و أنتما تلِجان قاعة القول الفصل .. (عَندك العَتْبه قُدامك يا بَنتي )!!!فاهت بها والدتك بكيفية كأنها نذير بكاء ، محاولة الترويح عن الحال التي خاطتك مُلاءة حِداد لها .. شققت سبيلك وَسْط عيون ظمأى لكاسات معتقة من قضايا بلدتك الغامضة أبدا .. رميت ِ الجسد الذي سَرْبَلهُ الخَوَرُ على كرسي خشبي .. رحت تتأملين وجوها أضناها عشق الحقيقة ، كما أضحكها وأبكاها الزمن و الإنسان .. انتبهت إلى هدوم ارتديْتِها في لحظة وجل وتسرع ..سوّيت ما اعوج منها وأنت مُسدلة (لحافك ) على نصفك العلوي ، كي لا يتفطن أحدا للصنيع الذي تأتين .. تحسست عقدك ، و قرطين تشبثا بأذنيك .. دمعت مقلتاك المتعبتان لمّا وقعتا على أم تربت على فخذ ابنتها المثقلة بصبي بهي الطلعة .. أطلقت تنهيدة من ظلمات الأعماق ، تخطفتها أذنا الرءوم فالتفتت شطرك لافظة في خلسة :هذا اللّي كتبه ربّي .. أتشجعي بَنتي)شرد ذهنك ..شرعت تقذفين سهام النظر عبر ثقب (اللحاف ) تتفرسين الملامح ..تختلقين قصصا لها .. تستفهمين في غياهب النفس النازفة : أينك مني اليوم يا أبت ، إلى متى تزدري بشرا مثلك ؟ .. هل تذكر كم خطيبا غيرَه طرق بابك ؟ .. هل نسيت ؟ أم تراك تذكر كل ذلك يا أبت ؟..كفاك ما جنيت يا أبت .. كفاك .. لست أدري عاقبة أمري .. لست أدريها كيف تكون يا أبت ؟ كيف تكون يا ظالمي في عمر الزهور؟ .. كيف تكون ...كادت نبضات المضغة العالقة بجذع صدرك ، تسكن عن حركتها إلى الأبد ، حين جذبتك التي حملتك كرها ووضعتك كرها .. كانت يداها لا تتوقفان عن جذب لحافك ) . و شفتاها قد تراكمت عليهما كل ضروب التوسل : ( نوظي .. نوظي يا بنتي ، هذا " تورك " ، يا ربي عاون بَنتي !!يا سيدي...)انتصبتِ واقفة .. شعرت بيد رحيمة تمتد خلفك لتسوي سُترتك .. اعترى القاعة زفير شبح السكون الخانق .. اشرأبت الأعناق ملتفتة إلى وراء ...شخصت الأبصار ، لتراك و أنت كأنما جنازة عزيز على متنك ، تسيرين الهوينى، محاذية الجدار الذي رق لومضة عَبْرة حاولت الإفلات منك .. لحسن الحظ، رجلاك لم تألفا أحذية ذات كعوب مسمارية ..تعودتا المطاط الذي لا يعلو صوت وَقْعِهِ على أرضية بلاط كهذا ..لحظة الإحراج كافية لحدوث الإغماء ، لولا عقلك المُبتل بوابل الوصايا والتأكيدات ..عيون المنصة في عجلة من أمرها .. شفاه طاقمها تناديك .. تأمرك : قفي هنا .. قف أنت من هذه الناحية !!محياك غمامة حزن كثيفة على وشك الهطول .. حاولتِ تضميد الموقف بالتشبث بحبال الغدد اللعابية ، التي كان سائلها يتسلق حلقك ، عله يفك قيد اللسان المكبل بأغلال التلعثم ، و الخوف من المجهول ... و أنت تختلسين قسماته ، داهمك تأنيب جارف ، لم تعد سريرتك ذات حول على ادّخاره إلى فرصة أخرى ..جعلت تناجين النفس ... تستجدينها : صدقيني يا لوّامه !! .. لم يسألوا عني أوردتي ..لم يسألوا أحشائي ..لست أنساه يوما تصدعت فيه جدراني .. لطمت فيه الخد مرآتي ، التي عودتني ملاقاة وجهي الصبوح على صفحتها ... كسرتها يوم ذاك مرآتي .. مزقتها يوم ذاك حقيبة أشيائي الصغيرة .. بصقت يوم ذاك على آخر صورة التقطت لي قبل الأفول !! .. ألم يكفك وخزي ، و أنا رهينة إحدى سياراتهم التي شهرت بي في ثنايا الأزقة ؟ ... كمية جراحات كنت يا لوامة ، حين طافوا بالضريح سبع مرات متعاقبة ، تطاير إثرها غبار تبركت به كل عجوز أبت إلا أن تشيّعني إلى مثواي ؟؟ .. اغتصبوني يا لوامة ، طافوا بتمثال .. بقلب طار النبض من أوكاره .. أفرغوا عطرهم .. كل عطورهم لأجل قدّي ، هذا الذي عبثت العواصف بأوراقه ، التي أذهل مَرآها ذوي هذي القسمات .. هذا الأسى الماثل قبالتي ..صدقيني يا لوامة .. هي ذي بقية أوراقي تسقط أمام الملأ !!واقفة كالمسمار ظللت تحملقين في كل شفاه المنصة ، و هي تحاول إعادة دفن رُفات حُزن كان دفين مقبرتك الوحيد .. تتناوبك ، كملعقة لدى ضيوف مُعْوز .. تقيّأت كل عمرك ، و تقيأه جلادُك بدوره .. واصلت مطاردة قارب عقلك الذي نأى من بر اليقظة الواعية .. محكمة !! .. قالت المنصة ، كأنها تصرخ في وجه كل حامل لِوَرَم خطيئة .. صحت سماؤك جرّاء دوي الصرخة .. كفكفتِ دموعا دعاها نبش أيام بلياليها .. استأنفت المنصة : هل لديكما أقوال أخرى ، أخيره ؟؟ هو : إنها لا تلاءم طبعي .. لن أتراجع عن أقوالي .. حرمتها سيدي القاضي .. حرمتها .. حرمتها عن نفسي إلى الأبد !! هي : كفاني ما عانيت سيدي القاضي .. اقض ما أنت قاض!! ثم التداول ... أردفت المنصة : أمركما لا يستدعي اجتهادا قضائيا منا .. القانون واضح .. صريح ..توقفت المنصة عن لفظ ما تحتم لفظه .. التفتت الأعناق إلى الأعناق ...سكتت الكراسي .. قضت المحكمة : يتحتم تبعا للأسباب المذكورة علناً ، الحُكم بانفكاك العصمة بينكما !!بعضُ شظايا الهمسِ المُصوّبُ من أركان القاعة ، أجبر لُعاب فيك على التراجع : هذا الوجه ، ليس غريبا عني .. تذكرت .. كانت تلميذة عندي !! قال الأول . رفض خطيبها الرابع أيضا لأنه (عاطل) ، كما يقُلن ، ويقولون !!قال الثاني . تعني جامعيا ؟؟.. بلا سِجل ؟؟ ،، بلا رصيد ؟؟ .. تساءل الأول . يبدو أنك غافل .. الأمر بات عقيدة لديهم يا صاحبي ؟؟ أجاب الثالث. ألا يكفيهم إسلامُه ؟ .. استفسر الثاني . يا أخي ، إذا جاءك من ترضى دينه و خُلقه... زوجه !! .. نطق الأول مستشهدا . مسكنها غير بعيد عنا .. كانت جميلة حدّ الفتنة !! .. قال الثاني . مسكينة .. توقعت لها هذه العاقبة !! .. قالها الرابع في حسرة ..جَف حلقُك .. كأن الحياة فارقت أعضاءك ، عدا غدد دمعية كانت تترجم الحالة إلى قطرات ساخنة تتساقط تباعا ، فوق بطن طفق ينتفخ مع الأيام .