معدّل التضخّم يرتفع إلى 5.25 % في الثلاثي الأوّل حسب الديوان الوطني للإحصاء تنبّأ الكثير من الخبراء في الشّأن الاقتصادي أن يكون لأزمة انهيار أسعار النّفط بالأسواق العالمية أثرا سلبيا على الاقتصاد الوطني و على المستهلك ما لم تتّخد الحكومة تدابير عاجلة لحماية المواطن الجزائري من صدمة في الأسعار ستؤدّي لا محالة إلى ارتفاع معدّل التضخّم ،و هو ما يحدث بالفعل منذ مطلع السّنة الجارية و قد أكّد الديوان الوطني للإحصائيات هذا الأمر عندما كشف عن معدّلات التضخّم و مؤشّرات الأسعار في مقارنة ما بين سنتي 2014 و 2015 و يشير الدّيوان إلى أنّ معدّل التضخّم قد ارتفع إلى 5.25 بالمائة منذ مطلع هذا العام بزيادة قدّرت ب 4.5 بالمائة خلال الثلاثي الأوّل مقارنة بما سجّل خلال نفس الفترة من العام الماضي و هذا الوضع راجع بالدّرجة الأولى إلى غلاء جلّ المنتجات الاستهلاكية و سجّلت أعلى نسبة تضخّم في المواد الغذائية فقد انتقلت من 0.89 بالمائة إلى 6.8 بالمائة أي بزيادة تقدّر بحوالي 6 بالمائة في ظرف سنة واحدة كما تشير نفس الإحصائيات بأنّ التضخّم في المواد الاستهلاكية غير الغذائية ارتفع كذلك ففي الألبسة و الأحذية انتقل من 6.83 بالمائة في نفس الفترة من العام الماضي إلى 7.58 بالمائة هذه السّنة .كما سجّل غلاء أيضا في أسعار الخدمات ما أدّى إلى ارتفاع نسبة التضخم التي انتقلت من 3.22 بالمائة إلى 4.5 بالمائة و من ذلك أعباء السّكن كما جاء في التقرير الذي نشره الدّيوان الوطني للإحصاء و من بين الأرقام التي تعكس تردّي القدرة الشرائية للعائلات الجزائرية تلك التي تبيّن مؤشّرات الأسعار و خاصّة بالنّسبة للمواد الغذائية حيث ارتفعت هذه السّنة بنسبة تفوق 10 بالمائة أما أسعار المنتجات الفلاحية فارتفعت بنسبة 7 بالمائة و قد لاحظ المواطن الجزائري ارتفاعا كبيرا في أسعار البقوليات بشكل كبير منذ شهر فيفري كما لم تستثنى مواد غذائية وسط تبادل للتّهم بين مختلف الأطراف الفاعلة في الأسواق حول مسؤولية كلّ طرف في هذا الغلاء ،فالتّجار و الوسطاء يتحمّلون مسؤولية المسؤولية بسبب ضلوعهم فيما يصيب المستهلك من صدمات متتالية في القدرة الشّرائية أمّا مصالح التّجارة فهي مسؤولة عن تنظيم الأسواق و النشاط التّجاري بشكل عام عن طريق التدخّل لمنع احتكار السّلع و المضاربة في الأسعار تحت غطاء الحرية التجارية ،فمن واجب مصالح المراقبة أن تتدخّل للحدّ من هذه الظواهر الغريبة و إخضاع كل الأسواق الوطنية لنظام المنافسة النزيهة المبنية على حريّة الأسعار و التي من المفروض أن تنفع المستهلك و لا تضرّه "جمعيات حماية المستهلك تحذّر من صدمة أسعار أخرى في رمضان" و قد حذّرت جمعيات حماية المستهلك من حدوث صدمة أسعار أخرى خلال شهر رمضان الكريم في حال لم تتخد وزارة التّجارة الحلول الناجعة لحماية القدرة الشرائية للمواطن عن طريق تكثيف المراقبة و إجبار "اللّوبيات" على احترام قانون العرض و الطّلب و توفير المنتجات الفلاحية حتى تستقرّ الأسعار ،فتضاعف من حملات المراقبة على أسواق الجملة و التجزئة و تحارب الأسواق الفوضوية ،إضافة إلى الإسهام الكبير للجهات الأمنية في محاربة التهريب الذي توسّع حيث أصبحت معظم المواد الغذائية الأساسية المدعّمة عرضة للتّهريب نحو البلدان الجارة . و يرى المختصّون في الشّأن الاقتصادي أنه يجب علينا أن نفرّق بين ظاهرتين مختلفتين و هما التضخّم و المضاربة أما الظاهرة الأولى فيمكن تبريرها بعدّة أسباب اقتصادية محضة و من أهمّها انهيار أسعار النفط و تأثيرات ذلك على الاقتصاد الوطني ،فاستمرار أزمة النّفط دفعت بالبنك المركزي إلى خفض قيمة الدّينار الجزائري مقابل العملات الأجنبية ،و هذا الإجراء يعتبر وسيلة بيد أي حكومة من أجل التقليل من حدّة الصّدمة الاقتصادية و بما أنّ اقتصاد بلادنا مبني كليّا على المحروقات فإن العملة الوطنية قد فقدت قيمتها مع تراجع قيمة هذه الثروة في الأسواق العالمية و يوضّح الخبراء بأنّه مع خفض قيمة العملة الوطنية و انعدام الانتاج يحدث التضخّم ،و مع استمرار سقوط الدّينار في السّوق المالية ستكون القدرة الشرائية للمستهلك ذي الدّخل المحدود هي المتضرّر الأكبر،لأن المستوردين سيواجهون تقلّبات أسعار الصّرف برفع أسعار السّلع خصوصا إذا علمنا بأنّ 80 بالمائة من غذائنا مستورد و للتّذكير فإن صندوق النقد الدّولي اعتبر سعر صرف الدّينار الجزائري في سوق العملات حاليا بأنه لا يعكس قيمته الحقيقية بسبب أزمة النّفط و عدم القدرة على تنويع الثروة و يجب خفض قيمته أكثر من ذلك أمّا الظاهرة الأخرى فهي التي لا يمكن تبريرها و كاّن بالمضاربين يجدون منافع كبيرة من حدوث تضخّم و تضرّر الاقتصاد الوطني .و يؤكّد المختصّون بأن غلاء السّلع و المواد الغذائية المحلية لا يمكن أن نطلق عليه صفة التضخّم بل الاحتكار و المضاربة و هذا الأمر مطروح بعدّة شعب من أهمّها اللّحوم و البطاطا ،فاللّوبيات التي تتحكّم فيها لا تخدمها المنافسة النزيهة ولا وفرة الانتاج و لا استقرار الأسعار ،و إلاّ فكيف نفسّر وصول سعر لحم الخروف إلى 1600 دج للكيلوغرام و بلادنا تتوفّر على ثروة حيوانية كبيرة ؟ و عن لحم الدّجاج يقال الكثير وفرة و أسعار متقلّبة حيث أصبح المواطن يستيقظ يوميا على أسعار مرتفعة و بين ليلة و ضحاها تنتقل من 260دج للكيلوغرام إلى 320 دج مثلما سجّل منذ أيّام و هذا قبل حلول شهر الصّيام فكيف سيكون حال المستهلك في أوّل أيامه؟ "قتل المال بالاستثمار في العقّار" و الحقيقة أن عوامل كثيرة أخرى ساهمت في هذا الوضع فليست المضاربة وحدها المتّهم الرئيسي فهناك أمور أخرى تزيد على الاقتصاد الوطني عبئا و أهمّها الاستيراد الكاسح للسّلع الاستهلاكية ما يجعلنا تحت رحمة الأسواق الخارجية و تقلّباتها و تنامي النّشاط الموازي أدّى هو الآخر إلى تضاعف حجم الأموال التي تفلت من الخزينة العمومية ،و تخزين المال بدل وضعه في البنوك و الاستثمار في العقارقتل للمال و هذه من بين العوامل الأخرى التي توحي بأننا نفقد الثّقة في العملة الوطنية و حتّى في قطاع الاستيراد هناك من يحتكر سلعا و يتحكّم في وفرتها و أسعارها مثلما أكّد وزير التّجارة مؤخّرا حيث صرّح بأن مصالحه تسعى بواسطة القوانين الجديدة لضبط التجارة الخارجية إلى القضاء تدريجيا على احتكار مستوردين لسلع بعينها مثلما يحدث على سبيل المثال في مواد البناء و ستضبط الأمور يقول الوزير عن طريق رخص الاستيراد التي ستحدّد بموجبها قوائم بأسماء المستوردين و كذلك الحصص التي تحتاجها الأسواق الجزائرية من السّلع الاستهلاكية المورّدة الغلاء مسّ أيضا السيّارات حيث زادت بنسبة تصل إلى 30 بالمائة لكن هذا لا يعني بأن قلّة العرض أدّى إلى الغلاء فمن تصريحات وزير التّجارة نفهم بأنّ فوضى كبيرة تشوب القطاع فالمتعاملين حوّلوا السّوق الجزائرية إلى مخازن للسيّارات فهم يستوردون أضعاف ما نحتاجه و الفائض يبقى مخزّنا وقد يباع للزّبائن بعد سنتين أو ثلاث ،فلا عجب أن يشتري شخص سيارة مصنوعة في سنة 2013 و مرقّمة على 2014 أو 2015 . و عليه فإن رخص الاستيراد و تعديل دفتر الشّروط الخاص بوكلاء السّيارات سيجعل السّوق يسير وفق نظام الحصص