خذوا هذا العالم المرير ... واتركوا لنا أمنياتنا وأحلامنا... دعونا نلملم شتاتنا مكتفين بابتسامة ساخرة من هذا العالم... معبئين كل الثبات داخلنا... واثقين بأياد تحتوينا مروّضين كل مساحات الحنين الشاهقة ... وكل البوح يبقى حبيس أعيننا التي تنوب عن كل الضجيج في ظل قناعاتنا أن الإنسانية وهج ونور ... للأوطان جميعها حرمة ...فلا تبنوا على أنقاضها مآرب لكم ... ليحتفي كلّ منّا بخيبته على مقاسه ... لنرمّم أحلامنا يلزمنا الكثير من الصبر والكثير من الصمت، وبينهما لابدّ أن نطلق العنان لحبل التمرّد والجنون، وأن نصنع من وجودنا شغفا ونورا يلاحق وهج أمانينا البريئة، نعاقر خذلاننا بترف وانكساراتنا بأناقة، وحين امتلاء الذاكرة بفوضى الصخب لابدّ من الركون إلى زوايا الروح الحالمة، لنعزف على وتر التلذّذ والترقّب نوتة لم تكتمل بعد ورقصة غير متقنة الخطوات، ومن ركام الآه نمشّط جدائل الأمل،كما نمشّط الأرصفة والشوارع بحثا عن ملامح الغائبين، عن وجوه نحنّ اليها ولها، ونركض ملء أنفسنا لنوقظ وطنا من غفوة الخيانة، من جبروت التسلّط، نبحث في أصوله عن مرتع للخلاص فلا نلفي سوى الخذلان والانكسار ، سوى فجر يتنفّس آها ويذرف هو الآخر دمعا مواساة لضياعنا، وينازل البياض الملوّن بأقلام الحبر والرصاص ...وحينما نستعيد شتات فرحنا الآتي نستجمع ذكريات عابرة ، تطلّ من نافذة منكسرة وتداعب شقاوة الحنين المترف، تلامس بنفسجا يافعا وياسمينا عبقا، تصادر ضحكاتنا وتنادي على البعيد القادم من بين تراتيل المواجع حين غربة وطن، وطموح غريب يسترجي الانعتاق، لنخيط منه صباحات باسمة ومساءات راقصة بغنج غجريّة تعاشر لهفة البراءة، تناجي الأمان في زمن المخالب والخيارات المنمّقة .