خلال حفل افتتاح معرض الشّارقة الدولي للكتاب يوم الثلاثاء 02 نوفمبر2021، وبحضور عدد من الوزراء ورؤساء مجامع اللغة العربية، وبحضور ممثل الجزائر رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور صالح بلعيد، أطلق حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي المجلدات السبعة عشر(17) الأولى من "المعجم التاريخي للغة العربية". كما تم بالمناسبة إطلاق تطبيق ذكيّ، وموقع رسميّ للمعجم: https://www.almojam.org، ليكون متاحاً أمام الجمهور لتصفّح المجلدات المنجزة، والبحث عن الجذور والمداخل. وتغطّي مجلدات المعجم الأولى الأحرف الخمسة الأولى: (الهمزة، والباء، والتّاء، والثّاء، والجيم)، وهو ما يمثل نسبة 18 % من الإنجاز. ويشارك في إنجاز المعجم عشرة مجامع عربية، بإشراف اتّحاد المجامع اللغوية والعلمية بالقاهرة، ويتولّى مجمع اللغة العربية بالشّارقة إدارة لجنته التنفيذية تحت رعاية الدكتور محمد الصافي المستغانمي. ويعرف المتخصّصون المعجم التاريخي للغة العربيّة بأنه " ديوان يجمع مفردات اللّغة وفق نظام معيّن، مضبوطةً ومشروحةً مع مراعاة التّطوّر الدّلاليّ للّفظ، بدءا بالمعنى الحسّيّ، وتدرّجا معه عبر التّاريخ، في ضوء الشّواهد المتنوّعة مع الإشارة إلى مظهر التّطوّر قدر الإمكان". ويعنى بالتّطور التاريخي وتتبّع مدلول الكلمة عبر التاريخ، ويبيّن تاريخ استعمالها أو إهمالها وتحولات استخدامها عبر سبعة عشر قرناً؛ مؤيّدا ذلك بالشواهد. ويعدّ المستشرق الألمانيّ "أوغست فيشر" (1865-1949م) أول من اقترح فكرة إنجاز معجم تاريخي للغة العربية، بصفته عضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة؛ " إذ لاحظ أنّ المعجمات العربيّة القديمة لا تعالج جميع مفردات اللّغة من ناحية تاريخها، ومنتهى الكمال لمعجم عصريّ أن يكون معجما تاريخيّا"، وكانت الفكرة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، عندما تأسس مجمع اللغة العربية، وقد وضع ضمن أهدافه فكرة إنجاز المعجم التاريخي الذي يؤرخ لكل ألفاظ اللغة العربية، اقتداء بالأمم التي أممّت لغاتها بإنجاز معاجمها التاريخية على غرار معجم "أكسفورد" للغة الإنجليزية والمعجم التاريخي للغة الفرنسية. ويبحث المعجم التاريخي عن تاريخ الكلمة من حيث جذرها، ويرصد جميع الألفاظ المشتقّة منها وتقلّباتها الصوتيّة، كما يقوم بتتبّع تاريخ الكلمة ورصد المستعمل الأوّل لها منذ الجاهليّة إلى العصر الحديث، مركّزا على الاستعمال الحي للغة؛ فيستشهد بالنصوص الحيّة: قرآناً وحديثًا وشعرًا وخطبًا ورسائل، كما يكشف المعجم تطوّر المصطلحات عبر العصور، ويرصدُ تاريخ دخول الكلمات الجديدة المستحدثة في اللغة المستعملة، والكلمات المهملة مع ذكر الأسباب المؤثّرة في ذلك، "ولا يدرس الكلمة مجرّدة من نصوصها، ولا يضيق متْنُه بكلّ ما دوّن في العربية، فيضمّ القديم كلّه، ويستوعب الجديد المتوالي، ويبقى مفتوحا لتعاقب الأجيال". والمعجم التاريخي لا يقف عند حدود جمع التراث بل يستجيب للمعاصرة، باستغلال التقنيات الحديثة. ومن هذا المنبر نثمن جهود كل اللجان العربية التي أسهمت في ميلاد هذا المنجز اللغوي الكبير المؤرخ للغة العربية، في انتظار إنجاز بقية الأجزاء التي تتطلب مزيدا من الجهد والعمل.