تواصل الجزائر المرافعة أمام المجتمع الدولي لصالح مواقفها الثابتة إزاء القضايا العادلة، ومساندة الشعوب المستضعفة وتأييد الحركات التحررية في العالم دون مهادنة أو خذلان، لمن رأوا في بلد المليون ونصف المليون شهيد ملاذا لهم، كيف لا وهي التي قال بشأنها الزعيم الثوري الإفريقي اميلكال كابرال أنه "إذا كانت مكة قبلة المسلمين والفاتيكان قبلة المسيحيين فإن الجزائر تبقى قبلة الأحرار والثوار". فالجزائر التي يطوقها حزام ناري بسبب ما يحاك حولها من مكائد كان آخرها التطبيع العلني المخزني مع الصهاينة، وقبلها ما يجري في الساحل الإفريقي والأزمة الليبية والتوتر الحاصل في كل الحدود المتاخمة لها، بقيت صامدة ولم تُحْنِ رأسها، ولم تدخل في مساومات رخيصة لأن إرادة الشعوب فوق إرادة الدول العظمى، خاصة إذا كان على رأسها رجل انتهت ولايته الرئاسية، وهو في النزع الأخير من أجل اشعال فتيل العالم وعلى الأخص في افريقيا والمغرب العربي باعتراف لا أساس له ضمن مبادئ القانون الدولي. فوزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة البروفيسور عمار بلحيمر كان صارما في تصريحاته الأخيرة بتأكيده على قوة الشعوب التي تحكمها ارادتها فقط في تقرير مصيرها، بعيدا عن المقايضات التي يتم من خلالها تزكية الإستعمار على حد قوله" ان المقايضة التي تتضمن تزكية استعمار الصحراء الغربية تحت تسمية مغربيته من طرف الرئيس المنتهية عهدته دوناد ترامب مقابل تزكية استعمار الأراضي الفلسطينية من طرف الكيان الصهيوني عن طريق المخزن المغربي ،لا جدوى له أمام ارادة الشعوب التي لا تقهر في كسر قيود الاحتلال والاستبداد" كما أن الجزائر تجدد مرة أخرى التأكيد على سياستها الخارجية ونزعتها في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، كمبدأ دأبت عليه منذ صدور بيان أول نوفمبر، الذي يعتبر بمثابة خارطة طريق تسير عليها الدولة أو كما أكده السيد بلحيمر "الجزائر لا تتدخل في السياسات الداخلية للدول" في تعبير صريح أن الدول التي فتحت قنصليات في مدينة العيون المحتلة على شاكلة الإمارات قرار سيادي داخلي لا يهم الجزائر. ومع ذلك فإن نفس المبادئ تجعل الجزائر تقف إلى جانب الصحراء الغربية التي تعتبر قضية تصفية استعمار، ومساندتها من أجل الحصول على استقلالها التام، وفق اللوائح الأممية التي تنص على ذلك، كما صرح بذلك السيد بلحيمر قائلا "من حيث المبدأ كذلك الجزائر تظل مع حق الشعوب في تقرير مصيرها باعتبار أن قضية الصحراء الغربية تظل قضية تصفية استعمار وأن الجمهورية الصحراوية عضو مؤسس في الإتحاد الإفريقي". ومع إصرار المحتل المغربي على أحقيته بالصحراء الغربية تؤكد كل المعطيات أنه لا صلة للمملكة المغربية بها لا من الناحية التاريخية ولا السياسية ولا الثقافية وهو الموقف الجزائري الذي جاء على لسان السيد بلحيمر الذي قال بأن "المدن الصحراوية لا سيما العيون هي مدينة تحت طائلة الإستعمار الملكي المغربي".