طالب غالبية نواب المجلس الشعبي الوطني, مساء يوم الأربعاء, بإعادة النظر في الضريبة على الدخل التي تمس مباشرة رواتب الموظفين بهدف بسط نظام ضريبي عادل وتخفيض ثقل الرسوم و الضرائب على المواطنين، معتبرين ان نسب الضرائب التي يدفعها المواطن البسيط مقارنة بدخله تتجاوز نسب الضرائب المفروضة على أرباح المؤسسات و المستثمرين و التجار و أصحاب المهن الحرة. كما طالب النواب, خلال جلسة المناقشة الليلية لمشروع قانون المالية 2020, بمراجعة الإعفاءات و التخفيضات الضريبية المقررة في فائدة المستثمرين و المؤسسات و ضرورة توسيع الوعاء الضريبي و تحسين التحصيل الضريبي لضمان مصادر تمويل جديدة للخزينة العمومية من اجل ضمان توزان الميزانية من جهة و تخفيض الضغط الضريبي للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين من جهة اخرى, خصوصا و أن مشروع القانون يفرض رسوم جديدة دون ارتقاب زيادات في الأجور. وفي هذا الصدد طالب النائب عبد الجبار تزير (حركة الانفتاح) بالإسقاط "الكلي" للضريبة على الدخل المفروضة على الموظفين بنظام الاقتطاع من المصدر في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وإعادة النظر في الامتيازات الممنوحة للمستثمرين والمؤسسات و هذا بهدف بسط نظام ضريبي وطني عادل يمس كل الشرائح بنسب متطابقة مع مستويات مداخيل كل فئة. واعتبرت النائب ليندة فارح (التجمع الوطني الديمقراطي) ان الضريبة على الدخل هي "مقصلة" لأجور المواطنين و"إجحاف" في حقهم في العيش الكريم مطالبة بمراجعة نسبها بالنسبة لأصحاب الدخل المتوسط والغائها كليا بالنسبة لأصحاب الدخل الضعيف، مشيرة الى ان قيمة الإعفاءات الضريبية المقررة في فائدة أصحاب المشاريع و حجم التهرب الضريبي لرجال الاعمال هم "أكبر" من الضرائب التي يدفعها المواطن و تثقل كاهله، داعية الى تشديد التحصيل الضريبي على مستوى اصحاب الاموال وتخفيف عبئه على المواطنين البسطاء. و من جهته قال النائب دقموس دقموسي (جبهة الجزائر الجديدة) ان مشروع قانون المالية يأتي في وضع اقتصادي و اجتماعي "يدعو للقلق" سببه قوانين المالية السابقة التي منحت امتيازات لمستثمرين و مصانع أدت الى "عبث و نهب" للأموال العمومية", مطالبا بمراجعة الإعفاءات و التخفيضات الضريبية المقررة في فائدة المستثمرين و المؤسسات و ضرورة إعادة النظر في النظام الضريبي و تحسين النظام البنكي و المالي في فائدة الاقتصاد الوطني. و انتقد النائب رابح بلمختار (حزب الكرامة) مشروع قانون المالية الذي تضمن رسوم جديدة دون ارتقاب رفع في أجور المواطنين و محافظته على الاجر الوطني القاعدي المضمون في مستوى 18.000 دج, مضيفا ان هذه الوضعية ستعقد من حالة الطبقة البسيطة و المتوسطة خصوصا في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين. و انتقد غالبية النواب, من جهة أخرى, الرسوم الجديدة التي اتى بها مشروع القانون, كالرسم على السيارات, و كذا مراجعة نسب رسوم و ضرائب أخرى, و حتى الضريبة على الثروة الذي يعتبر إجراء "شعبوي" حسبهم, و هذا في ظل غياب الأدوات و الميكانيزمات المرافقة له و التي ستسمح بالتحديد الفعلي لأصحاب الثروة و حجم أموالهم و من ثم القدرة على تحصيل هذه الضريبة. كما انتقد غالبية النواب تغاضي مشروع القانون عن الإجراءات التي يمكنها جذب الأموال المتداولة في السوق الموازية و ضخها في تمويل الاقتصاد الوطني, سواء من حيث تطوير جاذبية البنوك, خصوصا بإعتماد الصيرفة الإسلامية, او بإنشاء مكاتب الصرف لامتصاص كتل الأموال المتداولة في السوق السوداء للعملة الصعبة. و تحفظ نواب آخرون على مقترح التخلي عن القاعدة 49/51 التي تحكم الإستثمارات الأجنبية بالجزائر, دون التحديد الفعلي للقطاعات التي ستستثنيها هذه القاعدة, قائلين ان الحكومة "تفتفد لخطة عمل فعلية في هذا المجال و ان تطبيق هذا القرار سيستلزم نصوص تطبيقية سيطول تحضيرها و تطبيقها في ارض الواقع". و بخصوص الاستدانة الخارجية من هيئات مالية بغرض تمويل مشاريع إقتصادية, انتقد بعض النواب هذا المقترح, معتبرين ان دوافعه "هي نفسها تلك التي قدمت عند اللجوء الى التمويل الغير التقليدي, و الذي لم ترى نتائجه في الميدان", مطالبين في هذا الصدد, وزير المالية, بتقديم "عرض مفصل حول نتائج التمويل الغير التقليدي و كذا قيمة الأموال التي ضخت في السوق الوطنية في هذا الإطار و كيفية استرجاعها". و في حين ثمن بعض النواب إجراء السماح للمواطنين باستيراد السيارات المستعملة مطالبين بتوسيعها الى سيارات البنزين و الديازال على حد سواء و رفع سن هذه السيارات من اقل من ثلاث سنوات الى اقل من خمس سنوات, تساءل نواب آخرون عن مصير مصانع تركيب السيارات التي أقيمت بالجزائر من طرف مستثمرين خواص بأموال بنوك عمومية, مطالبين بتقديم توضيحات عن كيفية استرجاع البنوك لهاته الأموال العمومية. للتذكر, كان وزير المالية، محمد لوكال, قد عرض صباح اليوم الأربعاء مشروع قانون المالية 2020 على المجلس الشعبي الوطني في جلسة علنية ترأسها سليمان شنين رئيس المجلس و حضرها عدد من الوزراء. و من المنتظر ان تتواصل مناقشة مشروع القانون من قبل النواب في جلسة علنية صباح الخميس, على ان يكون تدخل رؤساء الكتل البرلمانية و من ثم رد الوزير على انشغالات النواب في الجلسة المسائية. و سيعرض مشروع قانون المالية 2020 للتصويت من طرف النواب يوم الخميس المقبل.