صدر منذ أيام طبعة جديدة للكاتب قدور شاهد بعنوان " ذاكرة الألم " و هي مجموعة قراءات لصور حقيقية تبرز كيف كان الإنسانُ يعذب الإنسانَ في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي، وكيف كان يتلذذ ويجد ذروة شهوته في رؤية الألم والخوف في وجه الآخر، وهي رسالة من أحد أبناء جيل الاستقلال أراد أن يقول بطريقته شكرا لكم أيها المتألمون من أجل أن تحيا الجزائر حرة . و قدور شاهد هو من مواليد قرية السواعد بمدينة برج بونعامة المتاخمة لجبال الونشريس، يقطن بمدينة تيزي وزو عاصمة جبال جرجرة، بين جرجرة والونشريس نشأ وترعرع، متحصل على شهادة ليسانس في الحقوق، ومدير مجلة حنين الثقافية، متخصص في مجال تصميم وإدارة المواقع الإلكترونية والإعلانات الإشهارية ويقدم دروسا في هذا الميدان، مهتم بدراسة التاريخ وعلم مقارنة الأديان، ولديه بعض البحوث في هذا المجال، وهو المشرف الإعلامي لبعض الجمعيات الاجتماعية الخيرية بتيزي وزو، كما يكتب من حين لأخر بعض النصوص الأدبية من شعر وخاطرة وقصة ومقال، ويهوى جمع العملات النقدية، كما يعشق السفر وفن التصوير، إلى جانب بعض الهوايات المتنوعة الأخرى. * صدر لكم مؤخرا كتابا يحمل عنوان " ذاكرة الألم" فما رسالة هذا الكتاب ؟ كتاب " ذاكرة الألم " هو مجموعة قراءات لصور حقيقية تبرز كيف كان الإنسانُ يعذب الإنسانَ في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي، وكيف كان يتلذذ ويجد ذروة شهوته في رؤية الألم والخوف في وجه الآخر، " ذاكرة الألم " هي مجموعة نصوص نحاول من خلالها محاكاة التاريخ، والسفر عبر الزمن لنعيش الألم الذي عاشه الآباء، " ذاكرة الألم " هي رسالة من أحد أبناء جيل الاستقلال أراد أن يقول بطريقته شكرا لكم أيها المتألمون من أجل أن تحيا الجزائر حرة. * تصورون في " ذاكرة الألم" جانبا من المأساة والمعاناة التي عاشها الشعب الجزائري إبان الاحتلال الفرنسي، فكيف جاءتكم فكرة تأليف هذا الكتاب المحاكي للتاريخ ؟ ولدت فكرة هذا الكتاب منذ عامين تقريبا، كنت حينها أتجول بين أجنحة متحف المجاهد بمدينة تيسمسيلت، فأتأمل صور الشهداء الأبرار وأقرأ سيرهم العطرة، فاستوقفتني ثلاثة صور متسلسلة جعلت الدماء تتجمد في عروقي وألهبت براكين الغضب في روحي، كانت صور لجندي فرنسي يذبح أحد المدنيين الجزائريين أمام مرأى من أشقائه الذين نالهم نفس مصيره، ومن تلك اللحظة لم يهدأ لي بال حتى عقدت العزم على المضي في تأليف هذا الكتاب، وهنا لابد لي أن أشكر كل من ساعدني لتحقيق هذا المبتغى، واسمحوا لي أن أبعث عبر صفحات جريدتكم المتألقة رسائل عرفان إلى كل من السيد محمد عاجد مدير متحف المجاهد بتيسمسيلت الذي قدّم لنا يد العون، وأشكر أيضا أستاذة الأدب العربي بجامعة منتوري بقسنطينة الأستاذة سعيدة بشار لمراجعتها وتدقيقها للنص العربي للكتاب، كما لا يفوتني شكر الدكتور حميد فوال لترجمته النصوص إلى اللغة الفرنسية، وأشكر كل من الشيخ يوسف زوبار والسيد سيد علي أورايس لتكفلهما بطباعة الكتاب، والشكر موصول إلى كل من شجعني. * غالبا ما يستعين أي كاتب بضمائر الغائب للكتابة عن التاريخ والماضي، ولكن نرى في "ذاكرة الألم " أنكم استعنتم في أغلب نصوص الكتاب بضمائر المتحدث والمخاطب، فما سر ذلك؟! هي ملاحظة في محلها، وقد تعمدنا ذلك حقا، والهدف من وراء ذلك هو نقل القارئ من حيز المشاهدة إلى حيز المعايشة، أو بتعبير أخر هو إجبار القارئ على تقمص دور الضحية أثناء مطالعته لنصوص الكتاب، ولكي يتسنى لنا ذلك كان علينا الاستعانة بضمائر المخاطب في أغلب النصوص، ويتضح ذلك أيضا من خلال بعض ما جاء في مقدمة الكتاب:‘‘تعالوا بنا جميعا نرحل إلى زمن أولئك ونحاول ولو لبضع لحظات أن نكون مكانهم، تعالوا نحاول أن نعيش الألم كما عاشوه هم، تعالوا نجرب أن نحيا الخوف كما فعلوا... * نجد في " ذاكرة الألم " إلى جوار اللغة العربية ترجمة باللغة الفرنسية، إلى ما تهدفون من وراء ذلك؟ صدرت الطبعة الأولى من ‘‘ذاكرة الألم‘‘ بلغتي الضحية والجلاد، وسنجتهد إن شاء الله في الطبعات القادمة لإضافة لغات أخرى، سنسميها لغات الشهود، والهدف من وراء كل ذلك هو أن نقول للإنسانِ في كل مكان انظر ماذا كان يفعل الإنسانُ بالإنسانِ.. * ماذا سنقرأ لقدور شاهد بعد " ذاكرة الألم " ؟ حسنا.. الأفكار متزاحمة جدا في ذهني والحمد لله، ولكني منشغل جدا هذه الأيام بتأليف كتاب جديد في مقارنة الأديان، حول البشارة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في ما تبقى من النصوص المقدسة لأهل الكتاب، وسيكون الكتاب إن شاء الله بأسلوب وطرح مختلف عن ما سبق تأليفه من قبل في الموضوع نفسه، وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على إنهاء تأليف هذا الكتاب. + هل لكم أن تلخصوا لنا نشاطكم الثقافي ؟ غالبا ما تقترن الثقافة بالمعرفة، وأكيد أن المعرفة لا حدود لها، لأجل ذلك تجدني أسعى دائما لتنمية رصيدي المعرفي من خلال المطالعة والاحتكاك بالمثقفين، ولعل مجلة حنين الثقافية تلخص كل ذلك، فبعد إنشائها منذ أزيد من ثلاث سنوات فتحت لنا آفاقا واسعة للاحتكاك بأهل الثقافة في كل مكان، وللسفر أيضا دور كبير في ذلك فقد أتيحت لي فرصة المشاركة في عدة ملتقيات فكرية وثقافية داخل وخارج الوطن. * ما حكاية مجلة حنين الثقافية ؟ أذكر جيدا عندما كنت طفلا صغيرا مشغوفا بالمطالعة وكنت أستعير من مكتبة والدي بعض الكتب لقراءتها، ككتب ويليام شكسبير وطه حسين ومصطفى لطفي المنفلوطي وغيرهم، كما أذكر أيضا أن والدي كان يشتري من حين لآخر مجلة اسمها (الجيل) وفي حقيقة الأمر لم تكن موجهة للصغار ومع ذلك كنت مولعا بمطالعتها لأنها تحمل بين صفحاتها الكثير من المعلومات المفيدة، وتقريبا منذ ذلك الحين وأنا أحلم أن تكون لي مجلة مثلها، ولأن أحلام الصغار غالبا ما يؤجل تحقيقها، فكانت الانطلاقة الرسمية لمجلة حنين الثقافية على الأنترنات في الفاتح من أفريل 2010، أطلقنا عليها اسم حنين، لأن الحنين هو العامل المشترك بين كل البشر، فكل منا لديه حنين إلى لحظة ما في حياته، حنين هي مجلة تهتم بالثقافة عامة تهدف لاكتشاف وإبراز مواهب المبدعين في كل المجتمعات العربية والإسلامية والإنسانية، شعارها:(لنسمو بالإنسان إلى قمّة الرقي)، كانت بدايتها صعبة نوعا ما لظروف معينة، منها صعوبة إقناع بعض الأقلام للكتابة فيها، وهذا أمر طبيعي جدا، لأن الإنسان بطبعه عدو ما يجهل، وحنين كانت مولود حديث النشأة في عالم الثقافة، فرفعنا التحدي وعقدنا العزم على الاجتهاد من أجل تطويرها وتحسين مردودها والحرص على وضع سياسة اشهارية جيدة لها، والحمد لله فالمجلة تلقى صدى طيب في الجزائر وخارجها وتشهد من حين لأخر انضمام بعض الأقلام المبدعة من هنا وهناك، فالمجلة في انتشار مستمر، نحمد الله ونشكره على ذلك. * ماذا أضافت مجلة حنين الثقافية لقدور شاهد الحقوقي؟ بالرغم من أني درست الحقوق ولم تكن دراستي الأكاديمية الإعلام والصحافة، إلا أنني تسللت خلسة إلى هذا المجال، وحاولت من خلال ولعي بالثقافة أن أضع بصمتي في عالم سريع لا ينتظر أحدا، مجلة حنين الثقافية هي نافذتي التي أطل من خلالها على العالم، وهي حديقتي التي نزرع فيها الزهور الجميلة، وهي ملتقى المبدعين من هنا وهناك، مجلة حنين تكفر بأنانية السياسة وصراعاتها ولا تعترف إلا بالحرف الجميل والموهبة الفذة، مجلة حنين أعطتني السعادة ونحن بدورنا نحاول أن نقدم السعادة، وبالمناسبة سأغتنم فرصة وجودي في مدينة وهران لأقرئها سلام الأستاذ الشاعر الأديب أحمد البوطاهري من المغرب الذي قضى جانبا من شبابه في وهران، ولأن نسائم الحنين تسللت إلى قلبه كان له رجاء أن نذكره فيها ولها، وها نحن نفعل ذلك لعلنا ندخل شيئا من البهجة إلى قلبه، فهذه هي رسالتنا باختصار. * ما موقع الهوايات في حياة قدور شاهد الإنسان ؟ تحتل الهوايات حيزا كبيرا في حياتي، والإنسان الذي يملك الهوايات تتسع رؤيته إلى العالم أو دعوني أقول أنه ينظر إلى العالم بنظرة مختلفة، قد يعتبر الناس أن الهواية هي في أصلها لعب أطفال أو جنون مراهقين، ولكني أعتبر الهواية هي الثقافة بعينها، على سبيل المثال هواية جمع العملات التي أمارسها منذ 20 سنة تقريبا، فالقطعة النقدية قد تمثل لدى معظم الناس قيمة مادية فحسب أما عندي فهي تمثل التاريخ والجغرافيا والحضارة واللغة، وتحمل في ذاكرتها الكثير من أخبار وأسرار الناس الذين تداولوها بينهم، هذا من جهة ومن جهة أخرى ينتابك شعور رائع أنك تملك شيئا هم قليلون جدا من يمتلكونه، ونفس الأمر بالنسبة لباقي الهوايات الأخرى ككتابة الشعر والخاطرة والقصة والمقال كونك تستطيع فعل ذلك في حين يصعب على الكثيرين فعله سيشعرك ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد وهبك ما لم يهبه لغيرك وأكيد أنه قد وهب غيرك ما لم يهبه لك، ولأجل ذلك أحمد الله تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فقط يجب أن يحب الإنسان ما يفعل سواءً كانت هواية أو غير ذلك، لكي يتقن ويبدع وبالتالي ينتج شيئا ذا قيمة. * ماذا عن العمل الجمعوي في أجندتكم اليومية ؟ أنا فرد من المجتمع، والمجتمع يحتاج إلى من يخدمه ولأجل ذلك فلديّ علاقات طيبة مع بعض الجمعيات الاجتماعية في تيزي وزو التي تعمل على رفع الغبن عن الكثير من أفراد المجتمع المحرومين من مرضى ويتامى ومحتاجين وأذكر من بينها جمعية "ثافوناست إڤوجيلن" (بقرة الأيتام) التي تأسست سنة 2008 والتي تهتم بالأيتام والأرامل، وكذلك جمعية "ثيرڤوى" (السواقي) التي تأسست سنة 2006 والتي تعنى بالفقراء والمحتاجين، وجمعية "أسيرم نثوذارث" (أمل الحياة) التي تأسست سنة 2012، والتي تعنى بالمرضى، وتتلخص مهمتي في الجمعيات الثلاث على الإشراف الإعلامي وإدارة مواقعها الإلكترونية والسهر على التعريف بها وبنشاطاتها مستغلا تخصصي في مجال الإعلام. * كلمة أخيرة تختمون بها هذا الحوار؟ أتقدم بالشكر الجزيل لجريدة الجمهورية وكل طاقمها وأتمنى لها مزيدا من التألق في سماء الصحافة ومزيدا من الازدهار والتطور، كما أغتنم فرصة هذا الحوار لأبعث برسائل حب وتقدير إلى كل قرائكم الكرام.