يواصل متمردو الطوارق زحفهم نحو المدن الرئيسة في شمال مالي مستغلين الفراغ في السلطة بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس أمادو توماني توري، وحل جميع مؤسسات البلاد وتعليق العمل بالدستور. وتقدم متمردو الطوارق أمس الاحد الى مدينة رئيسية في شمال مالي مستغلين فراغ السلطة في باماكو رغم اصرار الانقلايين بانهم يحكمون سيطرتهم على البلاد بعد اطاحتهم بالحكومة. ودان الانقلابيون عمليات النهب الواسعة في العاصمة، ويحاولون فرض النظام، الا ان الجنود في المناطق الشمالية النائية جندوا ميليشيات لمساعدتهم على قتال الطوارق الذين يشنون حربا لنيل الاستقلال. وقالت جماعة انصار الدين من الطوارق المتمردين ان مقاتليها حاصروا واحدة من اهم البلدات الشمالية مؤكدين انهم سيطبقون الشريعة الاسلامية. وذكرت الجماعة في بيان لها بفضل الله تعالى وبركاته، سنتمكن قريبا من السيطرة على ارضنا في كيدال، احدى اهم مدن شمال شرق مالي، بعد اربعة ايام على الانقلاب العسكري. وجماعة انصار الدين هي تنظيم اسلامي قاتل الى جانب حركة ازاواد القومية للتحرير من اجل استقلال موطن الطوارق الرحل في المثلث الشمالي من البلاد. وفي الجنوب، وتحديدا في العاصمة باماكو، استولى جنود منشقون على السلطة الخميس، احتجاجا على فشل الحكومة في تجهيزهم بالشكل الكافي لقتال تمرد الطوارق. ويعتبر الطوارق وهم قبائل صحراوية تسكن شمال مالي، اقلية في هذا البلد المترامي الاطراف. وقاموا بالعديد من الانتفاضات في العقود الاخيرة احتجاجا على ما يصفونه باهمال الحكومة لهم. وفي 17 يناير شنوا اول تمرد لهم منذ العام 2009، ساعدهم في ذلك عودة المقاتلين المدججين بالسلاح والمتدربين على المعارك من ليبيا حيث كانوا يعملون لحساب الزعيم السابق معمر القذافي. واستولت قواتهم على العديد من البلدات واسرت عشرات الجنود الذين تردد انهم اما محتجزين او قتلوا. وقد اعلن جنود يقودهم الكابتن سانوغو الخميس انهم اطاحوا بالرئيس امادو توماني توري وحلوا جميع مؤسسات البلاد وعلقوا العمل بالدستور بعد مواجهات مع الموالين للنظام حول مقر الرئاسة. واتهموا الرئيس توري وقادتهم بالعجز عن مكافحة حركة تمرد الطوارق والمجموعات الاسلامية وخصوصا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. وفي غاو، المدينة الكبرى الاخرى في الشمال، تلقى الجيش المالي دعم عناصر ميليشيات غاندا كوي وغاندا ايزو --التي استخدمت ضد حركات تمرد الطوارق سابقا في التسعينات-- وقد تم تجنيد قرابة 200 شاب وتم تجهيزهم لمقاتلة التمرد. ويسعى الانقلابيون جاهدين الى طمأنة السكان الى انهم يسيطرون على السلطة من خلال التصريحات التلفزيونية. وقال زعيم الانقلابيين الكابتن امادو سانوغو في تصريح متلفز انا الكابتن سانوغو وانا في صحة جيدة، كل شيء على ما يرام. واكد احد مساعديه ان كل الجيش يقف معنا، وعرض امام الكاميرا بضعة عسكريين وضباط صف من مختلف الاسلحة في الجيش ووحدات في الشرطة. واجرى زعيم الانقلابيين الكابتن امادو سانوغو من مقره في ثكنة كاتي بالقرب من باماكو سلسلة من اللقاءات خصوصا مع السفير الفرنسي كريستان رواييه، حسبما افاد التلفزيون الرسمي او ار تي ام الذي يسيطر عليه الانقلابيون. وفي تصريح اخر، دعا الانقلابيون جميع العسكريين الى الالتحاق بالثكنات، وذكروا بان قادة الوحدات مسؤولون عن الرجال والعتاد. ومع نقص الوقود، دعا الجنود اصحاب محطات الوقود الى العودة الى عملهم. الا ان عمليات النهب العشوائية استمرت، ما اثار الغضب والخوف في العاصمة. ومن جهتها دانت عدة جمعيات من المجتمع الاهلي السبت الانقلاب، ودعت الانقلابيين الى ترك السلطة بينما نددت اللجنة الوطنية لحقوق الانسان بمناخ من الارهاب ناجم خصوصا عن اطلاق عيارات نارية متقطعة. وزيادة على غموض الوضع العسكري يسود غموض سياسي حول مشاريع الانقلابيين. وندد 12 حزبا سياسيا ماليا في بيان مشترك بالانقلاب الذي حصل قبل خمسة اسابيع من الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 29 ابريل مما زاد في هشاشة موقف الانقلابيين.