أحيى أمس نشطاء المجتمع المدني المنخرطون في مبادرة «وهران بناسها» ذكرى تحرير وهران من الاحتلال الإسباني الذي كان يوم 27 فبراير1792 في قافلة جمعت بين السياحة والثقافة والتاريخ لفائدة تلاميذ مدارس 11 بلدية هي مرسى الحجاج وأرزيو وطافراوي وڤديل ومسرغين وحاسي بونيف وبن فريحة وسيدي بن يبقى وبئر الجير ووهران والڤعدة. التظاهرة بإشراف كل من مديرية الثقافة والفنون والمجلس الشعبي الولائي والمجلس الشعبي البلدي لوهران، وبمشاركة ممثل وسيط الجهورية السيد باغلي شعيب والمؤسسة العمومية لتسيير حديقة التسلية والديوان الوطني لحماية التراث، ومن تأطير أساتذة جامعيين ومهتمون بالتاريخ ومختصون في الهندسة المعمارية، وكذا عدد كبير من الجمعيات الناشطة بالإضافة إلى الكشافة الإسلامية. وعادت «وهران بناسها» تحت شعار «وهران مداد حبر وامتداد بحر» في مبادرة أخرى للاستثمار في جيل الشباب والأطفال من تلاميذ مختلف الأطوار التعليمية، وتعريفهم بأهم مراحل تاريخ الجزائرووهران الذي لازال بارزا في بصمات خالدة لمواقع أثرية أسست لحضارات احتضنت التاريخ وبقيت شاهدة على خطى الاحتلال الاسباني و ما خلفه بعده الاستعمار الفرنسي وعلى ما قابله من نضال رجالات وهران من أجل تحرير هذه المدينة العريقة والحفاظ على حضارتها أمثال الباي محمد الكبير والباي بوشلاغم وشعبان الزناڤي... حلبة الثيران، قصر الباي وحصن «سانتا كروز».. شواهد التاريخ ومحطات الثقافة وشملت الجولة السياحية التي بدأت في حدود الساعة التاسعة صباحا أبرز المعالم الأثرية الواقعة بمدينة وهران قدما فيها أساتذة وباحثون في التاريخ بطاقة تعريفية لكل معلم على، حيث توقفت القافلة في أول محطة عند حلبة الثيران بحي الأمير خالد «إكميل» سابقا أو كما يسمى اليوم بحي «الطورو»، وقدّمت شروحات مفصلة من قبل المرشدة السياحية بغدادي سكينة حول تاريخ هذه الحلبة التي تعد الوحيدة بالجزائر وبشمال إفريقيا، والتي شُيّدت من قبل الاستعمار الفرنسي بطلب من المستوطنين الإسبان سنة 1906، وأغلق المعلم لسنوات، ليفتح أبوابه من جديد بعد عملية إعادة التهيئة والترميم أشرفت عليها المؤسسة العمومية لحديقة التسلية التي تتولى اليوم إدارة الحلبة. وواصلت القافلة رحلتها التاريخية إلى قصر «الباي» مرورا بساحة أول نوفمبر، حيث تم تقديم شروحات مفصلة حول الساحة العريقة، ثم كانت الفرصة أمام التلاميذ ومختلف المراكز والجمعيات الحاضرة بالتجول في حصون القصر العتيق وساحاته الشاهدة على خطوات «الباي محمد الكبير» الذي بناه سنة 1792 وفق تصميم هندسي راقٍ عكس طبيعة البيئة والحياة في عهد البايات، وقد تم تصنيف هذا المعلم سنة 1952، وبالرغم من الأهمية التاريخية والحضارية والسياحية، وكذا الثقافية التي يكتسيها هذا الصرح، إلا أنه لازال بحاجة إلى إعادة الاعتبار وإلى كثير من الاهتمام. وبعد زيارة القصر العتيق، تواصلت الجولة مشيا إلى حديقة «ابن باديس» أين كانت الاستراحة وتقديم الأكلة الأكثر شعبية بوهران «الكايلانتي» أو «الكارانتيكا» والتي ترتبط بالوجود الإسباني، وتحمل اليوم بعدا ثقافيا باعتبارها موروثا ماديا بامتياز حسب المختصين والباحثين. واختتمت الجولة في أعالي جبال «المرجاجو» بحصن «سانتا كروز» أو «برج الجبل»، حيث تعرف المشاركون في هذه القافلة على محطة تاريخية وسياحية بارزة في وهران والذي شيد من قبل الإسبان ما بين 1577 و1604 ورمم من طرف فرقة الهندسة الفرنسية سنة 1860. تلاميذ وهران: «سعداء باكتشاف كنوز التاريخ» وانبهر تلاميذ المؤسسات التعليمية بما اعتبروه اكتشافا من خلال فرصة كانت بالنسبة إليهم ثمينة، بالنظر إلى ما اكتسبوه من معلومات عن أبرز المواقع التاريخية في رحلة اختزل فيها تاريخ وهران عبر محطات جمعت بين جمالية المعمار وتحفة الفن الهندسي وبين روح التاريخ وتفاصيله، وأكد بعضهم أنهم يزورون هذه المواقع لأول مرة في حياتهم، ما جعلهم يسجلون هذا اليوم بأجمل الأيام لديهم، خاصة وأنهم تزودوا بمعلومات هامة عن تاريخ هذه المدينة الساحرة، فكانت فكرة المبادرين إلى تنظيم هذه الفعالية صائبة أخرجوا من خلالها جيلا إلى التاريخ وفتحوا أمامه أبوابا لم تكن لتفتح لولا هذه المبادرة، ومثلها من المبادرات المنتظرة التي تغذي روح المعرفة لدى الشباب والأطفال وتنمي فيهم حب هذا الوطن.