تؤكد تصريحات وزير العدل حافظ الأختام بلقاسم زغماتي على استقلالية العدالة والنفس الجديد وقوة الدفع التي استفاد منها هذا القطاع نتيجة الحراك الشعبي. حيث يشير الوزير إلى أن استقلالية القضاء ليست امتيازا، بل هي مسؤولية مفروضة على القضاة نظرا للعدد الكبير لقضايا الفساد التي طالت المال العام والأراضي والعقارات والصفقات العمومية وحتى ملف تسيير العدالة على ضوء قضية وزير العدل حافظ الأختام السابق الطيب لوح الذي أودع سجن الحراش على خلفية قضايا التحريض على عدم تطبيق القوانين وتهم أخرى، وفي ظل هذه القضايا الشائكة والمتشعبة تجد منظومة العدالة نفسها أمام ملفات وقضايا وجرائم تتطلب المسؤولية والوعي والذكاء في معالجتها والحرص على تطبيق القوانين ضمن الحرب المعلنة على الفساد أينما كان سواء في أعلى هرم السلطة أو في أسفله. ولهذا فإن القضاء فتح جبهة جديدة لمحاربة الفساد على مستوى المجالس الشعبية البلدية، والولائية حيث تبرز قضايا نهب الأراضي والعقار الفلاحي الذي حول لقطاع البناء من قبل بعض الولاة ورؤساء المجالس الشعبية البلدية ورؤساء الدوائر، حيث يستشري الفساد الإداري والصفقات المشبوهة التي تمت و أبرمت بعيدا عن القانون، ومن هذا المنطلق فإن استقلالية العدالة ليست امتيازا ولا تشريفا بقدر ما هي مسؤولية ثقيلة تقع على كاهل رجال القانون الذين يجدون أنفسهم أمام كم هائل من قضايا السلب والنهب والاختلاسات وتجاوز القوانين ميزت سنوات من التسيير الفاسد للمال والعقار العامين... فهؤلاء القضاة يتناولون بالبحث والتحقيق جرائم اقتصادية كبرى ارتكبها رجال سياسة بارزون، ومسيرون في الإدارات المركزية والمحلية في الأموال العمومية ومقدرات البلاد وغيرها التي تصرفوا فيها كما يتصرفون في أموالهم الخاصة ،متجاهلين أو متعمدين الاستيلاء عليها ونهبها بحكم مناصبهم وقوة نفوذهم . إن استقلالية القضاء والعدالة هي مكسب هام يحصل عليه هذا القطاع بفضل الحراك الشعبي، بعد عقود من الزمن كان خلالها تحت رحمة من بأياديهم السلطة والذين حولوه إلى قطاع في خدمتهم وتحت تصرفهم الكامل حيث كانت القوانين والقضايا تكيف حسب ما تمليه وتتطلبه المصلحة، وتطبق القوانين بالشكل الذي يحمي مصالح من بيدهم النفوذ والقرار، وسلطة التلاعب بالقوانين من باب الكيل بمكيالين، وبعيدا جدا عن مبدأ وشعار «القانون فوق الجميع». ومن هنا تصبح استقلالية القضاء حملا أكثر ما هي امتياز ما دام التحدي الكبير الذي يفرض نفسه على القضاء هو قضايا كبرى ضمن حملة محاكمة نظام بكامله احترف الفساد، ولبس حلة السيد الذي يتمرد على القوانين والتشريعات لتكون النتيجة كارثة ضخمة عنوانها دولة للفساد - داخل الدولة .