمسيرة ضخمة منتظرة اليوم، ستكون السادسة منذ 22 فيفري الماضي، وهي بمثابة رد على اقتراح صدر عن رئيس أركان الجيش يتعلق بتفعيل المادة 102 من الدستور. وبدا نشطاء الحراك، وهم يحضِّرون للمظاهرة الجديدة، عازمين على تبليغ قايد صالح رفضهم للمقترح، وأنهم يرفضون أي ترتيب يشرف عليه النظام. شنّ عمال بلدية غليزان صباح أمس إضرابا عن العمل بمدخل البلدية، أيدوا من خلاله الحراك الشعبي وطالبوا برحيل سيدي السعيد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين. كما استنكروا ظروف عملهم والأجر الزهيد الذي لا يلبي حتى أدنى متطلبات العيش الكريم. وقد ردد المضربون من عمال مقر البلدية والملحقات موزعة عبر كامل ترابها جملة من الشعارات، أبرزوا من خلالها المعاناة الكبيرة التي يعيشها العمال، والتي نغصت حياتهم اليومية وحرمتهم من أبسط ضروريات العيش الكريم، حيث طالبوا بضرورة تسوية وضعية العمال المتعاقدين وفتح مناصب شغل، بالإضافة إلى رفع الأجور، إذ يتقاضى العامل مرتبا شهريا أدنى من باقي المؤسسات، ”لا يكفيهم حتى لمصروف شهر”، ومنها يدخل السّواد الأعظم منهم في الاستدانة ”الكريدي”. ولم يغفلوا مطلب إدماج المتعاقدين الذين لم يهضموا التأخر الكبير في تسوية وضعيتهم. كما طالبوا بتسوية وضعية العمال المشغلين في إطار عقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية، سيما من وُظف منذ 1996. بالإضافة إلى رفع المردودية إلى 40% على غرار باقي قطاعات الوظيفة العمومية. وصبّ المضربون جام غضبهم على سيدي السعيد الذي قالوا إنه لم يدافع عن العمال بل كان يعمل لمصالح الشخصية. وأيدوا الحراك الشعبي. من جهة أخرى شرعت أطراف حزبية وانتخابية من أحزاب الموالاة في ولاية الطارف في حملة تكسير الحراك الشعبي وإجهاض الاستجابة للمسيرة السلمية السادسة هذا الجمعة، ومحاولة إقناع الفئات والشرائح الاجتماعية بأن قائد أركان الجيش قد استجاب لمطالب الشعب بطلبه تفعيل المادة 102 من الدستور. غير أن هذه الحملة اصطدمت بوعي وقناعة الجميع، بمزيد من المظاهرات وبرمجة المسيرات السلمية وتنظيمها من مختلف الجوانب. وفي سياق متصل ظلت القيادات المحلية لأحزاب التحالف في عزلة عن قواعدها التي انضمت للحراك الشعبي، وترقبت مواقف المؤسسة العسكرية لتفسيرها بما يساعد على الالتفاف على المطالب الشعبية، ومحاولاتها لإضعاف نسبة المشاركة في المسيرات السلمية التي تزداد إقبالا من جمعة لأخرى ابتداء من 22 فيفري، وقد ازدادت حجما بفضل الخرجات الأسبوعية للمحامين والقضاة وأساتذة الجامعة، وتوسعت إلى الفعاليات والكوادر بمختلف القطاعات التنموية والبلديات، وينتظر أن تتوسع بداية من هذا الأسبوع إلى عمال وموظفي قطاعات حساسة. أما في تيزي وزو فقد التحق أمس موظفو وعمال قطاع الثقافة ودار الثقافة مولود معمري، إلى جانب فناني الولاية، بالحراك الشعبي من خلال تنظيم مسيرة سلمية بشوارع مدينة تيزي وزو، عبروا خلالها عن تبنيهم المطلب الشعبي وهو رحيل النظام وإحلال نظام سياسي عادل محله ينتخب الشعب ممثليه بكل شفافية وديمقراطية، رافعين شعارات ”سيستام ديقاج”، ”الشعب يريد تطبيق المادة 2019 التي تقول تتناحو قاع”، ”قطاع الثقافة مع الشعب”. وانطلقت مسيرة موظفي وعمال قطاع الثقافة والفنانين من دار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو باتجاه وسط المدينة، مرورا بالشارع الرئيسي الشهيد عبان رمضان. ولدى الوصول إلى متحف مدينة تيزي وزو، تجمع المتظاهرون، بفناء ذات المكان لترديد الشعارات المطالبة بالتغيير، رافعين العلم الوطني ولافتات تعكس موقفهم من الحراك الشعبي. من جهتهم فضل فنانو ولاية تيزي وزو مواصلة مسيرتهم باتجاه ساحة الزيتونة المتواجدة بالمدخل الغربي لمدينة تيزي وزو، رافعين شعارات تطالب بالحرية للفنان وبرحيل النظام الفاسد. والتحق أمس عمال عن مؤسسة ”متيجة حدائق” في البليدة بحراك الشارع الذي تفجر في 22 فيفري الماضي، وشددوا في وقفتهم الاحتجاجية على ضرورة تطبيق المادة 07 من الدستور، والتي تقر بأن الشعب هو مصدر السلطة.