فن الرقص أو الكوريغارافيا واحد من الفنون التي تعتمد على حركات متناسقة للبدن تقدم وفق أسس وحسابات مدروسة تجسد من خلالها تقنيات هذا الفن من أجل رسم عرض كوريغرافي، هو في الواقع سيناريو لقصة ما، ولا يمكن لهذه العملية الإبداعية أن تنجح إذا لم يتوفر التكوين الذي يعتبر الخطوة الأولى لتثبيت خطوات أخرى على الخشبة، وهنا بالتحديد لا تنفع الموهبة لوحدها بحيث أن الكوريغرافيا بكل ما تحمل من أنواع للرقصات بما فيها الرقص الشعبي أو التقليدي المتوارث من تقاليد المجتمع الجزائري لا يقوم على العدم بل هو أطر وحركات دقيقة مكتسبة عن طريق عملية التكوين وعند هذا الأخير سنتوقف. مدرسة وحيدة لتعليم الرقص الشعبي بوهران تحتكم عاصمة الغرب الجزائري وملتقى الفنون وهران على مدرسة واحدة ووحيدة لتعليم أصول الرقص وتقنياته وأنواعه المختلفة على غرار الرقص العصري بما فيه الهيب هوب وغيره من الأنواع والرقص الشعبي الذي يضم الشاوي، والعلاوي والترڤي والقبائلي والعاصمي والوهراني وتركز المدرسة على الرقصات الشعبية التي لم تكن متواجدة من قبل على الساحة الوطنية من أجل إعطائها لمسات إبداعية جديدة ومعاصرة تهدف إلى ترقية هذا الفن وإيصاله إلى العالمية لا سيما وأنه يدخل ضمن تراث الجزائر العريق والمتميز جدا. وتعمل المدرسة منذ تأسيسها سنة 2007 على تلقين أصول الرقص مع تصميم الرقصات والتدريب على كيفية تناسق حركات الجسد، ويشرف على عملية التكوين الكوريغراف الشاب خماس عبد القادر الذي يبذل جهودا كبيرة من أجل ترقية فن الرقص التقليدي المتوارث مستفيدا من خبرته في هذا المجال وتجربته الطويلة مع بالي "أرابيكس" الذي كان متواجدا بوهران ، كما كان هذا الكويغراف قد يعلم بدوره تقنيات تصميم الرقصات من خلال تكوينات أجراها بالجزائر العاصمة وباريس ليدخل بذلك في مجال التخصص كمصمم للرقصات والإشراف على أكثر من 40 شابا وشابة إلتحقوا بالمدرسة من أجل التكوين. هذا وأفاد مسؤول المدرسة والمؤطر أيضا عبد القادر خماس أن الإلتحاق بالتكوين يتم كل سنة عن طريق كاستينغ يتم من خلاله إختيار عدد من المرشحين الإنضمام إلى المدرسة، والإستفادة من خدماتها، وكان آخر كاستينغ أجري على مستوى ولاية وهران قد نظم نهاية السنة الفارطة أين تم إختيار 15 شابا تتوفر فيه شروط الإلتحاق وممارسة فن الرقص، ومن ضمن هذه الشروط أضاف الكوريغراف اللياقة البدنية وقدرة التحمل بحيث أن هناك أنواع من الرقصات متعبة تتطلب جهدا كبيرا، ولا تزال أبواب المدرسة مفتوحة أمام كل الموهوبين للإنضمام إلى البالي والإستفادة من خدماته الفنية. بعد "أرابيسك" المرجاجو يواصل المسيرة شهدت وهران سنة 1998 ميلاد أول بالي متخصص في الرقص الشعبي هو بالي "أرابيسك" وكان هو الآخر مدرسة لتكوين الشباب في كل أنواع هذه الرقصات التقليدية منها الشاوي والترڤي والقبائلي والعلاوي والعصامي وكانت ترأسه السيدة عائشة مصممة الرقصات وقد عرف هذا البالي نجاحا كبيرا وظهورا متميزا في عدة تظاهرات دولية مثل من خلالها الجزائر ومن ضمن الدول التي وقع فيها مشاركته نذكر فرنسا، ألمانيا، إسبانيا وتحمل على عدة جوائز كما كانت لبالي "أرابيسك" مشاركة متميزة جدا في حصة مسك الليل الفنية التي كانت تبث على القناة الوطنية سنة 2004 بعدها انتهى مشوار هذا البالي ولكن لم ينته عمل عبد القادر خماس الذي عمل كراقص طيلة مدة ظهور أرابيسك". وعندما توقف نشاطه أنشأ فرقة للرقص لوحده فجاء بالي المرجاجو سنة 2007 ليكون ثمرة جهد كبير وأول مولود للمدرسة بحيث نقل هذا الكوريغراف تجربته المتميزة وخبرته التي تواصلت مدة 10 سنوات إلى أجيال عشقت فن الرقص وأرادت التخصص فيه بطريقة صحيحة لها أصولها وقواعدها المعترف بها. قريبا "ملحمة الجزائر" في رقصات شعبية ويعمل الكوريغراف على توسيع نشاط المدرسة لتضم مختلف ولايات الجهة الغربية الفقيرة في هذا المجال وذلك من أجل رفع مستوى الرقصات حسب ما ذكره وكذا الخروج من الروتين وكل ما هو مألوف في الرقص الشعبي والوصول إلى العالمية، ونشير في هذا الصدد إلى أن "بالي المرجاجو" شارك رغم قصر عمره في مسابقات للرقص العصري والوهرانيبفرنسا ويحضر عدة مشاريع مهمة دائما في مجال استثمار التراث من خلال أفكار جديدة وإبداع في الرقصات التقليدية مع اضفاء بعض الحركات الكلاسيكية لإعطاءها جمالا فنيا خاصا ولم يتوقف نشاط المدرسة يوما واحدا ومع الأسف هي اليوم بحاجة ماسة إلى مقر خاص من أجل توسيع النشاط وبعد أن كانت الفرقة تجري تدريباتها بدار الثقافة "زدور براهيم بلقاسم" بوهران هي اليوم بقاعة داخل "دار الشباب معواد أحمد" وتنشط بدعم من جمعية ترقية الثقافة والفنون "زدور ابراهيم بلقاسم". فضلا على ما قدمه "بالي المرجاجو" من لوحات فنية لا تخلو من روعة الأداء والحضور والجمال يواصل الكوريغراف خماس مهمته الإبداعية في مجال الرقص الشعبي بحيث يظهر في كل مرة بلوحات فنية استعراضية جديدة وممتعة وكان قد قدم سنة 2007 رقصة العلاوي بفنيات جديدة، وعاد من بعيد بالرقصة الترقية سنة 2009 وأضاف إلى هاذين الرقصتين لمسات خاصة ومعاصرة تطابقه بعض الشىء والرقص المعاصر مع الحفاظ على الروح التقليدية لهذا الفن، وقال خماس انه لم يكتف بما قدمه بعض الراقصين بل أضاف ما وصل إليه من خلال بحوثه في كل الرقصات الجماهيرية من أجل الوصول الى أجمل الرقصات وهو يحمل نظرة بعيدة المدى من أجل إيصال هذا الفن العريق إلى العالمية. ويطمح من خلال البالي إلى إنجاز العديد من المشاريع برقصات فلكلورية تحمل بصماته الخاصة وهو حاليا بصدد تكوين كوريغرافيا ملحمة الجزائر وتتضمن لوحات إستعراضية لرقصات شعبية من كل مناطق الجزائر بحيث أن كل منطقة معروفة برقصة معينة تحمل ميزات خاصة من حيث الحركات واللباس وكذا الإيقاع وكل ذلك يؤخذ بعين الإعتبار من أجل تقديم عرض كوريغرافي متكامل وقد جاء هذا الإنجاز نتيجة بحوث ومجهودات قام بها خماس وصل من خلالها إلى أدق تفاصيل كل رقصة وهو حريص دائما على ترك توقيعه الخاص على كل لوحاته الكوريغرافية التي يقدمها بالي متمكن ومبدع . وتجدر الإشارة أن بالي المرجاجو شارك بكل من الرقصة الوهرانية، ورقصة العلاوي والرقصة الترڤية التي حملت فنيات جديدة أبدعها خماس في إطار التبادل الثقافي ضمن فعاليات المهرجان المحلي للفنون والثقافات الشعبية لولاية وهران بعدة ولايات عبر الوطن صنع فيها مشاهد رائعة لرقصات شعبية مميزة ولا يزال المشروع متواصلا لإعطاء بعدا اخر لفن الرقص الشعبي بالجزائر وأيضا من أجل تثمين هذا التراث وحمايته من الزوال. ونذكر في الأخير أن الكوريغراف عبد القادر خماس وفي إطار بحثه المتواصل في الرقص الشعبي لديه مشروع خاص هو بصدد إنجازه ويتعلق الأمر ب "رقصات الوطن" عنوان بحثه الشرفي الجامعي الذي تم قبوله من طرف المدرسة الوطنية للفنون الجميلة ويحمل هذا الإنجاز حسب تصريح صاحبه سبع رقصات خمسة منها رقصات مألوفة ورقصتان جديدتان وقد رفض الفصح عن المزيد من التفاصيل حول المشروع المهم أنه وقفة خاصة يحتاجها فن الرقص الشعبي بالجزائر.