سيشكل تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجزائروتركيا, الذي عرف ديناميكية كبيرة خلال السنوات الأخيرة بفضل تجسيد عدة مشاريع استثمارية بالشراكة و رفع قيمة المبادلات التجارية, محور منتدى اعمال جزائري-تركي سينعقد اليوم الأحد برئاسة الوزير الأول عبد العزيز جراد و الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. و سيشهد اللقاء- الذي ينظم بعد ظهر اليوم على هامش الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس التركي الى الجزائر- أزيد من 150 رجل أعمال تركي يقدم لاستكشاف فرص جديدة للشراكة والاستثمار في ظل التطورات الايجابية التي عرفها مؤخرا التشريع الجزائري, لاسيما تعديل قاعدة 49-51 بالمئة التي تحكم الاستثمارات الأجنبية. وتتواجد في الجزائر حاليا حوالي 1.000 مؤسسة تركية تنشط في مختلف القطاعات, مما يجعل تركيا أكبر مستثمر أجنبي في الجزائر بقيمة استثمارات إجمالية تقدر ب5ر3 مليار دولار. ووفقا لأرقام الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار, فإن عدد المشاريع التركية في الجزائر بلغ 138 مشروعا في 2017, معظمهما في المجال الصناعي. ومن أبرز نماذج الشراكة الصناعية الجزائرية-التركية, يوجد مصنع الحديد والصلب "توسيالي" بوهران الذي دشن في 2013 و كذا مشروع مصنع النسيج "تايال" الذي تتواصل اشغال انجازه بولاية غليزان. و تمكن مركب "توسيالي" بعد ست سنوات من دخوله حيز الانتاج من تصدير ما يزيد عن 131 ألف طن من حديد البناء خلال العام الماضي إلى عدة دول منها الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا وبلجيكا و ذلك انطلاقا من مينائي وهران ومستغانم. وقد بلغت القيمة الإجمالية لصادرات "توسيالي"- التي تعد أهم القفزات التي حققتها المنتجات الوطنية خارج مجال المحروقات في الخارج- بحوالي 100 مليون دولار في 2019. وكان المركب المتواجد ببطيوة (40 كم شرق وهران) عرف اواخر 2018 تدشين مرحلته الاستثمارية الثالثة ليصبح بذلك "الأكبر في إفريقيا", إذ يقوم بإنتاج ما يقرب من 4 ملايين طن سنويا من حديد الخرسانة والأسلاك. أما المركب المدمج للنسيج "تايال" فإنه يتواجد بالمنطقة الصناعية لسيدي خطاب بغليزان على مساحة 250 هكتار حيث دخل حيز الإنتاج في مارس 2018. ويعتبر "تايال" اكبر مركب للنسيج في افريقيا من حيث الطاقات الانتاجية والتي ستصل إلى 30 مليون قطعة البسة سنويا, 60 بالمائة منها موجهة للتصدير. ويعد هذا القطب الصناعي ثمرة تعاون بين الشركة التركية "انترتاي" (فرع مجمع "تايبا") والمؤسسات الجزائرية العمومية "سي أند أش" و"تيكسالغ" والشركة الوطنية للتبغ والكبريت بقيمة استثمارية تقارب 171 مليار دج (714 مليون دولار). من جهة اخرى, قام مجمع سوناطراك والمؤسسة التركية "رونسانس" بالتوقيع, في سبتمبر المنصرم, على اتفاقية استثمار بقيمة 4ر1 مليار دولار لإنجاز مركب لإنتاج مادة "بولي بروبيلين". وسيعمل المركب البتروكيميائي الذي ينجزه الشريكان الجزائري والتركي في منطقة جيهان التركية, بتحويل مادة "البروبان" المنتج في الجزائر الى "بولي بروبيلين" بطاقة انتاجية تقدر ب450 الف طن سنويا. ويندرج هذا المشروع ضمن استراتيجية "سوناطراك" الرامية لتطوير الصناعات البتروكيميائية بغرض تثمين افضل لموارد المحروقات السائلة والغازية وتحقيق قيمة مضافة عالية للقطاع والاقتصاد الوطني عموما. وسيسمح هذا المشروع لسوناطراك ايضا بتأمين سوق للبروبان الجزائري لمدة طويلة تمتد إلى غاية 2040 مع تحصيل عوائد مالية هامة بصفتها مساهم بنسبة 34 % في هذا المشروع. == مبادلات تجارية متنامية == اما فيما يتعلق بالمبادلات التجارية, فقد تمكنت تركيا خلال الاشهر ال11 الاولى لعام 2019 من الارتقاء إلى المركز الخامس في قائمة الشركاء التجاريين للجزائر بقيمة إجمالية فاقت 4 مليار دولار بعد كل من الصين وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا. وتعتبر تركيا سادس ممون للجزائر ب049ر2 مليار دولار وخامس زبون ب015ر2 مليار دولار, حسب أرقام الجمارك للفترة بين يناير ونوفمبر 2019. وكانت تركيا احتلت المرتبة السادسة في ترتيب الشركاء التجاريين للجزائر لعام 2018 ب628ر4 مليار دولار بعد كل من إيطاليا وفرنسا والصين وإسبانيا والولاياتالمتحدة. وفي نفس العام, بلغت قيمة السلع الجزائرية المصدرة لتركيا 318ر2 مليار دولار (+26 بالمائة مقارنة ب 2017) بينما وصلت قيمة الواردات من السلع التركية 310ر2 مليار دولار (+87ر14 بالمائة مقارنة ب2017) يذكر انه تم عقد منتدى اعمال جزائري-تركي في فبراير 2018, على هامش زيارة للرئيس اردوغان, الذي دعا حينها دعا رجال أعمال بلاده الى الاست ثمار ب"قوة" في الجزائر التي وصفها ب "جزيرة الاستقرار السياسي و الاقتصادي في البحر الابيض المتوسط و افريقيا". وخلال هذه الزيارة, تعهد الرئيس التركي بالعمل على رفع قيمة المبادلات التجارية البينية الى 5 مليار دولار في اقرب وقت ثم الى 10 مليار دولار في مرحلة لاحقة. وفي هذا الصدد, اعتبر أمس السبت السفير الجزائري الجديد بتركيا مراد عجالي في تصريح لوكالة أنباء الاناضول, أن "الأرقام الحالية لا تليق بحجم التبادل التجاري بين البلدين الكبيرين" مشيرا إلى أنه سيتم توقيع اتفاقيات تجارية جديدة بين أنقرةوالجزائر, خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية المختلطة, المزمع عقده في الفترة المقبلة. يذكر أن الجزائر قامت في إطار قانون المالية 2020 بتعديل قاعدة 51/49 من رأس المال والتي تحكم الاستثمارات الأجنبية في البلاد من خلال حصرها على القطاعات "الاستراتيجية" في خطوة ينتظر منها ان تساهم في استقطاب رؤوس الأموال الخارجية نحو البلاد وزيادة جاذبية مناخ الأعمال بها. ويقوم الرئيس التركي ابتداء من اليوم الاحد بزيارة صداقة وعمل إلى الجزائر تستغرق يومين, وهذا تلبية لدعوة من رئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون.