أفرزت جائحة كورونا عدة صراعات بين الدول والشركات العالمية الكبرى،التي اشتدت مع تفاقم تداعيات هذه الأزمة الصحية وتمددها، فالمشهد اليوم بات يميزه تبادل الاتهامات بين القوى الاقتصادية العظمى، حول من يتحمل مسؤولة انتشار هذا الفيروس القاتل من جهة، الذي أربك العالم وجمّد الحركة في الكرة الأرضية، وحصد أرواح عشرات الآلاف من الأشخاص، وخلف مئات الآلاف من الاصابات، كما تسبب في خسائر اقتصادية لا تعد ولا تحصى، وأخرى اجتماعية وأضرار نفسية وخيمة، جراء فرض الحجر الصحي وحظر التجول، وغيرها من الاجراءات الوقائية التي اتخذتها كل الدول للحد من انتشار وباء كورونا.. من جهة أخرى، فإن مؤسسات الدول المصنعة والمتقدمة تسابق الزمن، من أجل صناعة الكمامات، التي شهدت ندرة حادة في السوق، و كادت أن تتسبب في أزمة بين الدول لا سيما فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، في حين اختارت شركات أخرى خوض تجارب خارج تخصصها، والتجوه نحو صناعة أجهزة التنفس الاصطناعي، التي أصبحت جد مطلوبة من أجل انقاذ أرواح آلاف المصابين، المهددين بالموت بسبب عدم توفر هذه الأجهزة، التي فاقت قدرات المؤسسات الاستشفائية حتى في البلدان المتطورة أو ما يسمى بالدول العظمى، لاحتواء هذه الأزمة غير المسبوقة، التي يبدو أنها أعطت درسا كبيرا للجميع، بغض النظر عن مكانتها وموقعها الجغرافي وقوتها في المشهد الاقتصادي. وفي المقابل، فإن هذه الدول المتصارعة وحتى تلك المتواجدة خارج دائرة الصراعات، جندت علماءها وباحثيها وهيأت مخابرها، من أجلالاسراع في اكتشاف لقاح يقضي على فيروس كورونا الجديد، لغيات كثيرة ومتعددة، وإن كان هدفها الأول إنساني، هو إنقاذ البشرية من مخالب هذا الوباء اللعين، فإن هذا سيخدم أكيدفي المقام الثاني هدفها الأساسي، والمتمثل في مصالحها الاقتصاديةوالريع الذي ستجنيه من وراء تسويق هذا اللقاح المنتظر في العالم بأسره، ومما لا شك فيه، أن هذا سيساعدها على محو الآثار السلبية والخسائر الفادحة التي تكبدتها جراء هذه الجائحة، بل وتحقيق أرباح طائلة تنسيها هذا الكابوس الذي ضرب اقتصادها واستنزف أموالها، والأمر هنا يتعلق بالولايات المتحدةالأمريكية والصين ودول الاتحاد الأوروبي القوية، باعتبارها الأكثر تضررا بهذا الوباء. وعليه، فإن السباق اليوم بات على أشده بين الدول الكبرى، للظفر بسبق اكتشاف اللقاح الكفيل بالقضاءعلى فيروس كوفيد-19 ، وفي كل الحالات فليتنافس المتنافسون، فإن الأهم في كل هذا وذاك، هو التوصل إلى دواء ناجع يقضي على هذا الوباء، الذي غير مجرى الحياة في ظرف قياسي في مشارق الدنيا ومغاربها، وأخلط كل الوراق والحسابات، وجعل كل دول العالم، تعيد النظر في الكثر من الأمور.