- ما هي الإضافات التي حملها الدستور الجديد للانتخابات التشريعية المقبلة ، باعتبارها أول استحقاق في ظل دستور معدّل ؟ ^ أكد الدستور الجديد بصريح العبارة في الديباجة أنه القانون الأساسي وفوق كل التشريعات المعمول بها في البلاد ، الذي يضمن الحريات الفردية والجماعية ، وأنه يحمي اختيار الشعب لمن يمثله في كل الاستحقاقات القادمة ، ويعطي لفئة الشباب من المجتمع الجزائري أولوية للتعبير عن تطلعاته وتحدياته السياسية المقبلة عن طريق ضمان تكوينه وإشراكه الفعلي في كل مراحل البناء والتسيير لمصالح الأجيال القادمة ، وأخص بالذكر هنا استحقاقات التشريعية والمحلية التي تراهن عليها الجزائر الجديدة ورد ذلك في الصفحة السادسة من الجريدة الرسمية للعدد 54. وما يميز دستور 2020 الجزائري عن بقية الدساتير أنه خصص فصلا ثانيا من المادة 7 إلى المادة 12 ليضمن حق الشعب في ممارسة السلطة وله السيادة الكاملة في اختيار مؤسساته من بينها المؤسسة التشريعية و المجالس المحلية عبر كل بلديات الوطن . و اذا نظرنا إلى أهمية هذه المؤسسات بالنسبة إلى الشعب الجزائري صاحب مبادرات التغيير ومصدر الحراك الشعبي الذي عبر عنه يوم 22 فيفري 2019 ، هذه المحطة السياسية المهيئة لصياغة الدستور المذكور ، أعادت للشعب مكانته الطبيعية وجعلته مصدرا لكل السلطات وان المادة 12 من هذا الدستور الذي يصرح بذلك أن الشعب الجزائري حر في اختيار من يمثله ولا حدود لهذا التمثيل إلا بما نص عليه الدستور وقانون الانتخابات . واللافت للانتباه في هذا الدستور الجديد أنه مطعم ومعزز بمنطلقات نظرية للديمقراطية التشاركية المستمدة من المقاربة الابستيمولوجية الجديدة في حقل العلوم السياسية التي تجعل من المشاركة مفهوما أساسيا لتأسيس الدولة الحديثة والقوية ، وهذا ما صرحت به المادة 16 من الدستور الجزائري الجديد، حيث نصت على اتخاذ مبادئ التمثيل الديمقراطي و الفصل بين السلطات الثلاثة وضمان الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية وذلك على مستوى البلديات والولايات الوطن . كما أن المادة 56 من هذا الدستور تنص على الحق في الترشح للانتخابات إذا توفرت الشروط القانونية . كما أن الجديد في هذا الدستور هو وجوب التصريح بالممتلكات لكل مترشح في العهدة البرلمانية أو الولائية أو البلدية ، إلا انه لم تحدد كيفية تطبيق هذه الإحكام ولم يصدر أي تشريع لذلك ، ومن شأن هذه المادة الدستورية 24 في فقرته الأخيرة أن تضع حدا لكل الممارسات التي تضر بمصالح الشعب الجزائري ، وأيضا لمواجهة أي شكل من أشكال الفساد و سوء التسيير و مراعاة للمصلحة العامة . - هل القانون العضوي الجديد المتعلق بالانتخابات ( الذي لا يزال مشروعا) يفي بمتطلبات تنظيم استحقاق في مستوى تطلع الأحزاب و الطبقة السياسية و أيضا الشعب الذي عبّر عن غضبه من طريقة إجراء الانتخابات في البلاد و التي كان يشوبها الفساد بصفة عامة ؟ ^ قبل الإشارة إلى القانون العضوي المتعلق بالانتخابات يجب التنبيه إلى أن الدستور الجزائري الجديد ضمن الحق في المعاملة المنصفة تجاه كل الأحزاب السياسية الجزائرية في نص المادة 57 ، وتضيف المادة أنه لا يجب على الإدارة أن تمتنع عن كل ممارسة تحول بطبيعتها دون ممارسة هذا الحق . بداية فان مسودة مشروع القانون العضوي للانتخابات المعدل والمتمم الشروط الواجب توفرها في الترشح لمختلف المواعيد الانتخابية المتعلقة بالمجالس المحلية البلدية و الولائية فالبرلمان بغرفتيه وصولا إلى منصب رئيس الجمهورية والتي تم توزيعها على جميع الأحزاب السياسية، تضمنت الوثيقة في مستهلها ، تحديدا لبعض المفاهيم المتعلقة بالعملية الانتخابية، حيث تعتبر المترشح «كل شخص يتقدم للانتخابات تحت غطاء حزب سياسي أو بصفة مستقلة» وفي هذا الشأن تشترط المسودة في المترشح أن «يستوفي الشروط المنصوص عليها في المادة 182 من هذا القانون العضوي و«يكون مسجلا في الدائرة الانتخابية التي يترشح فيها» ومن بينها «أن يكون بالغا ثلاثا وعشرين (23) سنة على الأقل يوم الاقتراع و أن يكون ذا جنسية جزائرية و أن يثبت أداء الخدمة الوطنية أو الإعفاء منها ، إلى جانب ألا يكون محكوما عليه بحكم نهائي لارتكاب جناية أو جنحة سالبة للحرية ولم يرد اعتباره باستثناء الجنح غير العمدية إلى جانب تمتعه بحسن السيرة و الاخلاق». أما بشأن الترشح للمجلس الشعبي الوطني، فينص مشروع القانون في مادته ال 198 على مجموعة من الشروط من ضمنها أن يكون المترشح «بالغا 25 سنة على الأقل يوم الاقتراع ، و يكون ذا جنسية جزائرية و أن يثبت أداء الخدمة الوطنية أو الإعفاء منها و ألا يكون محكوما عليه بحكم ن نهائي لارتكاب جناية أو جنحة سالبة للحرية ولم يرد اعتباره باستثناء الجنح غير العمدية». و تؤكد المادة الموالية (199) أنه «يعد تصريحا بالترشح إيداع القائمة التي تتوفر فيها الشروط المطلوبة قانونا على مستوى المندوبية الولائية للسلطة المستقلة». وبخصوص مجلس الأمة، تنص المادة 219 من مسودة المشروع على أن المترشح لهذه الهيئة يجب «أن يكون بالغا 35 سنة كاملة يوم الاقتراع، أن يكون قد أتم عهدة كاملة بصفة منتخب في مجلس شعبي بلدي أو ولائي»، لافتة إلى أنه «لا يسري هذا الحكم على المجالس الشعبية والولائية في حالة عدم إتمام عضو من أعضائها عهدة كاملة».كما يشترط مشروع القانون في المترشح أن «يثبت أيضا وضعيته تجاه الإدارة الضريبية و ألا يكون محكوما عليه بحكم نهائي لارتكاب جناية أو جنحة سالبة للحرية ولم يرد اعتباره باستثناء الجنح غير العمدية». - يعتبر البرلمان واجهة للديمقراطية في البلاد لأنه يعبر عن تطلعات الذين اختاروه، فكيف تتصورون تركيبته الحزبية ؟ و ما هي أهم تحدياته ؟ ^ بطبيعة الحال فان الدستور الجزائري خصص للبرلمان فصلا ثالثا مستقلا من المادة 114 إلى غاية المادة 162 ووضح فيه الإطار القانوني لممارسة نشاطه سواء غرفة المجلس الشعبي الوطني أو غرفة مجلس الأمة ، وصرحت المادة 117 أن يبقى البرلمان في إطار اختصاصاته الدستورية وفيا لثقة الشعب وتطلعاته، ونظرا للتجاوزات التي حدثت للمجلس الشعبي الوطني المنحل قبل الحراك الشعبي 22 فيفري 2019 ، فقد الثقة لدى الشعب الجزائري ، وكان من أهم مطالب الشعب آنذاك هو حل هذا المجلس ولكن بقي على حاله إلى أن تدخل رئيس الجمهورية وفقا لصلاحياته الدستورية بوضع حد لهذا المجلس. واستجابة لمطلب الشعب الجزائري لتجديد ممثليه ممن يؤمنون بفكرة التغيير وتعبير عن طموحات الشعب . أعتقد أن التركيبة الحزبية التي تدخل هذه التشريعيات لا تختلف عن سابقاتها من ناحية الشكل ، بينما تتدعم بالتركيبة البشرية وفئة الشباب الطموحين الذين يؤمنون بأفكار التغيير ويعبرون عن مطالب الحراك الشعبي ، وما يلاحظ في هذه التشريعيات دخول الكثل الحرة بشكل كبير وهذا راجع إلى فقدان الثقة لدى الشعب الجزائري تجاه الأحزاب السياسية العريقة . - هل ممكن أن تحوصلوا لنا إخفاقات البرلمان الذي حلّه رئيس الجمهورية وفقا لصلاحياته الدستورية ؟ ^ من جملة الإخفاقات للبرلمان الجزائري هي : الغياب الطويل عن أداء مهامه طيلة مرحلة انتشار وباء كوفيد 19 ، وعجزه عن معالجة مطالب العالقين الجزائريين في المطارات الدولية ، ورغم توفر التكنولوجيات الحديثة إلا إن المجلس ظل مغلقا طيلة مرحلة الوباء . عجز المجلس عن احتواء كل مطالب الحراك الشعبي باعتباره أنه محسوب على النظام السابق . غياب الدور الرقابي للمجلس و الاكتفاء بالموافقة على مشاريع فوانيين الحكومة ، يجعله يدير ظهره لطموحات الشعب ويرضخ لمطالب الحكومة بالتوقيع على القوانين المالية السابقة والموافقة على التشريعات القانونية والمراسيم الوزارية وغيرها. إخفاق المجلس في إخضاع الوزارات للمساءلة والشفافية . - الانتخابات المقبلة ستكون تشريعية و محلية فكيف ترون الخارطة السياسية الجديدة للبلاد ؟ ^ من شان هذا السؤال إن يجرنا للحديث عن مهام السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وأيضا مهام وسيط الجمهورية في شان تنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية . حيث كفل الدستور الجزائري في فصل ثالث مستقل بإنشاء هذه المؤسسة الدستورية المستقلة ويعين رئيس الجمهورية رئيسا لها وأعضاءها لعهدة واحدة مدتها 6 سنوات ، وحددت المادة 201 من الدستور الجزائري الجديد شرط عدم الانتماء إلى أي حزب سياسي ، ويشير إلى القانون العضوي للانتخابات هو الكفيل بتنظيم شؤونها . بالإضافة إلى نص المادة 202 من الدستور المذكور الذي يوضح مهام السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات للتحضير وتسيير الانتخابات التشريعية والمحلية وكذا عمليات الإشراف عليها من البداية إلى النهاية المتمثلة في إعلان النتائج. أما عن الخارطة السياسية المقبلة للبلاد فهي مرهونة بمدى ثقة الشعب الجزائري صاحب السلطة ومصدرها ، وأيضا مدى فعالية المجتمع المدني تجاه الاستحقاقات القادمة . - هل هذه الإصلاحات كفيلة باستعادة الثقة الشعبية و بالتالي يتوقف الوعاء الانتخابي عن المقاطعة و الإقبال المحتشم على صناديق الاقتراع ؟ ^ اعتقد أن الإصلاحات السياسية التي قدمتها السلطة في حاجة إلى مزيد من التكثيف لتلبي كل طموحات الشعب الجزائري ، لأن القرار السياسي يتطلب إرادة و التكفل بمطالب الحراك الشعبي لا يزال يخيم على واقع الممارسات في كل محطة انتخابية ، لازالت الإدارة العمومية تتدخل في شؤون السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات ، بالإضافة إلى غياب الثقة التامة للشعب الجزائري في أغلبية الأحزاب السياسية التي جربتها في الاستحقاقات السابقة ويتخوف من تكرار السيناريو . وهنا يجب على السلطة الوطنية المستقلة إن تفرض وجودها بفرض سلطتها على الإدارات المحلية من أجل تحقيق الشفافية والنزاهة في الاستحقاقات القادمة ، . يأمل الشعب الجزائري أن يحقق طموحاته في إطار التمثيل الحقيقي له بالبرلمان و الذي يعبر عن مطالب الحراك الشعبي ويستجيب له في كل مرحلة من مراحل التغيير غالى الأحسن و إلا فان الشعب يمارسه حقه الدستوري للضغط على الرئيس بحل البرلمان .