تعرف ولاية ورقلة على مدار السنة نشاطا سياحيا لا يستهان به، لا لأنها منطقة سياحية بل لكونها نقطة عبور مهمة، حيث يقصدها السياح الأجانب الذين تكون وجهتهم مناطق الجنوب الجزائري كالأهقار بتمنراست و الطاسيلي بجانت، والشيء نفسه بالنسبة للمتجهين إلى المناطق الشمالية الساحلية حسب مدير السياحة بورقلة السيد "م.ر" الذي التقت به"الجمهورية"، بغية التعرف على واقع النشاط السياحي بالولاية .. إمكانياته ... و آفاقه المستقبلية تعتمد السياحة بورقلة على نمطين من النشاط تتعلق الأولى بالمناطق الرطبة أي البحيرات مثل بحيرة تماسين وسيدي سليمان و حاسي بن عبد الله والتي أدرجت بموجب اتفاقية "رامسار" الدولية للمناطق الرطبة، فهي تعتبر بحق محل استقطاب لأهل المنطقة وما جاورها بغية الاستجمام والتمتع بمناظرها الطبيعية الخلابة أين تلتقي الكثبان الرملية بهذه البحيرات الرطبة بورقلة بالمياه الجوفية المتصاعدة فيها وأكثر من ذلك فمنها ما أصبح مرتبطا بتقاليد المنطقة كبحيرة تماسين التي أضحت تزورها عرائس المنطقة للسياحة و الإستجمام والثانية تتعلق بالمناطق الأثرية فلعل الحضارات و الأحداث التي تعاقبت على منطقة ورقلة قد أكسبتها ميزة سياحية فاصلة بما ظل من الشواهد والآثار والمعالم الأثرية التي منها قصر وارجلان العتيق و قصبته القديمة) وقصر تماسين بتقرت و سدراتهبورقلة أيضا و كذلك معلم لالة كريمة وبرج ملالة و قصر سيدي خويلد و قصر تقرت ، قبر الملوك "بني جلاب"و برج ديفيك وغيرها من المعالم السياحية التاريخية .. بالإضافة إلى المتحف البلدي الذي يزخر بالعديد من الآثار التي تمتد من العصر الحجري إلى فترة ما قبل الإستعمار الفرنسي وآخرها أم الرانب و أنقوسه التي عثر فيهما على قطع نقدية تعود للحقبة الرومانية مما يثبت أنهما كانتا مناطق للتبادل التجاري منذ أقدم العصور كما أن هناك سوق كاملة و مجمع للحرف و الصناعات التقليدية المحلية وهذا المجمع به جميع الحرف و الصناعات التقليدية التي اشتهرت بها المنطقة من زرابي تقليدية متميزة بطابعها الورقلي المتميز و نسيج تقليدي و فخار وملابس تقليدية بالإضافة إلى المحلات التي تبيع ورود الرمال التي توجد بكثرة في هذه المنطقة . حركية متواصلة طيلة أيام السنة يجد المهتمون بشؤون السياحة أن منطقة ورقلة تعد نقطة عبور أكثر منها منطقة سياحة، و هو حال ليس بالجديد عنها كونها منطقة تبادل تجاري و أهم نقطة اقتصادية و بترولية بالجزائر وهذا ما توضحه الإحصائيات التي تجمعها مديرية السياحة بالولاية دوريا حيث عرفت السنة الفارطة ، مثلا استقبال أكثر من 54038 سائح أو زبون بالمفهوم الاقتصادي وعدد الليالي التي تم قضاءها هي 101517 أي بمعدل ليلتان لكل زبون يقضيها بورقلة، أما الزوار الأجانب والذين يقدمون في الغالب من فرنسا وألمانيا و اليابان فقد سجلت عدد حالات الوصول ب 3688 وعدد ليالي المكوث قدر ب 6908 ليلة أي بمعدل ليلتان أيضا، هذا وقد سجل بالنسبة للثلاثي الأول من السنة الجارية وصول 17750 زائر جزائري بعدد ليالي استقبال 27705 ، و وصول 580 زائر أجنبي مكث 1581 ليلة وهنا ارتفع معدل ليالي المكوث إلى ثلاث ليالي لكل زائر ولعل السبب يرجع إلى كون فصل الشتاء بالمدينة أكثر استهواء للسائح الأجنبي . يتوفر القطاع السياحي بولاية ورقلة على مجموعة من الهياكل والمرافق حيث يقدر عدد الوكالات السياحية العاملة بالمنطقة ب 12 وكالة يتركز معظم نشاطها في الرحلات إلى البقاع المقدسة لأداء شعيرة العمرة وفريضة الحج، حيث حظيت الوكالة السياحية فيزا ترافل بورقلة السنة الماضية بترتيب متقدم على المستوى الوطني من حيث جودة الخدمات المقدمة الأمر الذي يشجع على دعم هذا النوع من الأنشطة بالمنطقة. أما بالنسبة للنشاط الفندقي فالولاية تشتمل على 20 فندقا من بينها 5 فقط مصنفة وطنيا، ويعتبر فندق الطاسيلي ذو الأربع نجوم أفضلها على الإطلاق بحسب لجان التفتيش الفندقي ليليه كل من فندق الواحات والنخيل بتقرت ،وفندق مرحبا و المهري بورقلة بتصنيف ثلاث نجوم هذا الأخير أي فندق المهري يعرف في الآونة الأخيرة عملية إعادة تجهيز وتهيئة بما يتوافق والمقاييس العالمية. وفي هذا الصدد فقد تم إيفاد لجنة خاصة من الوزارة الوصية من أجل إعادة النظر في الطريقة التي يتم بها التخطيط لإعادة استغلال كل من فندقي المدينة والوردة الذهبية، والتي ستقوم كذلك بجولة استطلاعية لمراقبة مدى جودة تسيير المرافق السياحية بالولاية ومنحها شهادات بالخصوص، ولجنة ثانية ولائية لمعاينة الفنادق بغية إعادة تصنيفها خاصة ما تعلق بالفنادق ما دون النجمة لتصبح ذات نجمة واحدة أي ترتقي إلى المستوى الوطني خاصة وأنها تستجيب للتقنيات المطلوبة من حيث المساحة فالهدف في النهاية حسبهم هو الوصول إلى الجودة الشاملة . هذا وينتظر أن تدخل 4 فنادق جديدة حيز الاستغلال الفترة المقبلة من بينها نزل أكرم الذي سيقام في منطقة 400 مسكن على مساحة قدرها 168 متر مربع بسعة استيعابية 49 غرفة والذي سيعتمد على إدخال تكنولوجيا المفاتيح الرقمية وقد وصلت وتيرة الانجاز به إلى نسبة 95٪ ليتم تسليمه في أقرب الآجال و رغم كل هذه الجهود الحثيثة التي يقوم عليها مسؤولو القطاع بالولاية إلا أن الإقبال السياحي بالمدينة لا يزال محتشما مقارنة بما تشهده المدن الساحلية و مدن أقصى الجنوب الجزائري من إقبال هائل على السياحة بها. المنتجعات والمركبات الاستشفائية .... تنتظر الاستثمار تسعى المصالح السياحية بورقلة جاهدة لإدراج السياحة الإستشفائية أو العلاجية ضمن نشاطاتها خاصة و أن المنطقة تزخر بموارد وإمكانيات طبيعية تؤهلها لذلك، فورقلة تتوفر على منابع معدنية وعيون ساخنة تنتظر من يستغلها أحسن استغلال على غرار حمام الحدب بمنطقة الرويسات فقد كان مقصد ومتنفس أهل المنطقة إلا أنه توقف عن العمل منذ فترة طويلة، وهو اليوم ينتظر من يتبنى مشروع تحويله إلى قطب سياحي استشفائي وفي هذا الصدد فإن مدير السياحة لولاية ورقلة قد تأسف من عزوف الاستثمار الجزائري عن مثل هذه المشاريع التي تدعم اقتصاد المنطقة و البلاد وقال بأن المشروع مفتوح حتى للاستثمار الأجنبي. هذا وتجدر الإشارة إلى أن السياحة العلاجية تعرف رواجا كبيرا لدي السياح الذين يزورون الجزائر و المواطنين الجزائريين كما أن الجزائر تشتهر بحماماتها المعدنية إذ يوجد في الجزائر أكثر من 220 حمام معدني و هي مجهزة بمختلف وسائل الراحة من قاعة للألعاب مطاعم فنادق شقق للكراء مساحات خضراء و ألعاب للأطفال و قاعات للتدليك...ونجد أشهرها حمام بوغرارة بولاية تلمسان، بوحجر بولاية عين تموشنت حمام بوحنيفية بمنطقة معسكر ،حمام ريغة بولاية عين الدفلى وحمام قرقور بولاية سطيف، وحمام الصالحين بولاية خنشلة وحمام زلفانة بولاية غرداية. وعموما فإن الدولة الجزائرية تسعى دوما إلى تطوير السياحة بالجنوب من خلال فتح المجال للمستثمرين والخواص الجزائريين و الأجانب لتحقيق مشاريع فندقية ،ومنتجعات سياحية متنوعة ووكالات سياحة وأسفار، خاصة وأن الصحراء الجزائرية تعتبر من أكبر وأروع الصحاري في العالم ، وهي غنية جدا بالشواهد التاريخية وتحوي إمكانيات طبيعية هائلة حباها الله عز وجل بها مما جعل منها مقصدا سياحيا لكافة المجتمعات خاصة المجتمع الأوروبي وهي في انتظار من يستغلها.