تحصي الجزائر سنويا 42 ألف حالة لداء السرطان في مختلف أنواعه وهو رقم مخيف يكشف مدى الإنتشار السريع لهذا الداء في مختلف شرائح المجتمع والذي يؤدي غالبا إلى الوفاة خاصة إذا لم تتوفر الوسائل الناجعة للحد من تفاقمه ووهران كغيرها من المدن الجزائرية تحوي على نسب كبيرة من حاملي هذا الداء الخبيث ذلك أن فئة المصابين بالسرطان فضلا على معاناتهم من المرض وما يسببه من آلام كبيرة فإنهم يشتكون من صعوبات عدة للعلاج أو بالأحرى التخفيف من الأوجاع أبرزها التأخر الكبير في مواعيد العلاج الإشعاعي والكيميائي للمريض بسبب الضغط الكبير على المراكز القليلة المتواجدة بالمصحات وكذا نقص الأدوية إذا لم نقل ندرتها بالصيدلية المركزية وهو ما يضاعف من معاناتهم حيث تتضارب تصريحات المرضى والأطباء مع تلك التي تقدمها بعض الجهات ذات الصلة بمشكلة ندرة ونقص أدوية علاج السرطان كدواء »الأفسيتين« الذي يعتمد عليه الأطباء في علاج أنواع مختلفة من السرطان كسرطان الثدي والجهاز العصبي والقولون والكلى ويساهم بصورة كبيرة في إنقاذ الأرواح إضافة إلى »إرسيبتين« الخاص بعلاج سرطان الثدي ليس له جنيس ما يؤكد عودة مسلسل ندرة الأدوية إلى الواجهة ناهيك عن طوابير المرضى التي تصطف بالمئات أمام مصالح العلاج بالأشعة والعلاج الكيميائي. من جهته أكد المدير العام للمستشفى الجامعي لوهران السيد بغدوس عبد القادر أن المشكل الذي تعاني منه مختلف المصالح الطبية المتخصصة بالعلاج بالأشعة (راديو تيرابي) هو مشكل وطني ولا يقتصر فقط على المصلحة التابعة للمستشفى الجامعي لوهران بالرغم من أن هذه الأخيرة تستقبل عددا كبيرا من المرضى المصابين بداء السرطان سيما القادمين من الولايات المجاورة وحتى من الناحية الشرقية والجنوبية حيث يتسبب هذا الإقبال في زيادة الضغط على المصلحة التي تتوفر على جهازين الأول المسمى »السيميلاتور« المتخصص في تحديد موضعي للورم وجهاز الأشعة الثاني يستخدم لإستهداف المنطقة المصابة وإزالتها. إحتواء المشكل وهناك عوامل أخرى تساهم في ترك قائمة كبيرة من المرضى ينتظرون العلاج منها على وجه الخصوص حسب المدير فترة العلاج التي تتراوح ما بين 20 دقيقة أو ربع ساعة للمريض الواحد إذ تتطلب هذه العملية فحوصات دقيقة ومعمقة وما يعني أنه في اليوم الواحد لا يمكن إخضاع جميع المرضى للعلاج بالأشعة لذا تتم برمجتهم في مواعيد أخرى ناهيك على أن بعض المصابين بالورم الخبيث يتلقون علاجا على 3 مراحل بداية من الجراحة ثم العلاج بالأشعة وكذا العلاج الكيميائي. وإستحسن مدير المستشفى فتح بعض المصالح الإستشفائية المتخصصة في العلاج الكيميائي على مستوى الولاياتالغربية وهو ما رفع نوعا ما الغبن على مستشفى بن زرجب غير أن المشكل الذي تعاني منه حاليا هذه المصحة هو النقص المسجل في عدد من الأدوية المستقدمة في العلاج الكيميائي بالرغم من أن المؤسسة تدعمت منذ أسبوعين بكميات جديدة لكنها غير كافية مشيرا إلى فقدان 5 أنواع من الأدوية على غرار حقنة (بيليوميسين) ومع ذلك فإن المؤسسة تمكنت من إحتواء المشكل الذي بلغ ذروته في شهري جوان وجويلية المنصرمين أين سجل عجزا كبيرا في الأدوية المستعملة في العلاج الكيميائي خاصة وأن هناك بعض المرضى يتلقون العلاج جرعات في المصل الكيميائى 3 مرات في الأسبوع لتفادي إنتشار المرض في كل أنحاء الجسم سيما أن أي تأخير في أخذ الجرعات الكافية من شأنه أن يؤثر على صحة المريض التي تتدهور حالته بسرعة خصوصا وأن العلاج الكيميائي مرتبط بعاملين هامين وهما توفير المواد الكيميائية وإحترام مدة العلاج. كاشفا في سياق حديثه أن تكلفة العلاج الكيميائى (la chimio - thérapie) تقدر ب 150 مليار سنتيم سنويا تخصصها إدارة المستشفى الجامعي لإقتناء المواد الكيميائية الضرورية وهو ما نسبته 50٪ مقتطعة من ميزانية التسيير للمستشفى مؤكدا أن المصلحة المتخصصة في العلاج بالأشعة تتكفل حاليا ب 1500 مريض مصاب بداء السرطان يخضعون للعلاج بالأشعة (Radio thérapie ) وما يزيد عن 450 حالة مبرمجة تنتظر دورها . 122 حالة يوميا : وحسب الإحصائيات المستقاة من إدارة المستشفى فإن عدد الحالات المتوافدة يوميا على مصلحة العلاج بالأشعة تصل ال 122 حالة تستفيد من الكشف بالأشعة من أصل 755 حالة إصابة بالمرض تتداول بصفة مستمرة على هذه المصحة منها 228 حالة سرطان الثدي الذي يحتل الصدارة بوهران وإحصاء 87 حالة إصابة سرطان عنق الرحم بالإضافة إلى تسجيل 45 إصابة بسرطان الجهاز الهضمي و14 حالة سرطان الحنجرة و12 إصابة بالورم الخبيث على مستوى الجلد و43 حالة إصابة بسرطان الرئة و26 إصابة بسرطان المثانة و24 حالة إصابة بسرطان المعدة و276 حالة متعددة الإصابات بالورم وهي أرقام تؤكد ما مدى إستفحال هذا الداء الذي بدأ يستشري بشكل خطير بدليل أن المصلحة التابعة لمستشفى بن زرجب بوهران لم تعد قادرة على تحويل الضغط الكبير للمرضى خاصة وأنها تعاني من عجز كبير في الطاقم الطبي المتكون من 10 مختصين فقط يعملون بدون توقف إبتداء من الساعة الثامنة صباحا وإلى غاية السابعة مساء بخلاف المصالح الأخرى التي لا تتعدى فيها ساعات العمل الساعة الثالثة زوالا. كما أن التشغيل المستمر لجهاز »راديوترابي« من شأنه أن يؤثر على فعاليته بحيث أن هذه الأجهزة لا تستطيع تحمل الضغط وأضحت تتعرض من حين لآخر لأعطاب مفاجئة ولحسن الحظ فإن الصيانة متوفرة وتستنجد الإدارة بمهندس مختصّ في تصليحه كلما حدث عطب مفاجئ وللعلم فإن هذا الجهاز المستخدم لعلاج المرضى بالأشعة يعمل منذ سنة 1983 أي منذ 27 سنة وفي كل مرة يتعرض لأعطاب تقنية بينما الجهاز الثاني المكمل تدعمت به المؤسسة منذ سنة 1997 . نحو القضاء على سرطان الثدي أما فيما يخص العلاج الكيميائي فإن المصلحة المعنية تكفلت بما يقارب ال 5000 حالة تداولت على فترات للإستفادة من المصل الكيميائي في حين يتعذر حاليا على بعض المرضى الإستفادة من العلاج الكيميائي لغياب بعض الأدوية التي يتوقع أن تستلمها الصيدلية المركزية قريبا حسب ما أكده مدير المستشفى. ويرى المختصون أنه لمن الضروري تفعيل عمل وحدات الكشف المبكر لداء السرطان خاصة بعدما تدعمت بأجهزة ماموغراف وجهاز الأشعة التي من شأنها تشخيص المرض والقضاء عليه في مراحله الأولى حيث أن الإرتفاع المذهل في معدل الإصابة سنويا مرده هو غياب الوقاية والتشخيص المبكر الذي لا يسير بوتيرة متسارعة لعدم توفر ثقافة لدى المواطنين وغياب التوعية الصحية خصوصا وأن نمط العيش تغير وهو عامل ساعد بكثير في إنتشار الداء.