أكد سهرة أول الشيخ المصري أشرف النهري أستاذ القراءات وعلوم القرآن بالأزهر الشريف، أنه بالرغم من انتشار ظاهرة الانحطاط والانهيار الخلقي لدى الكثير من المسلمين، إلا أن الخير لم ينقطع في أمتنا، وأضاف أشرف النهري المحاضر بالمعاهد الخاصة والمدرس السابق للقرآن والقراءات بالزاوية البلقائدية الهبرية بوهران، في حوار خص به جريدة "الجمهورية" أن أسباب هذا التقهقر راجع الأساس إلى الزخم الإعلامي الكبير الذي تعيشه الكثير من البلدان العربية، على غرار الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الأنترنت والتي صارت تأخذ وقتا كثيرا من يوميات شبابنا المسلم، موضحا أن هذا الأمر نجم عنه نتائج عكسية حيث أصبحت المساجد شبه فارغة من هذه الزهور اليافعة، كيف لا ومن هذه البيوت الرحمانية الروحية تنطلق الأمة كلها، عملا وفعلا ونهوضا وازدهارا، والأكيد أنكم على دراية بأنه من مسجد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام انطلقت الحضارة الإسلامية المشرقة، ضف إلى ذلك معاناة العديد من شبابنا من مشكل فراغ المؤسسات ولاسيما مؤسسات التربية، الأسرة والمدرسة والجامعة، لذا يضيف محدثنا أنه حان الوقت لمراجعة أنفسنا وإعادة النظر في تجديد الخطاب والأخذ بأيدي هؤلاء الشباب، بغية احتضانهم وتوجيههم وإرشادهم، حتى لا يقعوا فريسة للغرب الذي يعمّد على تشويه الإسلام، ويتفنن في زرع الفتنة بينهم، فالشباب المسلم هو مستقبل هذه الأمة، وكما يقول العارفون "أمة بلا شباب هي أمة لا مستقبل لها". وصرح الشيخ أشرف النهري، أن الملتقى العاشر لسلسلة الدروس المحمدية، يحتوي الكثير من الفوائد العلمية والتربوية، لأنه يحتضن وكما هو معلوم صفوة علماء الأمة الإسلامية قاطبة، وحضورهم هذه المرة هو للحديث عن أعظم خلق الله قولا وعملا "سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام" فالملتقى الذي جاء عنوانه على النحو التالي "المنهج المحمدي في الأخلاق والقيم" جاء ليبرز خلق سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام باعتباره العصمة والملاذ من هذه الأزمة العاصفة التي تمر بها الأمة الإسلامية، لاسيما و"أننا نعيش فشلا ذريعا في عرض أعظم سلعة نملكها وهي الإسلام"، مضيفا في سياق متصل... "للأسف الشديد شبابنا يخيب الخيبة الكبرى حينما يبتعد عن هدي المصطفى عليه أزكى الصلاة والتسليم، الذي وضع المنهج والعلاج لكل أزمات العصر التي نعيشها"، فالشباب الأجوف الذي لا يملك الإرادة سيلقي بنفسه إلى التهلكة، ونحن ننصحهم بعدم الجري وراء فتات الورد (العفن) وراء دنيا زائلة ويترك مستقبله الذي يستطيع تحقيقه في أرض الإسلام. وأوضح محدثنا أن الأمة تتعرض لمحنة كبرى لأن المؤامرة عميقة وخطيرة، فالغرب يريد التهجم على الإسلام وتشويه صورته لأنه بإحصائياتهم الصادقة فإنه يتوقع أن يدخل الكثير من المسيحيين في أوروبا الإسلام وسيكون على أغلبية مسلمة عام 2040، فالمهمة الكبيرة -حسب الشيخ أشرف النهري- على علماء الأمة، إذ عليهم أن يجسدوا هذا الخلق النبوي، قولا وعملا، ، لاسيما وأن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، أدبه ربه فأحسن تأديبه وقال الله عزّ وجل في شأن الحبيب المصطفى "وإنك لعلّ خلق عظيم" حيث أن النبي تعامل مع الكبير والصغير، ومع النساء والرجال والغني والفقير والأعداء والأقرباء، لهذا تجد أن معظم الذين دخلوا إلى الإسلام اعتنقوه من هذا الباب، أي باب حسن الخلق حينما رأوه مجسدا تطبيقيا وعملا لا قولا فقط في نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام. وعن أسباب التطرف والغلو في الدين، يرى نحدثنا أنه هناك عدة أسباب للتشدد والتطرف في مجتمعاتنا، أهمها : "البيئة الحاضنة"، فحينما تتخلى المؤسسات المعنية كالدوائر العلمية الوسطية عن دورها، سيحل محلها، أصحاب التشدد، وإذا رجعت إلى هؤلاء الشباب تجد أنهم ليس لهم شيوخا، ومراجع علمية، فكل واحد يقرا أحاديث أو آية فيصبح عالما، ويصدر الفتوى ويسب هذا ويشتم هذا، زيادة إلى الاغراءات المادية التي تعرضها مختلف التنظيمات على هؤلاء الشباب حتى يكونوا في صفوفهم ويقاتلون إلى جانبهم، ولكن الأكيد أنه توجد المؤسسات العلمية، التي تدافع عن وسطية الإسلام وتخرج للأمة شبابنا عالما يعرف دينه وتعاليمه الحنيفة. وفي الختام أكد النهري أن التصوف هو عصمة من الزلل والتطرف، لأنه ينزع الدنيا من قلب المتصوف، فهو الخلق المحمدي، ومن خلاله نزيل جميع الشهوات والرغبات من دنيانا فهو صفاء القلب والروح ووبه نخلع من قلبنا كل "التعلّقات" إلا تعلقنا بالله سبحانه وتعالى "فليت كل الشباب يفهمون التصوف كما قدمه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام وعلماء الأمة"، ليقول إن التصوف المقرون بالشريعة والعمل الشرعي، وهو بعيد عن الدروشة والبدع، كما قال الإمام الشافعي "إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء فلا تغتروا به..." لذا فللإعلام لديه دور أساسي ومهم في نشر هذا الصوت الوسطي المعتدل إلى العالم كله.