لا يبدو أنّ ملف الصحراء الغربية سيُطوى سريعا بعد أن دخل سنته التاسعة و الثلاثين و تتخلص هيئة الأممالمتحدة من أخر مسائل الاستعمار في القارة الإفريقية ، بيد أن الخطاب الأخير لملك المغرب في الذكرى التاسعة و الثلاثين لما سماه الحسن الثاني ب" المسيرة الخضراء " في زحفه لاحتلال الصحراء الغربية بعد تنازل اسبانيا عن مستعمرتها التي ظلت تحتلها حوالي تسعين سنة ،قد جاء مكرسا لإستراتيجية النظام المغربي في إطالة عمر النزاع مع جبهة البوليساريو الممثل الشرعي للشعب الصحراوي و المدافع عن حقوقه في الهيئات العالمية و الإقليمية و المنظمات الحقوقية . الملك المغربي و تحديا لإرادة هيئة الأممالمتحدة الرامية إلى إجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية من أجل تقرير مصير الشعب الصحراوي سجل مرةً أخرى سقطة جديدة من سقطات التمادي في الهروب إلى الأمام بإعلانه أن الرباط لن تمنح الصحراء الغربية شيئا غير الحكم الذاتي في إطار الحكم الملكي المغربي بدل تفعيل مشروع الاستفتاء الذي أقرته الأممالمتحدة و انشأت من أجله بعثة المينورسو في 1991و تسعى إلى احصاء الصحراويين من أجل تنظيمه . و من خلال هذا الخطاب يُستشف بشكل واضح أن نيّة نظام المخزن من أجل طي ملف النزاع غير متوفرة و هو ما يعني أن هيئة الأممالمتحدة مقبلة على مزيد من المراوغات و التمرد و التعنت من جانب المغرب تجاه الشرعية الدولية و قرارات الأممالمتحدة التي أوجدت " المينورسو " من أجل الوصول إلى الاستفتاء في الأراضي الصحراوية . و أيضا المفاوضات غير المباشرة بين المغرب و جبهة البوليساريو في منهاست في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تنتهي دائما كما تبدأ منذ 2007 أكثر من ذلك و من خلال الخطاب الملكي الذي حمل هذه الأفكار المبيّتة التي تنمي عن عدم توفر النية في فض نزاع يعمِّر في القارة منذ تسعٍ وثلاثين سنة و يرهن مصير سكان آخر المستعمرات الافريقية بل و يحد من حقوقهم الانسانية و يرهن مصيرهم في بناء دولتهم و يرهن مصير الدور الحيوي للمنطقة كاملة . يُستشف أنّ السياسة التوسعية المغربية في الصحراء الغربية مع ما حملته من تسلط على السكان و التحرش بهم ارتبطت أيضا ارتباطا وثيقا بالوتيرة السريعة في السطو على خيرات المنطقة . و بعد تسعٍ و ثلاثين سنة من الاستعمار الاستيطاني و الجهود الأممية و الإقليمية من أجل فض هذا الاحتلال يأتي الخطاب الملكي في ذكرى الزحف العسكري مخيِّبا لآمال الصحراويين و المطالبين بحقوق الانسان عبر العالم و يرهن مصير المستعمرة التي تتطلع إلى الاستقلال و التخلص من براثين نظام المخزن. ومما لا ريب فيه أنّ مثل هذه الخرجة التي ميّزت خطاب محمّد السادس تحيط بها ظروف داخلية حرجة يمر بها المغرب و حكومة عبد الإله بن كيران التي تواجهها العديد من الاحتجاجات في مختلف الأسلاك و التي تطرح مطالب اجتماعية و اقتصادية و سياسية و حقوقية و مع ما يُصوّب تجاهها من انتقادات تصب معظمها في قلة الخبرة التي تتعامل بها حكومة بن كيران مع الملفات الحساسة في عديد القطاعات المضربة بالتالي يأتي مثل هذا الخطاب في محاولة ملكية معهودة من أجل استقطاب الرأي العام المغربي حول القضية الأم المتمثلة في مد التوسع و هضم حقوق الغير و التسلط عليهم من خلال الإساءة إليهم . و حتى على الصعيد الخارجي يلمس ذلك التباعد في العلاقات بين الرباط و واشنطن بعد الملاحظات التي أبداها القصر الملكي في حق رئيس بعثة المينورسو الأمريكي كريستوفر روس و اللدغة الحارة التي تعرض لها المغرب عندما طالبته واشنطن بتوسيع مهمة المينورسو لتشمل حقوق الانسان في الصحراء الغربية المحتلة .