بسالتها وشجاعتها حيرت الجيش الفرنسي ودوخت العقول البشرية ،فرغم صغر سنها آنذاك الا ان اصرار "داني الكبير سعدية" على الجهاد من اجل تحرير الحبيبة الجزائر كان فوق كل اعتبار،فتخلت "محجوبة الصغيرة" الاسم الذي اطلق عليها ابان الثورة عن الاهل والدراسة ..والتحقت بالمنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني سنة 1958 وعمرها لم يتجاوز ال 17 سنة ،بحيث كان يقتصر دورها على جلب الدواء من مستشفى بلعباس اين كانت تتربص كممرضة وارساله الى المجاهدين عن طريق شقيقتها المجاهدة،لتوسع نشاطها الجهادي سنة 1959 وتنتقل الى الجبل لتحارب جنبا الى جنب اخيها الرجل وتتسلح بالعزيمة والارادة وكل ما تملك من قوة من اجل تحرير الوطن الغالي. بدأت المجاهدة الشجاعة مشوارها المسلح بولاية عين تموشنت التي كانت تنتمي الى المنطقة الثالثة اين شاركت مع رفقائها في السلاح في عدة عمليات عسكرية اهمها تلك التي شهدها دوار "المساعيد" ببلدية بوزجار تم من خلالها الاستحواذ على 7 رشاشات .ليتم تحويلها بعد مظاهرات 1960 الى المنطقة الخامسة بسيدي بلعباس مسقط رأسها اين كلفت رفقة رفيقها في الجهاد "سي المخطار" باعداد التقارير العسكرية وجمع الاموال ،وفي ذات يوم من شهر جويلية 1960 تسرد المجاهدة التي استقبلتنا بصدر رحب بمسكنها الكائن بوسط المدينة،قامت رفقة "سي المخطار" بقتل ملازم في سلاح الطيران في الجيش الفرنسي بعد اعتراض طريق موكبه بالمخرج الجنوبي لسيدي بلعباس واطلاق النار عليه ليقوما بعدها بالفرار وسط الغابات المحاذية،وفي اليوم الموالي اعلن الجيش الفرنسي حالة الطوارئ وتم تطويق كل المنافذ وتم تدوين اسم الفتاة الصغيرة في القائمة السوداء قبل ان يتم القاء القبض عليها بحي سيدي ياسين في نفس السنة بعدما وقعت في فخ نصبته لها احدى "الحركيات" ليتم نقلها لمعصرة الزيتون "بطريق معسكر" اين ذاقت اسوء انواع التعذيب على يد النقيب "بونس" شخصيا لمدة عشرة ايام كاملة ،لتتذكر الحاجة سعدية اسوء ايامها بهذا المركز لتنساب دموعها المحملتين بالذكريات المؤلمة التي لم يستطع الزمن محوها من الذاكرة بحيث تفنن جلادها في تعذيبها سواء بالكهرباء او بالجلد ...ولكن الفتاة الباسلة لم تبع ذمتها للعدو وحفظت الامانة التي القيت على عاتقها ولم تبح باي سر من اسرار رفاقها المجاهدين رغم علمها بجميع التفاصيل و مراكز الاختباء ومكثت بالمعصرة 6 اشهر في حبس انفرادي ليتم تحويلها الى مزرعة "بارج" بمخرج حي ماكوني ببلعباس قبل ان يتم نفيها الى سجن "تيفيشون" بالعاصمة اين مكثت ستة اشهر وتم اطلاق سراحها في 29 مارس 1962 بعد ايام من اعلان وقف اطلاق النار في 19 مارس من نفس السنة. لتعود ادراجها الى مسقط رأسها عاصمة المكرة اين تفاجأت بقتل عناصر المنظمة السرية لعديد المواطنين فقررت جلب السلاح من اجل الدفاع، فاستقلت سيارة وتنقلت الى بلدية حمام بوحجر بعين تموشنت وقامت بملأ المركبة عن آخرها بمختلف انواع الاسلحة كالرشاشات والقذائف والمسدسات ...ووزعتها على المجاهدين والمواطنين ببلعباس للدفاع عن ذواتهم .