إسترسل مؤخرا مجموعة من المؤرخين والأساتذة وثلة من المجاهدين الشهود العيان في سرد تفاصيل الثورة التحريرية بالإقليم الجغرافي لمنطقة سيدي الجيلالي بأقصى جنوب ولاية تلمسان وهذا من خلال ندوة تاريخية نظمتها مؤسسة الولاية الخامسة التاريخية- فرع تلمسان بالتنسيق مع قسم التاريخ والآثار بالجامعة تحت شعار- الأصالة الثورية أمانة وشرف- والتي احتضنتها المكتبة البلدية لسيدي الجيلالي حيث تم اثراؤها بمحاضرات ساقت فعاليات الحرب ووقائعها، إذ نادى الأستاذ بولوفة بكتابة تاريخ المناطق للغوص في أحداث الجزئيات وتأسيس الشهادات والإستدلالات من الآباء المجاهدين كون الثورة لم تكن إرتجالية ولا مخططة وإنما كانت عملا مقاوما منذ أن فرض الحصار، وأشار إلى أن الجهاد تطور من أسلوب عسكري إلى سياسي فكثرت التكتيكات في شأن حرب التحرير والإستعداد في دفع الهيمنة الإستعمارية وحددت بذلك خريطة العمل الفدائي واعطاء الأولوية للنضال الداخلي قبل الخارجي، وقال أن المنطقة الخامسة حملت استراتيجية إدارية وليس جغرافية وتشكلت من ستة مقاطعات تعادل 17 مرة مساحة فرنسا أي أن هذه المنطقة مثلت ثلث (1/3) مساحة الجزائر وزعت على 8 مناطق عسكرية من الشرق والغرب والجنوب، وقد تعاقب على المنطقة خمسة قادة منهم العربي بن مهيدي وبوصوف وهواري بومدين والعقيد عثمان وأضاف المتدخل في سياق طبيعة الولاية الخامسة أن نسبة 70 بالمائة منها سهوب من تضاريسها غير مغطاة وعرفت صعوبة في بداية الثورة . ومع هذا نظم بها 14 هجوما في أوت وسبتمبر وأكتوبر من عام 1954 وتم التحفيز على جمع الأسلحة والمال من قلب الشعب باعتبار المسالك كانت وعرة، وتطرق نفس المحاضر إلى العراقيل والصعوبات التي واجهتها الولاية الخامسة من ضمنها الأمور الحساسة الخاصة بالأسلحة والإتصالات رغم ما أطلق عليها من طرف المؤرخين بالمنطقة الهادئة لاسيما الفرنسيين لنشر الدعاية حول محدودية الثورة وهذا لغرض إيديولوجي وعاد الأستاذ إلى نقص الأرشيف الثوري الجزائري الذي رحلته فرنسا في أواخر 1958 قبل خروجها قبل الإستقلال في 1962 . فيما راحت مداخلة الدكتور طاهر جبلي الخاصة بقواعد التموين الحدودية على الجهة الغربية أثناء الثورة تظهر القواعد الخلفية الرامية لتوفير السلاح وإعداده تحسبا للحرب التحريرية. وقال في الصدد ذاته بأنه كانت هناك قاعدتين لدعم السلاح في هذه الفترة الأولى واحدة بطرابلس والثانية بالمغرب والتي كان معظم ريفها تتمركز به مراكز التدريب وهيئت فيها ممرات كما هو الحال لممر »فيڤيڤ« ومن بين المراكز التي كان لها صدى في تخزين الذخائر والأسلحة وغيرها للراحة والتخطيط والعلاج والمحافظة السياسية والتي وقعت تحديدا بزاوية بركان وسيدي بوبكر ووادي سطوف وطوطو وجبل أولوت وجنان السواحي والنعيمة ووجدة وكذا مركز الجبّار وڤرارة ومركز لعريش وتيطوان ودار الكبداني وفاق عددها الأربعين 40 مركزا لعب دورا هاما في إعداد جيش التحرير 6100 مجاهد تفرقوا بالحدود كل حسب مهامه، من جهته قرأ الأستاذ محمد طالب في مداخلته أبعاد التكوين والتدريب العسكري في الصفوف الخلفية المدعمة للثورة ومداها السياسي والحزبي المؤدي للخروج من السيطرة الإستعمارية التي أرادت فرنسا بثها بالأراضي الجزائرية. كما تم إثراء فعالية الندوة التاريخية بشهادات حيّة أملتها جماعة كبيرة من مجاهدي سيدي الجيلالي عايشوا الوضعية الإستعمارية الحرجة والتي كلفتهم نضالا متواصلا لم يثنيهم عن الجغرافية السهبية والحدودية لمنطقتهم وضربوا أمثلة لمعارك خاضوها بحزم وعزيمة مفادها الحرية والسيادة لا غير منها معركة ڤير مسعودة التي تفجرت في الثامن جانفي عام 1957 بجبال سيدي الجيلالي ومعركة عين خليل التي لا يفصلها عن الحدود المغربية سوى 15 كلم والتي خطط فيها بالتدقيق للإيقاع بالبوليس الفرنسي الذي كان يتتبع عيون الثوار، ومن أهم المعارك والأحداث التي شهدتها سيدي الجيلالي في الفترة الممتدة من عام 1955 إلى 1960 حدثت كالتالي : كمين الضابط بوقلي بقيادة المجاهد الراحل بن حميدي محمد المدعو مراد. معركة العوينات 18 مارس 1956 بقيادة لشقر جيلالي كمين بوعياط الميزاب أفريل 1956 بقيادة العطوشي أحمد كمين البويهي سنة 1956 بقيادة نوالي الحاج المدعو »الطاهر الواسيني« هجوم ثكنة بلحاجي بوسيف أوت 1956 بقيادة عبد الرازق صحراوي معركة خليل »الأولى« سنة 1956 بقيادة عبد الرازق صحراوي معركة خليل »الثانية« سنة 1956 بقيادة نوالي الحاج المدعو طاهر الواسيني معركة تازوقارت أكتوبر 1956بقيادة بلعباس أحمد هجوم ثكنة تيولي الحدود المغربية الجزائرية 22 أكتوبر 1956 بقيادة يحيى قاسم / جلولي بوعلام. معركة جبل الحيرش 14 ماي 1957 بقيادة عياد قدور معركة قبر مسعودة جانفي 1957 بقيادة جلولي بوعلام / الوالي محمد هجوم ثكنة دار المحلة 1957بقيادة يحيى قاسم هجوم على القيطنة بسيدي عيسى 1957 بقيادة رجم عبد العزيز القسنطيني. معركة تنوشفي »الأولى« 1957 معركة جنين بن طلحة 1957 معركة حسيان بن يعقوب 1958 بقيادة بن صديق قدور الملقب محمود معركة طريق الصفاح سنة 1958 بقيادة سيد بغداد وكريوش وأسر بها 11 جنديا فرنسيا معركة تنوشفي »الثانية« 1958 بقيادة »ديش العرب« معركة تنوشفي »الثالثة« 1958 معركة جبل عصفور ثنية البيضة جانفي 1960بقيادة حاريث حسناوي فاضل وبوعزة قدور أسر من خلالها 12 جندي فرنسي وخرجت الندوة على إثر دراسة تاريخية ومناقشة واستدلال دام يوما كاملا بتوصيات أعلن فيها القائمون على هذا اللقاء تحقيقها والأخذ بناصية مضمونها كالحث على كتابة مذكرات المجاهدين بالحجج والبراهين وتوجيه الطلبة نحو البحث في التاريخ المحلي للمنطقة مع الدعوة إلى تعميم مثل ذات المبادرة عبر كافة جهات دوائر ولاية تلمسان بالإضافة إلى تنسيق العمل بين المنظمة الولائية للمجاهدين وجميع الهيئات والمؤسسات المعنية بكتابة وتدوين التاريخ لجمع شهادات محاربي ثورة التحرير بشتى نواحي الولاية وكذا المطالبة بطبع أعمال الندوة في إصدار مطبوع ومنشور للإستفادة منه عموما. وما نشير إليه أن عائلة الشهيد بالبارّ علي بوسدرة وأخاه عبد القادر تدعو الجهات المسؤولة على مستوى عال بالوزارة الوصية وحتى بالولاية أن تتذكر هذين المسبّلين اللذين ضحيا من أجل وطن العزة والكرامة بتسمية بعض المرافق والمؤسسات العمومية عليهما ما دام هناك مشاريع قيد الإنجاز بربوع تلمسان عامة وسيدي الجيلالي خاصة حتى يتعرف الجيل الصاعد والحالي على إبني هذه العائلة التي أهدت الجزائر فلذة كبدها للدفاع عن أرضها المغتصبة وها هم في الوقت الراهن في عداد المنسيين.