كشفت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عن الإطار التصوري والمسار العملياتي لمسعى إصلاح المستشفيات الذي من شأنه إرساء أسس إعادة بناء المنظومة الوطنية للصحة بصورة "توافقية". وضمنت الوزارة في وثيقة أصدرتها اليوم الأربعاء المحاور الكبرى لعملية الإصلاح, مؤكدة بأن هذه الوثيقة تشكل أول مرجع مشارك حول مسعى إصلاح المستشفيات الذي جاء ليرسم المرحلة الأولى للحوار ويمهد للمرحلة الثانية بهدف إرساء أسس إعادة بناء المنظومة الوطنية للصحة بصورة "توافقية", مؤكدة بأن إصلاح المستشفيات يعد "مسعى لا غنى عنه" وبأنه يحظى بإرادة والتزام سياسي ضمن مسار عملياتي براغماتي يعتمد على المقاربة التشاركية والإجماع. و ينصب تركيز الوثيقة بداية على تحديد الإطار التصوري للإصلاح للتأكيد على مدى "ضرورة شروع الجزائر فورا في عملية الإصلاح رغم الأزمة الصحية الناتجة على تفشي فيروس كوفيد-19 على ضوء الالتزام السياسي في أعلى مستويات الدولة والحكومة وكذا تطلعات التغيير التي لا طالما عبر عنها مهنيو ومرافقو الصحة والمجتمع المدني". وذكرت الوثيقة في هذا الصدد بإيلاء رئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, اهتماما "بالغا" لضمان حماية صحية ناجعة للسكان وللتصدي لخطر جائحة أو أزمة صحية تهدد الأمن الوطني من خلال التزامه رقم 45 في مجال الصحة العمومية الذي ينص على "ضمان حصول جميع المواطنين على رعاية صحية عن طريق رفع الحصص المخصصة لقطاع الصحة من الناتج المحلي الإجمالي وكذا من خلال قراره الشروع في عملية إعادة البناء الشامل للمنظومة الوطنية للصحة". ومن بين مبررات الإصلاح, تطرقت الوزارة إلى "التطلع الدائم" لكافة الفاعلين في قطاع الصحة خلال المرحلة الأولى من الحوار والتشاور منذ شهر أول 2020 لعملية الإصلاح وكذا إلى "الضرورة العاجلة والملحة" التي يكتسيها الظرف بفعل جائحة كورونا التي استدعت "إعادة النظر" في كافة المنظومة الصحية بهدف خلق "مرونة أكبر" في التعامل مع الأزمات الصحية وتسليح السكان بالقدرات الكافية. وبالنسبة لأهداف وغايات هذا الإصلاح , فتتمثل --حسب الوثيقة-- في "إعادة بناء المنظومة الوطنية للصحة حول المبادئ التوجيهية وتسجيل تطوير وتنمية هذه المنظومة في إطار التخطيط الاستراتيجي عبر إعداد البرنامج الوطني بتنمية الصحة إضافة إلى توحيد المنظومة الوطنية". ومن بين الأهداف أيضا, تطوير منظومة وطنية للصحة تأخذ بعين الاعتبار "ضرورة" ضمان ثلاثية الاحتياجات (ترقية الصحة والوقاية من الأمراض والحوادث والتكفل بالمرضى). وبخصوص المقاربة المنهجية لإصلاح المستشفيات, أوضح ذات المصدر بأنه تم تصور "ديناميكي" يهدف إلى الجمع بين التشاور والتفكير والعمل مع كل الأطراف الفاعلة بما في ذلك المجتمع المدني مع إدراج أدوات العصرنة الضرورية والاستفادة في نفس الوقت من كل الأعمال السابقة واتخاذ القرارات على أساس معطيات موضوعية. وفيما تعلق بالمسار العملياتي الرامي إلى إرساء مسعى إصلاح المستشفيات فإنه يقوم على المدى القصير أساسا على إنشاء فوج عمل تحضيري مكلف بتشكيل رصيد وثائقي وإعداد جرد عام للوضعية ليشرع بعدها على المدى المتوسط في جملة من التدابير الهادفة إلى وضع أدوات الإصلاح من أهمها رقمنة القطاع ونظام التقاعد والحسابات الوطنية للصحة وتبسيط الإجراءات وإزالة الطابع المادي لها بغرض مكافحة البيروقراطية زيادة على إرساء قواعد لامركزية تسيير المنظومة الوطنية الصحية. وكان رئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, قد أمر الأحد الماضي خلال اجتماع مجلس الوزراء, بتحديد رزنامة "واضحة" لتنفيذ مشروع إصلاح المستشفيات, مع تأكيده على "ضرورة مراجعة تنظيم مصالح الاستعجالات وباقي الأقسام الاستشفائية, بما يصلح علاقة المواطن بالمستشفى". كما أمر الرئيس تبون, في ذات الإطار, ب "الشروع في الحوار مع مختلف الشركاء الاجتماعيين في قطاع الصحة من أجل مراجعة الوضعية الاجتماعية والمهنية للعمال" و "إعداد تصور يراعي الفعالية في الخدمة المدنية بهدف تشجيع الكفاءات الوطنية وحماية الصحة العمومية".