تعتبر غزوة بدر أولى المعارك والغزوات الكبرى التي تلاقى فيها جيش المسلمين بجيش الكفار، وحدثت هذه المعركة بعد أن إذن الله لعباده بالقتال من بعد أن أخرجهم المشركون من ديارهم، وقاتلوهم، ولم يألوا فيهم ذمةً أو رحماً، وحقق المسلمون في هذه المعركة الكبرى انتصاراً عظيماً، كما ترتبت على هذه المعركة الكثير من الدروس والعبر التي استفاد منها المسلمون، فما هي أبرز الدروس والعبر المستمدة من هذه الغزوة؟ الخير وحسن العاقبة للمؤمنين لقد خرج المسلمون يوم بدر ليحاولوا الاستيلاء على قافلة قريش التجارية القادمة من الشام، ولكن الله سبحانه وتعالى شاء أمراً آخر، حيث استطاع أبو سفيان قائد القافلة الهروب عبر تغيير الطريق، والنجاة بالقافلة، ثم استنفرت قريش جيشاً لمواجهة المسلمين بعد علمها بنيتهم الإغارة على القافلة، فالتقى جيش المسلمين مع جيش الكفار حتى تحقق النصر المؤزر للمسلمين، ليحق الله الحق بكلماته، ويقطع دابر الكافرين، فسبق تقدير الله وأمره تقدير البشر ورغباتهم. التأكيد على مبدأ الشورى حينما انطلق جيش المسلمين لمواجهة الكفار، نزل النبي عليه الصلاة والسلام موقعاً أدنى ما يكون إلى بدر، فاستفسر الصحابي الجليل الحباب بن المنذر من النبي عليه الصلاة والسلام عن اختياره لهذا المكان إن كان أمراً من الله تعالى أم الحرب والمكيدة، فقال له النبي: بل الحرب والمكيدة، فأشار الحباب على النبي الكريم برأي أعجبه واستحسنه. عدم الاستهانة بالعدد كان عدد المسلمين في غزوة بدر 319 مجاهداً، بينما كان المشركون ثلاثة أضعافهم أو يزيد قليلاً، وعلى الرغم من ذلك فقد استطاع المسلمون تحقيق النصر، وهزيمة المشركين حينما قتلوا منهم سبعين، وأسروا سبعين آخرين، وما كان ذلك النصر إلا بفضل جنود الله التي أيد المسلمين بها، ثم ثبات المسلمين في أرض المعركة. وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وكذلك أيضا أن الله تعالى يعوض المؤمن ويخلف عليه في ماله، إذا علم منه الصدق وحب الخير، فهذا ما حدث في قضية العباس ومن معه من الأسرى في غزوة بدر، فإن الله أخلف على العباس فيما دفعه من الفداء كما تقدم، ووعدهم سبحانه بالمغفرة في الآخرة. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأأنإن الله اشترى من المومنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وأيضا من العبر المستفادة من هاته الغزوة أن الصحابة رضي الله عنهما قدموا أنفسهم وأموالهم فداء لهذا الدين، ولا أدل على ذلك من المهاجرين الذين تركوا أموالهم في مكة، وهاجروا بدينهم إلى المدينة، وبذلوا نفوسهم رخيصة في معركة بدر، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما رأى حالة فقرهم الشديدة قال: "اللهم إنهم جياع فأطعمهم، وعراة فاكسهم، وحفاة فاحملهم...الحديث" إجابة دعوة المضطر إن الله تعالى يجيب دعوة المؤمنين إذا استغاثوا به، وهم في كرب مع عدوهم، فإن الله تعالى أمدهم بالملائكة، وأنزل عليهم النعاس، وغير ذلك كما حدث في غزوة بدر. قال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ وقال تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ وهذا ما أحوجنا إليه اليوم ونحن نعيش زمن هذا الوباء أن نتضرع إلى ربنا بدعاء المضطر أن يرفع عنا الوباء والبلاء عن بلادنا وعن سائر بلاد المسلمين.