لقد نشأت المقاومة الشرسة التي خاضها أبطال الساورة في أحضان الشعب فولدت من رحمه ولا يمكن فصل الشعب عن المقاومة التي تسري كالدم في العروق أو كالسمك الذي يجري في البحر. ومن هؤلاء الأبطال الأشاوس نذكر بوعزاوي بوعزة الملقب بكنية المقدم الذي فضل الجهاد في سبيل الله عن قعوده مع الخوالف ولم يرتد ولم يول الدبر فكان من الرعيل الأول المبكر الذي اجتباه الله ليحرر به شعبا بأكمله فصار من صناع الثورة في الصحراء ومن خيرة أبنائها. والقليل منا يسمع عن هذا البطل والكثير منا لايعرف اسمه الإضطراري وربما من أبنائه من يجهل كنية المقدم التي أطلقها عليه قائد الفداء الشيخ بن جودي المدعو سي علي فكيف استطاع التنظيم الثوري قبل 1954 تجنيد هذا الرجل المحوري الذي قدم الكثير للثورة الجزائرية في صمت وتفاني كان بوعزاوي بوعزة رجل متقدم في السن ولد سنة 1917 من أسرة عجمية مستعربة منحدرة من أشرف قبائل المنطقة فلاح أصلا يعرف الأرض من ضواحي ثنايا وتلال وسهول من لمريجة جنوب غرب سد جرف التربة إلى أم شقاق وبني الزيرق شمال شرق بشار بإمتدادها الجغرافي وعمقها الإجتماعي وهو إنسان مؤمن بقضاء الله وقدره، مسالم في حياته ومعينا للناس أجمعين يتمتع بمركز اجتماعي يدعوا للإحترام حيث كان من أهل الجاه ومن حكماء الأعيان الذين يفصلون في النزاعات بالكلمة المستقيمة والمسموعة. ومنذ أن سمع بإغتيال انهاري محمد بالهند الصينية من طرف البوليس الذي طارد إطارات المنظمة السرية، انكمشت قيادة التنظيم الثوري على نفسها لتبحث عن السبل الجديدة لتمر ير الرسالة في منطقة عسكرية محاصرة بالجيوش شأن ثكنة في بيئة وعرة منكمشة علما أن انهاري محمد مسؤول منطقة الجناح العسكري لحزب الشعب بالجنوب الغربي الذي كان يرأسه الإمام المناضل والمجاهد سيد أحمد ولد سد التهامي ذكره عبان رمضان في مقالاته الصحفية تحت إسم جودام سليمان ثم مسؤول المالية باللجنة الخماسية للمنظمة السرية ألقي به من أعلى الطائرة التي كانت تنقله فإستشهد وله أخ أصغره سليمان تستشهد في معركة طاحنة بوادي بريزينة رفقة إبن المقدم بوغزوي محمد. ومنذ ذلك الحين توجهت الأنظار نحو الجزائر العاصمة بحثا عن علاقات أفقية نحو الحدود الجزائرية المغربية لإيجاد منفذ في تحضير القواعد الخلفية. *البحث عن الإتصال في الداخل والخارج كان قادة التنظيم الثوري بالمنطقة يبحثون عن اتصال إلى حين وجد دحماني سليمان بلخديم سبيل الثورة بإتصاله عبر الإتصالات الهاتفية للسكك الحديدية أين كان يعمل مع ديدوش مراد المدعوا /سي عبد القادر الذي استطاع أن ينسج شبكة مناضلين بالمنظمة السرية عبر اتصالات السكك الحديدية التي كان يعمل بها ديدوش ودحماني على حد السواء وغيرهم أمثال بن جودي الشيخ والزاوي ذياب وشليون بلخير. كان أعضاء المنظمة السرية يبحثون في مطلع 1953 عن كيفية ربط الفداء بالتنظيم الثوري بالخارج وفكروا كثيرا ولم يجدوا سبلا لا في اختيار الرجال ولا الوقت المناسب ذلك نظرا لخطورة الوضع والحراسة المشددة المفروضة على كل واحد منهم وذات يوم وهم يتباحثون في أمور التنظيم الثوري في اجتماع سري بمنزل سليمان بلخديم (شعيب) بالشعبة وقعت عيونهم الحائرة على عشرين إناء ذات سعة 20 كيلو غرام للإناء الواحد الذي كان يحمل السمن وظلوا يفكرون في مستورع هذه البضائع ومستقرها إلى حين دخل عمي لخديم الذي أفادهم بأنه يأتي بها من قصور الشمال ويتاجر فيها بإستبدال منتجات مغربية بواسطة شاحنة لأحد يهود المغرب يدعى "لاارقو" مقيم يوجدة وقد خصل على رخصة استيراد وتصدير تسمح لشاحنته بالإياب والذهاب من بشار إلى وجدة ويقودها الطيب ولد محبز هكذا اكتشف فجأة قادة التنظيم الثوري "السمن" التي تؤدي بأمان إلى اختراق الحدود الجزائرية المغربية مرورا بالمدعو / بوعزة بوعزاوي. بادر قادة التنظيم الثوري بإدخال إبنه أحمد للكشافة بصفتها المدرسة الوطنية ثم أوكلت مهمة تجنيده للعم لخديم الذي خشي ثم رفض ثم غامر فأ صاب عندما قبل الشيخ بوعزة سنة 1953 العمل مع أول جماعة في التنظيم الثوري في إطار المنظمة السرية وفعلا اغتنم أبطال الحمادة فرصة بالضبط يوم 1953/11/12 في الوقت الذي كان الحاكم العام يزور فيه المنطقة إلى مدينة القنادسة وكانت ليلة بادرة سقطت فيها أمطار معتبرة وثلوج هائلة فوق المرتفعات حتى جعل الصحافة الفرنسية تتحدث عن البركة التي سقطت من السماء. *تأسيس قاعدة الإتصال واستطاع التنظيم الثوري أن ينسج قاعدة اتصالات انطلاقا من مصرية بوعزاوي بتنزارة (TANZARA) نحو مثلت الشبكة ببشار وذلك باستخدام دكان بائع الأثاث القديمة والأواني التقليدية للتاجر بوعزاوي محمد المتواجد وسط مدينة بشار أمام حمام "بلا" حيث كان يستقبل البضائع الوافدة من المغرب ومنها يتكلف بتسريب الأسلحة والإستعلامات والبريد نحو كشك انهاري عبدالقادر المدعو/ قادة منوي المفتوح لأعضاء المنظمة السرية الذين يطوفون حوله قرب مقر المنظمة السرية التي كان داخل مستودع تصليح الدرجات للأخ المجا هد فراد بيداوي المدعو بغداد تحت تغطية نادي كرة القدم للشبيبة الريا ضية الإسلامية لبشار علما أن هذه المحلات كانت تحت مراقبة شديدة لقائد الفداء السي علي شيخ بن جودي الذي كان هو الآخر له محل تصليح الدراجات النارية في نفس التجزئة العمرانية لتكتمل الشبكة وتنتهي بمصرية بوعزاوي من وإلى المغرب وهكذا استطاع التنظيم فك العزلة التي عاشها وربط الإتصال ونظم المواصلات في تهريب الرجال وتسريب السلاح وإيصال البريد ومعه الإستعلامات وإخراج الأدوية والملابس والبضائع تحضيرا لليوم الموعود. وتم ذلك فعلا بحلول إحدى الشخصيات التاريخية الستة الأخ خيذر محمد بالمنطقة حيث تفيد المعلومات المستقاة من أفواه المجاهدين والواردة من القاعدة أنه حل بمدينة بشار في خريف سنة 1953 قادما من مصر وشوهد بساحة ليطوا (PLACE LUTHAUD) واقفا بمستودع الدراجات للأخ المغربي والمجاهد فراد وكان يرتدي برنوسا أبيض و مظلا ملونا ومزخرفا ونظرات سوداء وكان يرتدي برنوسا أبيضا ومضلا ملونا ومزخرفا ونظارات سوداء وكان يحمل في عنقه آلة تصوير وله عصى من نوع مظلة الألمان يتكئ عليها وربما له فيها مآرب أخرى، إنما المكان الذي حل به كان مقر النادي الرياضي للشباب المسلم (SMB) وكان أيضا يخفي مقر أعضاء المنظمة السرية الذين يترددون عليه، وكان الأخ خيدر محمد مخبأ بغرفة داخلية لمطعم حقير (GARGOTE) للسيد الخلادي متواجد بالساحة العمومية في مطلع شارع كلافري حيث توجه إلى مدينة القنادسة ومكث بحوش قرب زقاق الحريقة بالقصر القديم قرب عين سيدي مبرك أين علم الفدائيين كيف تفكك البندقية ونصْب الخلية الخماسية. واستعادت شيئا فشيئا الخلية السرية أنفاسها لتباشر أعمالها في خريف 1953بعدما حل بالمنطقة خيدر محمد يرافقه قائد الفداء بن جودي الشيخ ومساعده سليمان بلخديم متوجهين إلى منزل المقدم بوعزاوي بوعزة بمصريته بتنزارة (الحمر) وأقاموا بتنزارة (بلدية لحمر حاليا) بمصرية المجاهد بوعزاوي بوعزة ثلاثة أيام ليحضروا اجتماع المؤتمر التمهيدي لحزب الشعب الجزائري المحظور وحزب انتصار الحريات لتشكيل جبهة جديدة واحدة موحدة تخوض الكفاح المسلح وتنفذ مشروع النصر أو الإستشهاد! وقام بوعزاوي بتنظيم حفل زفاف مزيف يوم 12 11 1953في ليلة ممطرة تساقطت فيها الثلوج إلى درجة أن وصفها صحفي فرنسي موفد خاص بجريدة (ECHO D'ORAN) فكتب عنها أن الإحتفالات نالت بركة السماء ما دامت الأمطار منت عليها بالخيرات ، فكان يقصد احتفالات القنادسة المخلدة لذكرى خمسينيات الدخول الفرنسي للمنطقة بتاريخ 12 11 1903. وفعلا في الوقت الذي كانت فيه الثورة ترتّب أمورها للإندلاع التاريخي، كانت فرنسا تحتفل في اليوم ذاته بإحياء ذكرى الخمسينيات دخولها إلى مدينة كولمبشار. *حادثة القطار رقم 2002 في 12 11 1953 زيارة عن ذلك الحدث الذي بإمكانه أن يغطي أعمال المؤتمر الجهوي السري، فكر قادة التنظيم الثوري في زرع الشك في صفوف العدو وصرف أنظاره، فقام رجال المنظمة السرية بهذه المناسبة مخلدين اجتماع المؤتمر الجحهوي المنعقد يوم 12111953 بتحطيم خط السكك الحديدية في اليوم نفسه بالمكان المسمى وادي لعوج على قرب 24 كم من مدينة بني ونيف شمالا، مما تسبب في تحويل القطار 2002 عن سكته محدثا خسائر معتبرة في البضائع والمعدات، خاصة أنه كان ينقل إبن باشا فقيق ولد سيد الطيب، وتنقلت فرقة الضبطية القضائية المختصة إقليميا في أبحث عن الجرائم لبوليس مستغانم فحققت في الموضوع وانته باتهام عرش الزناڤة بفقيق بالمغرب الشقيق الذين يريدون الإطاحة بالباشا وأغلق الملف من أساسه. لكن حقيقة الأمر يعتقد أن الفوج الذي قام بهذه العملية الجريئة هو فوج مساعد قائد الفداء الزاوي ذياب وانهاري بحوص وسي علي بن بوعلام الذين تبين أنهم لم يحضروا المؤتمر بل قاموا بتنفيذ العملية وكانوا في حراسته البعيدة، وفعلا لم نعثر على أسمائهم في المشاركة في المؤتمر بالرغم أنهم الثلاثة أعضاء المنظمة السرية وفدائيون ومما يعزز اعتقادنا أنهم يستعملون دراجات نارية في تحركاتهم وبإمكانهم جدا القيام بعملية خاطفة تتطلب حنكة ذياب عامل في السكك الحديثة وشجاعته والسرعة في التنفيذ. وكان لهذا العمل الثوري هدفان: 1 يتمثل الأول في صرف أنظار الإستعمار عما كان يجري بالمنطقة من استعدادات حثيثة لإندلاع الثورة المجيدة وتصويبها نحو المغرب الشقيق بتغذية الخبر بدعاية تبعد الخطر عن التنظيم الثوري السري. 2 ويتمثل الهدف الثاني في تكريس مبدأ الكفاح المسلح وتأكيد أعضاء التنظيم الثوري عزمهم على مواصلة الكفاح إثباتا لأحد الشخصيات التاريخية الست عضو اللجنة الثورية للوحدة والعمل على المستوى الوطني ككل. وحضر المؤتمر الجهوي بتنزارة القيادة المحلية للحزب المحظور والقيادة المحلية لحركة انتصار الحريات الديمقراطية وشيوخ الزوايا وأعيان قصور توات ، القرارة وتندوف وكذا أعيان سهل العبادلة وشيوخ منطقة زوزفانة وبني الزيرق مع جماعة المشايخ بقصور الشمال، وقرر هؤلاء بالأغلبية الساحقة انتهاج الكفاح المسلح أسلوبا والتنظيم الثوري منهجا وحرب العصابات تكتيكاإلى النصر أو الإستشهاد، ويمكن هنا الإشارة لمن أراد أن يبحث أن اجتماع تنزارة شهد ميلاد مبدأ المركزية الديمقراطية الذي يميز الثورة الجزائرية عن غيرها من الثورات في العالم. *اجتماع هرنو (بلجيكا) في جويلية 1954 وفي هذه الظروف المفعمة بفرحة الإحتفالات والمتميزة بسخاء المناخ ومظاهر الفرحة قررت الجمعية العامة في مصرية منزل بوعزاوي بوعزة بقصر لحمر أثناء مؤتمرها التمهيدي الجهوي اختيار الكفاح المسلح بأغلبية الأصوات وتم تعيين وفد يتشكل من عضوين يمثلان المنطقة باللجنة المركزية لحزب الشعب الجزائري المزمع انعقادها بمدينة "هورنو البلجيكيج" يومي 14 1516 جويلية 1954 وسفار تحت ألقاب مستعارة وبطاقات تعريف الهوية مزوّرة وسقط الإختيار على دحماني سليمان بلخديم المدعو (شعيب بن عمر) وشيخ بن جودي المدعو (سي علي) مكلفين بتلاوة اللائحة السياسة وكان ممول هذا العرس السياسي انهاري الطيب المدعو (المجدوب) مسؤول المالية بالمنظمة السرية للمنطقة بشار. فصادقت الجمعية على تعيين موفدين لمؤتمر اللجنة المزكية لحزب الشعب الجزائري المنعقد اجتماعها يومي 15، 16، 17جويلية 1954 ببلجيكا في مدينة هرنو فوقع الإختيار على بن جودي الشيخ وسليمان بلخديم الذين سافروا تحت ألقاب مستعارة متنكرين لهويتهم. ثم عاد الوفد في ثوب رسمي جديد يدعى اللجنة الثورية للوحدة والعمل CRUA عن طريق تو نس في خريف 1954 ليلتقي بالشهيد مصطفى بن بولعيد أسد الأوراس الذي أطلق كنية "ثعلب الصحراء" على شعيب، فتلقوا أوامر عن كيفية تحضير العمل الثوري وأسالبيه ومناهجه وأهدافه وذلك بإقحام العروش والقبائل في الكفاح المسلح وبتوجيه ضربات موجهة للعدو حتى يستأثر ويغضب ليشن حملات القمع التي يفر منها الشعب للثورة انتقاما لذويه وحبا لوطنه وجهادا في سبيل الله. كما عقد اجتماع آخر في يومي 7، 8 و9 أكتوبر 1954 نظمته اللجنة الثورية للوحدة والعمل في هذا السياق حيث تم اختيار القادة من بين ممثلي القابل والعروش أكثرهم وطنية وشجاعة والمتمعن في التركية البشرية لأول اجتماع اللجنة الثورية للوحدة والعمل يكتشف أنه بغض النظر عن مهندسي العمل الثوري بالمنطقة أمثال بن جودي الشيخ وسليمان بلخديم اللذان يمثلان أولاد سيدي الشيخ والرزاينة، أولاد أنهار نجد أيضا ممثل قبيلة أولاد جرير الأخيار، وممثل قبيلة ذوي منيع الأبطال وممثل قبيلة الشراقة الشجاعة وممثل برابرة قصور الشمال البواسل، وقبائل العين الصفراء الشجعات وممثل الزنوج الوطنين الأشاوس لوادي الساورة، وتيميمون وحتى ممثل قبيلة الرقيبات الأسد بتندوف، والشعانبة الأحرار والأخيار. *إندلاع الثورة بالمنطقة في 1956/06/17 وتوجت هذه الاستعدادات بفتح الجبهة الجنوبية واقحام الصحراء في حرب التحرير بإرسال المجاهد ورقلو من فيقيق حمّله شعيب حقيبة قنابل ورشاشات ثم أمره بإتصال مع قائد الفداء الزاوي ذياب بمدينة بشار ليشعل فتيل الثورة، وفعلا دخل ورقلو عبر مسالك جبل بشار تم استطاع أن يخرج الشاب شريقي قادة من المقهى مقابل مخبزة بونينة فإلتقي ببوفلجة ولد بن خيرة وضرب له موعدا ليوم السبت 1956/06/17 على الساعة السابعة مساء بمخبأ صنباوي بالدبدابة أين إلتقى مع الزاوي ذياب وفوج الفداء وأشعلوها نارا على الساعة الثامنة مساء حيث فجروا الحانات والمقاهي وأماكن إيواء الصباط مثل "مسبح تشينة" الذي كان يأوي نادي الضباط و"مقهى طرجمان" وحانة " الواحات" و"لابراسري" وغيرها من الأماكن الذي نسفت بالمتفجرات . وعندما تنقل شعيب وكتيبته لإضرام النيران بمحطة القطار بتنزارة (بلدية لحمر حاليا) والمنابهة مباشرة بعد فتح الجبهة الجنوبية نزل شعيب واليميم (بن خيرة ولد بوفلجة) في خريف سنة 1956 ببيت " بوعزاوي بوعزة" وطابا منه إحضار 80 خبزة من الرغيف للمجاهدين الذين كانوا يرافقونه، فحضرلهم العشاء وانطلقت كتيبة شعيب في تنفيذ عمليات مزرعة بلهواري وحرق محطات القطار في تنزارة والمنابهة ثم القيام بتصدير الشاحنة التي كان يقودها "الطيب ولد محيز " للتنقل إلى سفح جبل عنتر وإحراقها ونجا" بوعزاوي" من هذه الأحداث العسكرية الذي لعب فيها دورا هاما بتقديم المعلومات والدعم المادي والإسناد والمؤونة، ثم قام بترحيل عائلة "شعيب" على متن جمالا حاملا زوجة شعيب " سليماني حدة" ووالده "دحماني لخديم" وأمه "إنهاري ضاوية" وزجة أخيه" سليماني مريم" إلى ما وراء الحدود الجزائرية أين حط الرحال الإخوة "إنهاري عبد القادر" و"إنهاري الشيخ". وفي سنة 1957 في أواخر شهر نوفمبر فوجئ حينما كان يقيم زفاف لإبنه يزحف ترسانة من جيش فرنسا الغاشم المدججة بالسلاح الذي سرعان ما طوق المنطقة وإعتقل كل أفراد عائلته بما فيه العريس ثم أتلف العساكر خزائن القمح والشعير وأفرغها هدرا وقتل الماشية والحيوانات وأتلف السمن والحليب وبعثر الشاي وغيره من المواد الغذائية ثم ألقى القبض على المجاهد " بوعزة" الذي لفظ أنفاسه تحت التعذيب بحجة أنه قام بمأدبة زفاف لتسريح من جيش التحرير الوطني الذي كان يمنع الحفلات إلا بإذن منه، وبقي العريس الذي أفرج عنه تلك الليلة الباردة يطف بين بشار ولحمر ماشيا حافيا والخلاصة أن "بوعزاوي بوعزة" المدعو (المقدم) من مواليد 1917 هو فلاح أصلا إبن المنطقة ومن أعيانها وشيوخ لحمر جاهد بماله ونفسه فداء للوطن وفي سبيل الله عمل في سرية تامة وغادرنا في صمت رهيب ليلتحق بالرفيق الأعلى تاركا ورائه أعمال كفاح مسلح حتى النصر أو الإستشهاد. ونال فعلا الشهادة في يوم خريف وفي شهر نوفمبر الموافق ل: 1957/11/11 تحت التعذيب الجهنمي ولفظ أنفاسه بين أيادي جلاديه وهم يحتلفلون بيوم النصر. فهذا البطل الفذ مجاهد من الرعيل الأول فتح منزله لينطلق منه التنظيم الثوري المسلح أثناء اجتماع تنزارا بمصريته في يوم 1953/11/12، قام بتحضيره "محمد خيذر" أحد الأعضاء التاريخيين الستة رفقة قائد الفداء "الشيخ بن جودي" ومساعده "دحماني سليمان بلخديم" وهو إجتماع تحضيري للمؤتمر الجهوي للحزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية (PPA/MTLD) حيث عين خلاله وفد يتكون من ممثلي منطقة الصحراء، فتوجه الوفد لحضور اجتماع اللجنة المركزية لحزب الشعب الجزائري المنعقد في 17/16/15 جويلية 1954 بهرنو (بلجيكا) ثم بعد عودتهم نظما أول أجتماع الدبدابة التاريخي للجنة الثورية للوحدة والعمل (CRUA) الذي إنعقد بمنزل "شبلون بلخير" يومي 09/08/07 أكتوبر 1954 . *ماضي حافل بالنضال والغريب في الأمر أن هذا البطل الفذ غادرنا في وقت أفرغت فيه المنطقة من قوات جيش التحرير الوطني وذلك بخوض معارك العرق دفاعا عن البترول بقيادة "الهاشمي محمد" المدعو "أبو راقع وحركاتي مصطفى" بينما توجه لواء المسرية للقعدة بقيادة "لطفي" و"شعيب" ليدافع عن وحدة البلاد. * لقد استضاف "خيذر محمد" بمنزله لمدة ثلاثة أيام سنة 1953 . * كشف عن المسالك السرية الوعرة بالحدود الجزائرية. * لعب دورا محوريا في انتشار وتنظيم المنظمة السرية * قدم الدعم والمؤونة لجيش التحرير الوطني سنة 1956 . *هرب عائلة شعيب للمغرب في نهاية 1956 وجانبها الإبادة. *شكل همزة وصل بين الفداء في الداخل والجيش في القواعد الخلفية. ويكفينا فخرا أنه الدليل العارف لشؤون الأرض الذي عينه قائد الفداء رفقة أربعة رجال للإتصال واعتمدهم بصوف عبد الحفيظ المدعو(سي مبارك) و" لطفي" 1- بوعزاوي بوعزة المدعو (المقدم) دليل المنطقة الحدودية 2- الهاشمي محمد المدعو (أبو رافع) دليل منطقة العرب والتوات قورارة . 3- سليماني سليمان المدعو (إنهاري) دليل منطقة تندوف 4- رزازقي لعرج المدعو (الجنرال) دليل منطقة العين الصفراء، البيض، والقعدة فإستشهد البطل بوعزاوي بوعزة على أيادي بلاديه يوم 1957/11/11 واستشهد إبنه بوعزاوي محمد سنة 1958 قرب وادي بريزينة في اشتباك مع القوات الفرنسية رفقة انهاري سليمان. فكان أولئك المجاهدين من المؤمنين الذين أمنوا باللّه ورسوله ولم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئم هو الصادقون... فلا خوف عليهم لاهم يحزنون. فله الحمد رب السماوات ورب الأرض، رب العالمين، اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا وأهدينا سبل الرشاد. *متصرف رئيسي خريج المدرسة الوطنية للإدارة ومن نجبائها * رئيس دائرة البيض سابقا