الدستور الجزائري يؤكد وجود السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية لكن السلطة التنفيذية هي التي تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في الدولة والامر والنهي بيدها وقراراتها هي النافذة والاكثر من ذلك ان سلطة السلطات كانت مجسدة في شخص رئيس الجمهورية وقد ورد في المادة 156 من دستور 2016 (السلطة القضائية مستقلة وتمارس في اطار القانون , ورئيس الجمهورية ضامن استقلال السلطة القضائية). فالرئيس هو الضامن وليس الدستور وقوانين الجمهورية ومن المفارقات أن يكون وزير العدل السابق في السجن بتهم الفساد فكيف يتحقق العدل في ظل هيمنة السياسي وتحكم الادارة وتسلط المسؤولين واصحاب المال الوسخ والنفوذ وتعطيل اجهزة الرقابة الامنية والقضائية وتجميد الملفات السوداء والغاء المتابعات ضد المتورطين فيها والتوظيف السياسي للقضاء الذي افرز عدالة الليل كما قال رئيس نقابة القضاة السعيد مبروك في تصريح له الاسبوع الماضي في اشارة للتدخلات والضغوطات التي كان يتلقاها القضاة لإجبارهم على اصدار احكام لصالح جهات معينة ولكن ذلك الزمن يبدو أنه قد ولى وتلك التصرفات الخاطئة قد أتى عليها الحراك السلمي الذي حرر العدالة التي تصدر الاحكام والقرارات باسم الشعب حيث تكون مطابقة للشرعية القانونية والدستورية والشرعية الشعبية باعتبار الشعب صاحب السلطة وفقا للمادة 7 من الدستور ونصهما ( الشعب مصدر كل سلطة والسيادة الوطنية ملك للشعب وحده ). فالقاضي ملزم بالتقيد بمبدأ الشرعية كما يقول رئيس نقابة القضاة الذي اكد عدم ارادة سياسية لتجسيد استقلالية القضاء وتفعيل قاعدة فصل السلطات مما أساء الى العدالة الجزائرية فالقاضي مطالب بالتقيد بالقانون وحده والضمير المهني وعدم الخضوع للضغوط والتدخلات الخارجية مهما كان مصدرها ونوعها فيكون سيدا في أحكامه وقراراته وقد حققت العدالة الجزائرية انجازات معتبرة في هذه السنة بفضل هبة الشعب عبر الحراك السلمي لكنها مطالبة بتجنب التشفي والانتقام وان تقام بمعالجة ملفات الفساد بموضوعية وتوعية المجتمع ومؤسساته كالمدرسة والاسرة بمخاطر الفساد للوقاية منها كما على الدولة مراجعة وضعية القضاة المادية والاجتماعية والعمل على تحسينها لان القضاة لم يستفيدوا من ريع النفط إن استقلالية القضاء أمر ضروري ومهم ليقوم بوظيفته في محاربة الظلم والتعسف ونصرة الحق وارساء دعائم القانون واشاعة السلم والامن والاطمئنان في الدولة والمجتمع ويجب أن نحول النصوص الدستورية والقانونية الى واقع ملموس بالفصل بين السلطات والحد من هيمنة وطغيان السلطة التنفيذية التي جعلت نفسها فوق القانون واحتكرت التصرف باسم الدولة كما يجب الرفع من مستوى القضاة ماديا ومعنويا واعطائهم مكانة مميزة في المجتمع ليكونوا قدوة لغيرهم ولحمايتهم من الفساد والمفسدين وجعلهم يركزون جهودهم على اداء مهامهم بكفاءة واقتدار.