في زمن وكل شيء.. إفتراضي، زمن الألعاب والألوان إلى الصور والديكورات وعجلت ثورة إبتكار (3D) إلى محو كل ما هو تقليدي وطبيعي وحقيقي أيضا كهرباء التكنولوجيا والأضواء المختلفة أفسدت علينا رومانسياتنا وأصيبت مشاعرنا بشلل الجمود فتجولت أحاسيسنا الاصطناعية إلى مجرد كلام بلا روح، ما أحوجنا إلى ضوء شمعة في ظلام دامس لا يظهر في الأفق سوى وجه حبيب قادم ؟ لماذا لم يعد يلهمنا القمر ولا أصيل الشمس الساطع على الشاطئ أو على رمال صحرائنا الذهبية في عصر السرعة والصرع أصبحنا نجري وراء الأضواء الكاشفة وأضحت « ليفيميجان» والألعاب النارية ديكورا أساسيا في أعراسنا ومهرجاناتنا قتلناها بالأشعة الليزرية وعروض « الداتاشو» وجعلناها ترسم لنا خلفيات طبيعية اصطناعية بعدما كنا نزين منصتها بالورود المتفتحة وأوراق الأشجار الخضراء كلها روائح عطره وألوان جذابة تنعش الحاضرين وتعطي للفنان مزيدا من الإلهام والإبداع، حضر الليزر وحضرت رسوماته وغابت عن المكان روحه وشاعريته. منازلنا ومداخل فيلاتنا وعماراتنا وحتى مكاتبنا أصيبت هي الأخرى بمرض الطبيعة الاصطناعية وسرنا نجتهد في تزيينها بأزهار بلاستيكية وأشجار من الكارتون وحتى مفترق طرقاتنا وساحاتنا العمومية غزاها الاسمنت وفرضنا تلميعها بالدهن الأخضر لتظهر لنا أرضيتها وكأنها عشب طبيعي . وأصبحت مهمة عمال البلديات طلاء الأرصفة والطرقات (بالأخضر ) طبعا، لماذا لم تعد لنا القدرة على تذوق الجمال على الخلق والابتكار والاكتفاء بكل ما هو جاهز، وكيف نفسر إقتناءنا لصناديق الحيتان (Aquarium) الاصطناعية بها صور (وهمية) لحيتان اصطناعية وخلفيات لقاع البحر على لوحة بلاستيكية مضيئة .. حتى المياه المياه فيها افتراضية ! مصيبتنا في عصر التكنولوجيا والرقمية أننا لم تعد تلهمنا الطبيعة بسحرها ونكاد نقتل حواسنا بأيدينا فلا اللمس ولا الشم ولا النظر يعملان فينا كما كان الحال سابقا أصبحنا نبحث عن طبيعة اصطناعية حولت جبالنا وتلالنا غاباتنا ورمالنا إلى صور صامتة (وصامطة).. تبا لطبيعة افتراضية فرضت نفسها علينا وقتلت فينا مشاعرنا وشاعريتنا وعشقنا للأشياء.. فهل عرفتم إلى أين نحن ذاهبون..!؟