دكتور عراقي من كندا يوثق أهم محطات الفقيد الثقافية نظمت النقابة الوطنية لناشري الكتب مساء أول أمس على هامش صالون الكتاب الذي تحتضن وهران فعاليته منذ قرابة الأسبوع،ندوة حول "إرث المرحوم بختي بن عودة"، بحضور كوكبة من المثقفين والدكاترة الذين عايشوا فترة هذا الصحافي التحرير الذي اشتغل لعدة سنوات في جريدة "الجمهورية"الغراء.وأكد الدكتور منير بهادي أستاذ الفلسفة بجامعة وهران، بأن المرحوم بختي بن عودة الذي اغتيل في 1995، كان مثقفا نشيطا ويسهر دائما على تنظيم الأمسيات والندوات الأدبية لاسيما أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، وأوضح الأستاذ بهادي بأنه ومجموعة من زملائه المثقفين وقتذاك كانوا يعتبرون الإعلامي الراحل مثالا للإنسان الباحث والمأخوذ بالثقافة، لاسيما وأنه استطاع بفضل انفتاحه الكبير على الآراء الأخرى، أن يدرج في كتاباته الصحفية مصطلحات ومفاهيم جديدة، وهو الأمر الذي الذي جعله حاضرا في مختلف الفضاءات الفكرية التي شهدتها وهران وحتى باقي ولايات الوطن،وحيّا نفس المتحدث ما سماه روح الكرم المادي والمعنوي الذي كان يميز الإعلامي الفقيد،"مما يؤكد انتعاش التجارب النقدية في الأدب الجزائري وترسيخ مبدأ الاختلاف على النظرة الواحدية التي لا تؤدي في الأخير سوى إلى أفق مسدود،مشددا على أن هذا الانفتاح الثقافي لم يكن مألوفا للجزائريين خصوصا بعد سنوات من الأحادية الحزبية وحتى الفكرية التي شهدتها البلاد بعد الاستقلال. من جهته وصف الشاعر عبد الله الهامل الراحل بختي بن عودة،بالشخصية المركزية في الحياة الثقافية لوهران،حيث قال نفس المتحدث الذي اشتغل هو الآخر كإعلامي في جريدة "الجمهورية"بأن صديقه بختي كان يضيء بمفرده المشهد الثقافي المحلي والوطني رغم قلة الإمكانيات وبشاعة الإرهاب آنذاك، مؤكدا أنه "كان كالفانوس الذي يذهب العتمة الدامسة" ليقدم قصيدة مطولة في شكل رسالة تحدث فيها عن الأيام الذهبية والحلوة التي قضاها مع المرحوم،وكيف تمنى عودة تلك الأيام الملاح المليئة بالمشاكسات والمناكفات الفكرية العالية المستوى. الفقيد مشروع فكري متفرد من جانبه اعتبر الشاعر والأستاذ محمود بوزيد،أن بختي بن عودة كمشروع فكري ارتبط بفترة شهدت تحولات سياسية وثقافية كبيرتين، حيث استطاع المرحوم أن يحافظ على تفرده في المشهد الفكري الجزائري،بفضل تواجده الدائم في الحركية الفكرية،فكان يمفهم ويشعرن ويثري المفردات والألفاظ التي كان يكتب بها،مضيفا أن بختي بن عودة كان يحاول دائما إيجاد هذه البصمة سواء في كتاباته النقدية أو حتى الشعرية،موضحا أن الراحل يحتاج إلى أيام دراسية وملتقيات لمعرفة مكنوناته الثقافية المذهلة التي كان يتميز بها،خصوصا وأن المرحوم كان لديه حدسا تأمليا خلاقا،داعيا في الأخير إلى إعداد كتاب تذكاري يجمع نصوص،شهادات وصور بختي بن عودة كتخليد لروح الفقيد. وعلى صعيد آخر،وصف الدكتور كاظم العبودي المشهد الفكري المحلي ما بعد فترة بختي بن عودة وغيرهم من المثقفين،بالخراب الثقافي حيث أوضح في مداخلته بأنه جد متحسر على تراجع ذلك التألق الإبداعي الذي كانت تتميز به ولاية وهران،داعيا في نفس السياق إلى تسجيل مختلف الشهادات التي تقال في شأن هذا الإعلامي القدير،ليكشف بالمناسبة عن وجود أحد الدكاترة المقيمين في كندا والذي يعد من بين أبرز العلماء العراقيين،بتوثيق وكتابة أهم المحطات التي ميّزت الراحل بختي بن عودة،وقد زوده الدكتور كاظم بالعديد من المعلومات التي يحتاجها هذا الباحث، داعيا في نفس السياق إلى ضرورة تسمية أحد الشوارع،الأحياء الجامعية أو المراكز الثقافية باسم الإعلامي بختي بن عودة،وأنه يجب البدء في تشكيل لجنة أولية لتشكيل مشروع ينجز بداية من هذه السنة مهمته العمل على بعث الحركية الثقافية في وهران حتى تستعيد مجدها التليد.لتختم الشاعرة عايدة سعدي الندوة القيمة،بأبيات نظمية جميلة ومؤثرة أهدتها لروح الفقيد بحضور ابنته التي ثمنت وأشادت بهذه المبادرة الفكرية القيمة.