فقدت الساحة الفنية الجزائرية ظهيرة أول أمس الممثل القدير العربي زكال عن عمر يناهز 76 سنة وذلك بعد صراع طويل مع مرض العضال وقد وورى جثمان المرحوم بمقبرة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة أمس بحضور نخبة هامة من الممثلين والمخرجين وكذا أصدقاء المرحوم الذين تأثروا لرحيله وودعوه بحزن كبير بعد أن تعوّدوا على وجوده المتميز وتألقه الكبير على شاشات التلفزيون والسينما، فقد كان رحيله في هذا الوقت المبكر بمثابة خسارة كبيرة للأسرة الفنية الجزائرية التي طالما اعتزت بحضوره وبمشاركاته القيمة ناهيك عن نجاحه في تمثيل السينما الجزائرية من خلال مشاركاته في العديد من الأفلام الأجنبية أين تعامل مع مخرجين أجانب وأثبت للعالم أنه فنان حقيقي وجدير بتمثيل بلاده في أضخم المهرجانات والتظاهرات الدولية. والجدير بالذكر فإن المرحوم العربي زكال قد بدأ مسيرته الفنية إنطلاقا من المسرح أين وضع رجله الأولى بكل ثقة على ركح الخشبة وأطلق العنان بإبداعاته وموهبته الفنية التي كشفت عن حبّه الكبير للفن وعشقه للمسرح الذي احتضنه بكل ثقة وفسح أمامه المجال لتقديم كمّ هائل من العروض المسرحية على غرار مسرحية » القاعدة والاستثناء« كما عمل كمساعد مخرج في عرض » هي قالت وأنا قلت« والعديد من المسرحيات التي بلغ عددها اجمالا حوالي 78 مسرحية. وبعد نجاحه في هذا المجال اكتشفت ميوله الآخر الذي قاده في جو السينما ففضل الدخول من بابه الواسع من خلال فيلم معركة الجزائر سنة 1968 الذي ظهر فيه كجندي شجاع وقدم بطولات مؤثرة في فريق جبهة التحرير الوطني ولأن هذه الأفلام الثورية كانت بمثابة بوابة النجاح لهذا الممثل الموهوب فقد خاض تجارب أخرى في فيلم وقائع سنين الجمر سنة 1974 و»ريح الجنوب« إضافة إلى فيلم »شرف القبيلة« و»فاطمة جزائرية دكّار«. وكل هذه الأفلام الثورية كشفت عن الموهبة الحقيقية للعربي زكال ووضعته في صوتية راقية شهد لها بالتميز ناهيك عن افلام أخرى مثل فيلم » الأفيون والعصا« سنة 1969وفيلم من هوليود إلى تمنراست سنة 1991 وكذا الفيلم التونسي الجزائري » شارع النخيل الجريح« مع المخرج التونسي طارق بن عمار، علما أنه جسد دورا رائعا في فيلم »حورية« للمخرج محمد برقي سنة 2009 مع الممثلة الموهوبة رانيا سيروتي أين عالجوا قصة العنف الإرهابي في العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر وآخر دور قدمه المرحوم كان في الفيلم الجزائري الناجح » الخارجون عن القانون« للمخرج رشيد بوشارب أين جسد دور » القايد« وأدّاه بطريقة مثالية أثبت من خلال تمكنه من الفن وترجم خبرته في هذا المجال مما جعل رحيله عن الساحة الفنية خسارة فادحة لا يمكن تعويضها مما توالت الأجيال وتكاثفت الجهود. ومن جهة أخرى وإثر رحيل الفنان العربي زكال فإن وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي قد بعثت برسالة تعزية لعائلة الفقيد مؤكدة أن العربي زكال صاحب شخصية قوية كما كان متواضعا طيلة حياته وكونه لطيفا وحساسا كما كان يستقبل المجاملات بكل تواضع بالرغم من أنه تعامل مع أكبر المخرجين الجزائريين والأجانب وكان محبوبا لدى المشاهدين وكل هواة المسرح. كما ذكرت الوزيرة تومي في برقيتها أن الممثل المحبوب العربي زكال فكان دائما يؤدي أدواره بنجاح ابتداء من الفرقة الفنية لجبهة التحرر الوطني إلى ظهور آخر أعماله » الخارجون عن القانون« واختتمت رسالة التعزية بقولها أن الجزائر تفتقد للعربي زكال أحد أبنائها المتميزين خصوصا أنه أحبها واحترمها وقدم لها الكثير إلى غاية آخر نفس له. ومن جهتهم فإن أبناء قريته ومنطقته سيدي أمحمد فقد تحسروا كثيرا لفقدان المرحوم خصوصا أنهم سلموه العام الماضي البرنوس الذهبي من خلال احتفاليه برنوس البلدية اعترافا بما قدمه من أعمال فنية مسرحية ودرامية سينمائية وأخرى تلفزيونية خدمة للحركة الثقافية والفنية الجزائرية علما أنه من مواليد هذه البلدية أي من مواليد عين الزرقاء التي تعرف حاليا بشارع زكّال. يعتبر فقيد الفن الجزائري خسارة كبيرة لا تعوض وهو من الذين طالهم التهميش في حياتهم ولم يحظوا بإهتمام أو تكريم طيلة حياته الفنية من طرف الجهات المختصة ورغم ذلك يبقى الفنان خالدا بأعماله التي تألق وتميز فيها وعايش من خلالها كل الأجيال الفنية ويبقى اسما خالدا في التلفزيون والسينما الجزائرية رحم الله الفقيد وألهم ذويه الصبر والسلوان.