تشهد مدن الجزائر توسعا كبيرا وفق مخططات التوسع العمراني الذي تبنته الدولة عبر مختلف صيغ السكن المقترحة على المواطنين و في خضم هذا التحول و التغيرات الكبرى والتسابق نحو بناء المزيد من التجمعات السكانية، بدأت مناطق هامة من مدننا تعاني الإهمال و لا تحظى بالعناية التي كانت توليها لها الجهات المعنية و إلا كيف لنا أن نفسر بقاء العديد من شبكات صرف المياه مسدودة دون أن تتدخل مصالح النظافة من أجل إصلاحها ، بل إن المتجول اليوم في أنحاء مدينة كمدينة وهران يقف على الوضعية المزرية لوسط المدينة الذي فقد بهاءه وبريقه ، ناهيك عن حالة البنايات التي طالتها أيادي الإهمال ، وغمرها غبار النسيان، وغاب الحس المدني لدى سكانها ليصبح منظرها يبعث على الأسف و التحسر على ما آل إليه بهاء مدينة وهران و من المؤسف أن نجد أن حالة التدهور و اللامبالاة قد شملت كل مجال أو كادت و لسنا هنا لنفتح ملف التخلص من الفضلات المنزلية الذي لا يزال يؤرق القائمين عليه والمواطنين على حد سواء ،بما في ذلك حال المناطق المجاورة للأسواق التي تمتلئ بركام الفضلات و الأوساخ ، و لا نحن هنا لنلقي نظرة على الأرصفة المهترئة ، لكننا نود أن نشير إلى منظر البنايات في وسط المدينة والأحياء المجاورة القديمة جدا أو الحديثة فهي تبكي حالها بفعل الإهمال و عدم التزام ساكنيها بالنظافة و الصيانة ،و أيضا تدهور وضعها مما تسبب في مشكلة بيئية من تراكم للنفايات المنزلية ، و سكنات في حاجة ماسة إلى إصلاحات و نظافة و عناية على الأقل لأنها تمثل جزء من تاريخ مدينتنا لا نريده أن يصبح آيل إلى الاندثار و السقوط مثل ما حدث مع أحياء عتيقة وعريقة غدت اليوم كالأطلال بناياتها قائمة هنا وهناك تذكر سكان هذه المدينة بصفحة من تاريخهم . إننا اليوم في هذه الوقفة لا نحاول إنكار أهمية البنايات الجديدة والتوسع العمراني المعاصر ،كما أننا لا نجهل ضرورة تبني مخططات و تصاميم جديدة لبناء و إنجاز مدن لمستقبل الذكية التي تقتضي تقنيات و مرافق خاصة جدا ، لكننا نأسف كثيرا و نحن نرى مدن الجزائر كلها تطوي صفحات من تاريخها و تردمه تحت غبار النسيان و الإهمال، دون أن تتحرك الجهات المعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر الترميم وإعادة التهيئة، و لا يختلف اثنان في أنه جميل جدا أن تتوسع مدننا في كل اتجاه و تحل أزمة السكن لاستعادة المواطن الجزائري كرامته ، و تتوفر تلك التوسعات الجديدة على كل متطلبات الحياة العصرية والمرافق الضرورية ،لكن هذا لا يمنع أبدا أن تحظى المدن بالعناية ، و أن تحل محل البنايات التي يتم ترحيل سكانها بنايات عصرية تليق بمدننا، بدلا من أن تترك فارغة خاوية على عروشها و هو ما يحدث في ظل تبني الدولة لمخططات عصرنة و إعادة اعتبار لمختلف الأوعية العقارية المتاحة إذا كنا نطمح حقا إلى الدخول إلى مرحلة العصرنة و المدن الذكية و تبني كل ما تتيحه وسائل التكنولوجيا من تقدم وخدمات راقية .