ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على لبنان إلى 3583 شهيدا و 15244 مصابا    هولندا ستعتقل المدعو نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية    الرابطة الأولى موبيليس: شباب قسنطينة يفوز على اتحاد الجزائر (1-0) ويعتلي الصدارة    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    ندوة علمية بالعاصمة حول أهمية الخبرة العلمية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    التسويق الإقليمي لفرص الاستثمار والقدرات المحلية    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    شايبي يتلقى رسالة دعم من المدير الرياضي لفرانكفورت    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمهورية تكتشف لأول مرة خيرات منجم غار جبيلات بتندوف
الكنز الواعد
نشر في الجمهورية يوم 19 - 09 - 2015

@ قطب اقتصادي واجتماعي سيوفر أزيد من 45000 منصب شغل
@ حكايات مروعة عن جرائم الاستدمار الفرنسي في نهب ثروات الوطن الوفيرة
@ شركة «فيرال» الوطنية تشرع في إعداد دراسة معمقة عن احتياطي الحديد الحقيقي في جبيلات
@ السكة الحديدية الرابطة «المصنع - تندوف - بشار» واقع حقيقي وليست أضغاث أحلام
@ طريق «تندوف - أدرار» شريان ثان سيفك نهائيا عزلة الولاية
@ تندوف تستكمل شروط نهضتها التنموية اقتصاديا واجتماعيا
منجم حديدي هائل في الهواء الطلق
الأكيد أن هذا المشروع الذي تراهن عليه السلطات العليا في البلاد، سيكون قاطرة حقيقية لتحريك دواليب الاقتصاد الوطني، بل وحتى ترقية وتطوير الحياة المعيشية لسكان تندوف والمدن المجاورة. حيث لاحظنا أن شساعة المنطقة التي تنام فوقها هذه الكميات القياسية من مادة الحديد ذات النوعية الجيدة، ستتحول في غضون سنوات قلائل إلى منطقة جذب صناعي هام, سيفك العزلة عن قرية غار جبيلات النائية، ويفتح مناصب شغل كثيرة للشباب العاطل في المنطقة. إذ تفيد أرقام رسمية تحصلنا عليها - بعد عودتنا من هذه «المهمة الاستكشافية» إلى غار جبيلات- أن المنجم سيسمح بتوظيف أزيد من 45 ألف منصب شغل مابين مباشر وغير مباشر (15000 مباشر و25000 غير مباشر)... وما زاد من متعة هذه الرحلة إلى أقصى جنوب تندوف، هي المعلومات الوفيرة التي قدمها لنا سائق السيارة الرباعية الدفع عمي علي لعويش، الذي يعرف المنطقة جيدا، ويملك ذكريات لا تنسى عن حمادة غار جبيلات، حيث وفي طريقنا إلى المصنع، كان يروي لنا مشاهد نادرة وقعت له عندما كان يخرج رفقة أصدقائه في ليل صحراء تندوف الحالك... إذاً في المجمل ,السفرية إلى المنجم كانت مشوّقة ومثيرة. حيث علمنا ونحن نتجول عبر كامل أرجاء المصنع، أن الأخير لا يحتاج إلى أشغال صيانة كبيرة، إذ يكفي فقط تصليح بعض الآلات المعطلة، لتعود مرة أخرى للنشاط والخدمة من جديد، وحتى نقل إنتاجه إلى الشمال عبر السكة الحديدية ليس صعبا، نظرا لسهولة تضاريس المنطقة. حيث لا توجد جبال شاهقة ولا وديان وعرة، وهو ما سيسهل عمل مهندسي المصنع وخبرائه الجيولوجيين . وما شد انتباهنا ونحن نستطلع هذه «الجنة المنجمية» الغناء ,هو التزاوج الطبيعي النادر والجميل الذي صنعته الرمال الذهبية لحمادة غار جبيلات مع اللون الأسود المائل نحو الأحمر لمادة الحديد المنتشرة على الهواء الطلق. حينها تأكدنا أن الصحراء الجزائرية ورغم قساوة طبيعتها وشساعة مساحتها، إلا أنها تحوي كنوزا طبيعية نفيسة لا تجدها في أي مدينة أخرى في التل. فالمنجم الذي يقع في أقصى جنوب المدينة, ومعه طبعا منجم الحديد لمشري عبد العزيز, بنفس الولاية سيشكلان في المستقبل القريب، عصب الصناعة الوطنية بل والطاقة البديلة الأولى لمادة المحروقات, التي تشهد مؤخرا انهيارا كبيرا في الأسعار. فالجزائر التي أثبتت للعالم أجمع أنها اليوم نموذج حقيقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الإقليمي، الإفريقي وحتى الدولي، أضحت اليوم في مسيس الحاجة إلى مثل هذه الطاقات الطبيعية الجديدة والمتجددة.
احتياطي عالمي ب 2 مليار طن
وعليه فالمنجم الذي زرناه رفقة أعوان الدرك الوطني لغار جبيلات, الساهرين على حماية ثروات بلادنا من كل أشكال العبث والنهب غير المشروعين، تحوّل في الآونة الأخيرة إلى ورشة مفتوحة للعديد من الخبراء والمختصين في الجيولوجيا والنقل والاستكشاف. و هو ما يؤكد أن الدولة الجزائرية ماضية في استغلال ثروات المنجم الذي تقدر احتياطاته بين 5،1 و 7،1 مليار طن (أي قرابة 2مليار طن). وبالفعل وقبل أن نصل إلى المصنع الذي يبعد عن قرية غار جبيلات بأزيد من 22كلم، لاحظنا في منتصف الطريق، وجود العديد من الشاحنات والآليات وهي تقوم بالتغطية السطحية للطريق، تمهيدا لتعبيده بالزفت. كما صادفنا ونحن نتوجه إلى المصنع، سيارة رباعية الدفع تابعة لشركة المراقبة التقنية تحمل ترقيم ولاية وهران عائدة من المعمل المتوقف عن الخدمة منذ حوالي 60 سنة. حيث سألنا سائقها الذي كان مرفوقا بأحد المهندسين الجيولوجيين عن المسلك، فقال :إنه وعر قليلا, ولكن بإمكان مركبتنا الرباعية الدفع كذلك تجاوزه بسلام. كما أكد لنا بأن الأمور جارية على قدم وساق من أجل البدء في استغلال حديد غار جبيلات بالرغم من الظروف الطبيعية القاسية ودرجة الحرارة المرتفعة التي تصل أحيانا إلى 61 درجة في فصل الصيف. فهذا المشروع الحيوي أضحى اليوم رهانا حقيقيا للسلطات العمومية، التي تريد من الآن استغلال ثروات الثلاثي الطاقوي الاستيراتيجي في الجنوب الغربي لتحريك الاقتصاد الوطني. ونعني هنا بالخصوص ؛ بشار التي تحوي على مخزون هائل من الفحم؛ تندوف باحتياطي لا ينضب من الحديد ؛ وأدرار التي تمتلك ثروة باطنية هائلة من الغاز.
الزيارة «الاستكشافية» التي قادتنا إلى غار جبيلات، جعلتنا نتأكد أن مستقبل تندوف التنموي سيكون واعدا وزاهرا. حيث ونحن نشاهد من أعلى المصنع الكميات المذهلة من الحديد المفتوح على الهواء والمنتشرة في مساحة تزيد عن 1500 كلم مربع، ترسخت لدينا قناعة أن هذه المناطق القاحلة والحمادة الموحشة، ستتحول يوما ما إلى منطقة عامرة. وستجر «قاطرة» صناعة الحديد في غار جبيلات، «عربة» الكثير من القطاعات الأخرى الراكدة ,على غرار السياحة، الفلاحة، الموارد المائية النقل، السكن...إلخ. وأن «صخرة» سياسة التقشف عندنا التي من المنتظر أن تمس الكثير من المجالات, ستتكسر عند أسوار منجمي غار جبيلات وحتى مشري عبد العزيز الهامين. حيث تفاجأنا ونحن نستطلع خيرات المنطقة الغنية بمادة الحديد ذات الجودة العالية، بالأوضاع المعيشية الصعبة التي يكابدها سكان قرية غار جبيلات النائية، التي لا تتوفر على أدنى شروط الحياة، كالمقاهي، المطاعم، والمحلات التجارية. لكننا لمسنا ونحن نتحدث إلى بعض سكان القرية، وقوفهم إلى جانب الحكومة الجزائرية, ودعمهم لإصلاحات رئيس الجمهورية، مؤكدين أن الأمل بدأ يدب في نفوسهم رويدا رويدا، بعد تطمينات الوزير الأول السيد عبد المالك سلال الذي زار الموقع منذ سنتين تقريبا، وأكد للرأي العام المحلي وحتى الوطني أن «المشروع الحلم» لسكان تندوف، الذي خصص له 15 مليار دولار لاستغلاله، سيتحوّل إلى حقيقة. وأن معاناة السكان المعيشية التي طال أمدها ستنتهي إلى غير رجعة. بل حتى الأولوية في التشغيل ستكون لأبناء المنطقة. مما سيحوّل الولاية إلى قطب اقتصادي بامتياز. وستزدهر الحياة الاجتماعية للشباب الكفء. وستخلق مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة. وستصدر منتوجاتنا من مادة الحديد الخام والمصنعة إلى دول الجوار، أوروبا ومابعد ما بعد أوروبا.
أزيد من
40 سنة من الاستغلال
صحيح أن «الزيارة الخاصة» التي قادتنا إلى هذه «الجنة المنجمية» كانت قصيرة من ناحية الزمن، إلا أنها كانت كبيرة ومفعمة بالمشاهد والذكريات الجميلة التي لا تنسى، منها بالخصوص، أولا: تواجد مادة الحديد على الهواء الطلق مباشرة، حيث سيغنينا هذا الأمر مشقة استخراجه من المناجم العميقة، ثانيا: أن عملية نقله من المنجم إلى المصنع ستكون غير مكلفة للشركات العاملة في قطاع الحديد والصلب لأن المادة لا توجد في مناجم عميقة وخطيرة، فضلا أن حديد غار جبيلات ومعه مشري عبد العزيز من النوعية الجيدة وتقدر مدة استغلاله حسبما كشفه لنا - فيما بعد- المهندس الجيولوجي زيني عبد الوهاب, من 30 إلى 40 سنة، فهذه الكمية الهائلة والقياسية من الحديد، ستدفع بالجزائر إلى احتلال المراتب الأولى في العالم في مجال تصدير هذه المادة، جنبا إلى جنب مع دول معروفة باستغلالها وتصديرها الحديد على غرار البرازيل، جنوب إفريقيا وروسيا...
هكذا كانت زيارتنا إلى المنجم الواعد... كلها حنين إثارة وشجون، وما زاد من متعة وجمالية الرحلة، أنه وفي طريق عودتنا إلى مركز المدينة، أبى سائق مديرية الطاقة والمناجم عمي علي، إلا أن يحضّر لنا كوبا من شاي سكان أهل تندوف المضيافين الطيبيين، حيث ونحن نرتشف كأسنا المعطر بمادة الفحم التي جلبها معه من المدينة، وفي وسط حمادة غار جبيلات الساحرة وتحت ظل شجرة الطلحة المعروفة في المنطقة، بدأنا نسترجع أنفاسنا بعد رحلة متعبة دامت أزيد من 5 ساعات ذهابا وإيابا طبعا، ونتأمل في هذه المناظر الطبيعية الخلابة، عنذئذ راودت مخيلتنا الكثير من التساؤلات والتخمينات المشروعة... كيف لمناطق صحراوية جرداء مثل هذه تحوي على كنوز طبيعية غناء؟ وهل تأخرنا فعلا عن استغلالها؟ وهل يمكن لهذه الثروات المنجمية الضخمة أن تكون بديلا حقيقيا للمحروقات مستقبلا؟ الأكيد أن الدراسات العلمية المستفيضة جديرة بالإجابة عن هذه التساؤلات. وأن مستقبل الجزائر سيكون مشرقا لو يتم انتهاج سياسة طاقوية جديدة تعتمد على تنويع الموارد الباطنية كالحديد، الغاز والفحم.
ولأن المثل الشعبي الشهير يقول «أهل مكة أدرى بشعابها» فقد سألنا طيلة تواجدنا بولاية تندوف، الكثير من المختصين في المنطقة على غرار المهندسين الجيولوجيين ومدراء قطاعات الطاقة، النقل والمنتخبين البلديين، عن واقع صناعة الحديد في المنطقة, وأجمع كلّهم على أن منجم غار جبيلات يعد بالفعل مفخرة حقيقية لمدينتهم. حيث أنه سيفتح أفاقا رحبة لأبناء المنطقة العاطلين عن العمل. وأنه رغم انحسار النشاط المنجمي بالولاية في استغلال مقالع الحجارة، إلا أن هذه المواد الجديدة غير المستغلة ستؤهل تندوف، لأن تكون ضمن الأقطاب الاقتصادية الرائدة على المستوى الوطني. حيث أكد لنا مدير الطاقة السيد شيكار عمار، أن غار جبيلات تتوفر على مخزون هائل من الحديد، مما يجعلها تحتل المرتبة الثالثة عالميا كأكبر احتياطي عالمي في هذه المادة المطلوبة بكثرة في الأسواق الدولية. وأنه من أجل تغطية الحاجيات الوطنية في صناعة الحديد والصلب, وتقليص فاتورة الاستيراد, تم إنشاء المؤسسة الوطنية للحديد والصلب FERRAL في إطار شراكة بين مؤسسة «سوناطراك»، مجمع مناجم الجزائر MANAL وشركة SIDERحيث ستعمل الأخيرة على دراسة، استخراج، نقل، تحويل وتسويق معدن الحديد المستخرج من منجمي غار جبيلات ومشري عبد العزيز. وقد بدأت فعلا الشركة الوطنية للحديد والصلب «فيرال» في العمل بالمنجم منذ عدة أشهر. وهي اليوم تقوم بإعداد دراسة مفصلة ومدققة حول الاحتياطي الحقيقي للحديد بغار جبيلات، لاسيما بعد فتح مؤخرا الأظرفة الخاصة باختيار المؤسسة التي ستقوم بإعداد الدراسة المتعلقة بالسكة الحديدية تندوف- بشار.
قطار نقل الحديد قادم , ليتكفل بنقل البضائع لاحقا
شهد قطاع النقل في ولاية تندوف منذ 1999، قفزة نوعية ومنقطعة النظير. فالمدينة التي كانت شبه معزولة وتعاني من نقص حاد في هذا الشريان الأساسي للحياة، بسبب بعد المسافة عن الشمال، وقساوة الطبيعة الصحراوية التي تمتاز بها المناطق الشاسعة، صارت اليوم نموذجا يحتذى به في مجال عصرنة القطاع على مختلف المدن التي تقع في أقصى جنوب الوطن. وينتظر أن يلعب خط السكة الحديدية المنجمية الرابط بين «بشار- تندوف وغار جبيلات»، دورا بارزا في تنمية الاقتصاد الوطني وحتى العالمي، فضلا عن ترقية المدينة في شتى مناحي الحياة. باعتبار أن المشروع الذي ينتظر أن تستفيد منه الولاية في السنوات القليلة القادمة، سيسهم في خلق مناصب شغل إضافية لشباب المنطقة، مكافحة ظاهرة البطالة، وتطوير الواقع المعيشي للعديد من مناطق الجنوب النائية. وكشف بالمناسبة مدير النقل مهدي ملاخ ل«الجمهورية», أن خط السكة الحديدية المنجمية، الممتد على مسافة 960 كلم سيتطور مستقبلا إلى سكة لنقل البضائع، لاسيما وأن التضاريس ملائمة والثروة الحديدية التي تتوفر عليها منطقة غار جبيلات توجد في الهواء الطلق وعلى الطبيعة مباشرة، موضحا أن الوكالة الوطنية للدراسات وإنجاز مشاريع السكك الحديدية، ولتسريع عملية تجسيد المشروع، قامت مؤخرا بفتح الأظرفة الخاصة باختيار مكتب الدراسات الملائم من أجل تحديد جميع المعطيات والمعلومات التي تخص خط السكة المنجمي. على أن يتم بعدها إطلاق مناقصة دولية ووطنية لاختيار المؤسسة المنجزة.
وما ينبغي الإشارة إليه ووفقا لما أكده لنا مدير النقل، فإنه بالرغم من سياسة التقشف التي أعلنت عنها مؤخرا السلطات العمومية لمواجهة تراجع عائدات المحروقات، بعد انخفاض أسعار البترول في الأسواق الدولية، إلا أن الدولة عازمة على إنجاز المشروع لما يشكله من أهمية حيوية في تطوير عجلة الاقتصاد الوطني، ومحاربة البطالة في المدن الجنوبية، والاعتماد على مصادر دخل قومي بديلة عن البترول والغاز. لهذا من المنتظر أن تنطلق أشغال إنجاز السكة الحديدية في السنة القادمة، للبدء في استغلال هذه الثروة الباطنية الهامة، مما قد يخلق ديناميكية جديدة لقرية غار جبيلات النائية التي تبعد عن مقر الولاية ب165 كلم. هذا فيما يتعلق بالسكة الحديدية المنجمية، أما النقل الجوي، فلاحظنا أن مطار الرائد فراج الوطني، بات اليوم قادرا على تبوأ مكانة دولية تجعله ينافس مختلف مطارات المدن الجزائرية المعروفة. حيث يضمن المطار يوميا8 رحلات منتظمة (6 نحو العاصمة، رحلة واحدة نحو بشار، وهران وقسنطينة)، إذ سجلت مديرية النقل لتندوف في 2014 حوالي 97000 مسافر. وهي تطمح اليوم لأن يصل في غضون 3 سنوات القادمة إلى نصف مليون راكب سنويا، مما يؤكد وجود إرادة حقيقية من السلطات العليا في البلاد لترقية وعصرنة قطاع النقل الجوي في هذه المناطق التي تقع في أقصى الجنوب... فهذا يدل أن الجزائر باتت اليوم نموذجا حقيقيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولم تعد النهضة التي تشهدها البلاد في ال16 سنة الأخيرة مقتصرة على مدن الشمال, بل حتى الحواضر الجنوبية البعيدة أضحت اليوم «أنموذجا» حقيقيا يحتذى به من قبل دول الجوار في العصرنة والتمدن والتحضر.
كما سمحت لنا الزيارة الميدانية التي دامت حوالي 10 أيام بتسجيل الكثير من النقاط الإيجابية التي حققها قطاع النقل بتندوف بالرغم من النقائص العديدة التي لا يزال يعاني منها إلى حد اليوم، لاسيما في مجال النقل البري والحضري، اللذين تدعما بحافلات وسيارات أجرة جديدة , مما ساهم بشكل كبير في تحسين الخدمات المقدمة للزبون، الذي كثيرا ما اشتكى من سلوكات السائقين ونوعية المركبات التي تربط الولاية بالمدن المجاورة... فهذه الخطوات الجبارة التي شهدها القطاع، حوّل الولاية إلى قبلة للعديد من المسافرين وحتى الزائرين الذين بدأوا في تغيير وجهاتهم السياحية إلى مدن جنوبية جديدة من بينها تندوف التي تزخر بالعديد من المناظر الطبيعية الخلابة. إذ وبلغة الأرقام تضاعف عدد حافلات النقل البري وسيارات الأجرة بشكل متسارع. كما تم فتح خطوط حضرية جديدة، فضلا عن الموافقة على منح رخص الاستغلال ل8 شركات خاصة استطاعت توظيف أزيد من 125 شابا عاطلا عن العمل, أي ما يعادل 70 بالمئة من مناصب الشغل المستحدثة في مجال سيارات الأجرة الحضرية. هذا دون أن ننسى طبعا المصادقة على 11 خطا جديدا سيغطي مختلف أحياء المدينة على غرار حي المستقبل، الرماضين، مطار الرائد فراج، حديقة التسلية ووادي مهية. وتوفير هياكل استقبال جديدة وعصرية على غرار محطة النقل البرية التي أنجزت في15 جويلية 2012, وتتوفر على جميع ظروف الراحة اللازمة حتى يكون المسافر في أمن وراحة تامتين. وبفضل هذه الحركية التي يشهدها القطاع، بدأت تندوف تتخلص رويدا رويدا من العزلة التي كانت تعاني منها، خصوصا بعد تضاعف عدد سيارات الأجرة لما بين الولايات. حيث كشف المدير الولائي للنقل، أنها حاليا في حدود 14 مركبة جماعية جديدة ,والعدد مرشح للارتفاع مستقبلا .دون أن نغفل الخدمات الكبيرة التي باتت تقدمها اليوم محطة النقل البري بحي «الكولومة» (500 مسكن) التي تشتغل فيها47 حافلة من الحجم الكبير، كلها جديدة ومزودة بشاشات التلفاز والمكيفات الهوائية. حيث تساهم في نقل أزيد من 2500 مسافر يوميا إلى مختلف ولايات الوطن. غير أننا لاحظنا ونحن نتجول عبر أحياء المدينة وجود ظاهرة سلبية ينبغي على المسؤولين المحليين العمل على حلّها في أقرب الآجال حتى لا تتحول إلى نقطة سوداء وتتمثل في التوقف العشوائي لحافلات النقل البري أمام سوق المدينة وهو ما شوّه كثيرا الوجه العمراني والجمالي للمدينة.
لا أزمة سكن في الأفق
رغم الطلبات الكثيرة على السكن بتندوف، إلا أنه لا توجد أزمة سكن بالولاية، حيث وبلغة الأرقام شهد القطاع قفزة نوعية. حيث كانت الحظيرة السكنية في 1999، لا تزيد عن 1510 شقة، لكنها اليوم باتت في حدود ال6000 وحدة، حيث تم في 2000 تسجيل عدة برامج منها إنجازما بين 100 إلى 300 مسكن، وفي البرنامج الخماسي ل2005، تمت برمجة تشييد 800 وحدة سكنية، مع العمل على خلق أحياء جديدة على غرار «تندوف لطفي» فاقت ال1500 مسكن مجهز بعدة مرافق، إدارات وهياكل. كما تم إنجاز 1500سكن بحي حاسي عمار، و800 وحدة بحي النهضة, و بعدها برامج أخرى على غرار 1000 وحدة في إطار تنمية مناطق الجنوب, وغيرها من المشاريع السكنية الأخرى. وأما البرنامج الخماسي ((2014-2010 فقد تم تسجيل حصة هامة من السكن لفائدة مواطني تندوف. حيث تم الشروع في الأشغال وهي حاليا في طور الإنجاز بالوئام، زيادة على مشاريع أخرى في أم العسل و10 سكنات في قرية حاسي منير، وأما في حاسي خبي فتم تسجيل60 مسكنا انتهت بها الأشغال، حيث سيتم تخصيص 10 منها للمعلمين و10 سكنات أخرى في طور الإنجاز ستوجه كذلك إلى المؤطرين، دون أن ننسى 50 محلا تجاريا في طور الإنجاز في حاسي خبي. وما لاحظناه ونحن نزور بعض أحياء المدينة، احترام المعنيين بالولاية للنمط الهندسي السكني الصحراوي والمتمثل تحديدا في (أرضي - أرضي 1+)، وهذا بطلب من سكان المنطقة بحد ذاتهم ,حيث أن العائلات الصحراوية تفضل العيش في السكنات الفردية، بحيث كل مسكن عنده مدخل فردي، فناء وسطح موصول وأما السكن الريفي فشهد بدوره وثبة حقيقية في السنوات الأخيرة،ّ. حيث تم إنجاز العديد منها في حي الحكمة، فضلا عن 1880 وحدة قيد الإنجاز منها ما انتهت بها الأشغال ومنها ما هو في طور التشييد. وأن حصة من هذه السكنات تحتاج إلى التهيئة الخارجية حتى تكون في مستوى مدينة تشهد نهضة عمرانية كبيرة.
أفاق واعدة للفلاحة وتحقيق الاكتفاء الذاتي رغم شح المياه
شهد قطاع الفلاحة في ولاية تندوف طفرة نوعية في السنوات القليلة الماضية. حيث بفضل جهود الدولة، وسواعد الفلاحين والمربين في المنطقة، تم تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال الانتاج الفلاحي وحتى تربية الحيوانات. وهو ما يجعل الولاية نموذجا مصغرا لجزائر التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودتين. فبالرغم من ندرة المياه وطبيعة المناخ الصحراوية القاسية، استطاعت تندوف التغلب على هذه المثبطات ,وباتت اليوم تشهد حركية ووثبة نوعية في جميع مناحي الحياة. وسمحت الزيارة الميدانية التي قمنا بها إلى عديد المناطق الفلاحية والرعوية المنتشرة بمختلف تراب الولاية، من الوقوف على نوعية المحاصيل الزراعية التي تنتجها هذه الأرض الشاسعة المعطاء. حيث استطاع فلاحو تندوف وبالرغم من شح الموارد المائية من إنتاج سنويا أزيد من 8400 قنطار من مادة التمر، و48054 قنطار من مختلف المحاصيل الحقلية في مساحة إجمالية مقدرة ب173 هكتار. هذه المؤشرات التنموية الزراعية الواعدة، لم تأت من العدم, بل جاءت بفضل استيراتيجية طويلة الأمد, سطرتها السلطات العمومية من أجل ترقية القطاع الفلاحي في الولاية، لاسيما من خلال تسهيل الإجراءات الخاصة بتقديم الدعم للمستثمرين عبر وكالة «أونساج», والعمل على تكوين ورسكلة الفلاحين, وإنشاء تعاونيات متخصصة في إنتاج الحليب واللحوم الحمراء، وأخرى متعددة الخدمات. لاسيما وأن تندوف تتوفر على ثروة حيوانية هامة تقدر ب59 ألف رأس إبل، و66 ألف رأس ماعز و36 ألف رأس ماشية، مع العلم أنها مرشحة للارتفاع خصوصا في ظل الدعم الدائم والمستمر الذي تقدمه المصالح المختصة لفائدة المربين. إذ تكشف الأرقام التي قدمها لنا المدير الولائي للمصالح الفلاحية أمحمد يحي أمحمد ,استفادة 812 مربيا منذ بداية 2015من 5300 قنطار من مادة الشعير المدعم عبر نقطة البيع الوحيدة بالولاية التابعة لتعاونية الحبوب ببشار. فضلا عن سهر المصالح الفلاحية الوصية بتنظيم عمل المربين من خلال إنشاء مجالس مهنية مشتركة, تكون أداة لاقتراح جملة من الحلول لمختلف المشاكل التي تعترضهم ,وتبليغها للسلطات المعنية من أجل التكفل بها في أقرب الآجال. حيث تم بالمناسبة إنشاء محيط للمربين لفائدة50 شخصا في مساحة تقدر ب50 هكتارا. ومحيط آخر لإنتاج الأعلاف في مساحة تقدر ب137هكتارا مسقيا بمياه محطة التصفية... دون أن ننسى كذلك شروع المكتب الوطني للدراسات في التنمية الريفية بإعداد خبرة تخص الجدوى «التقنو اقتصادية» التي بفضلها سيتم تخصيص قنوات الصرف التي توجه لسقي هذه المحيطات الفلاحية، فضلا عن قيام المعهد الوطني للحيوانات «بابا علي» بتنظيم عدة دورات تحسيسية لفائدة فلاحي المنطقة، شملت60 مربيا في مجال الطب البيطري الهدف منها الرفع من مستوى التغطية الصحية للثروة الحيوانية وحمايتها من مختلف الأمراض المتنقلة من وراء الحدود. وفي هذا الصدد كشف مدير الفلاحة عن قيام مصالحه منذ بداية السنة الجارية بتلقيح 3850 رأس غنم ومعالجة 31423 رأس حيوان من مختلف الأنواع منها 10000 جمل و12383 ماعز و8899 غنم. مع العلم أن عملية التلقيح والعلاج مجانيتان ومست904 مربين، والرقم مرشح للارتفاع، خصوصا وأن مديرية الفلاحة لتندوف بصدد ضبط القائمة النهائية للبدو الرحل والبالغ عددهم حاليا 398 عائلة. ومن الممكن أن يمس التلقيح حيوانات أخرى تمتلكها هذه العائلات التندوفية التي لم يشملها لحد الآن الإحصاء الذي تريد مديرية الفلاحة الانتهاء منه قبل نهاية السنة الجارية.
ولأن ندرة المياه تمثل العائق الأكبر الذي تعاني منه تندوف، ويحتاج إلى جهد أكبر من قبل المعنيين بالولاية من أجل مواجهتها بما يسمح بتطوير الفلاحة بالولاية. فقد قامت مؤخرا وزارة الموارد المائية بإجراء دراسة هيدروجيولوجية لضبط الخريطة المائية للفلاحة بالولاية. حيث تشير معطيات علمية مؤكدة، إلى أن معدل المياه المتدفقة من مختلف الآبار والمناقب المنتشرة عبر كامل تراب هذه الجوهرة الصحراوية البراقة، تتراوح بين 5 و12 لترا في الثانية بخلاف ولاية تمنراست التي يبلغ معدل التدفق فيها ال 60 لترا في الثانية. مع العلم أن المساحة الصالحة للزراعة بالولاية تقدر ب872 هكتارا، ويتم سقيها كلها من مياه 25 منقبا، فضلا عن 284حوضا مائيا و469 بئرا موجهة للسقي. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل كما أكده لنا العديد من الفلاحين الذين تحدثنا إليهم، على أهمية تجنيد المورد المائي لتطوير الفلاحة في الولاية.
رهانات قطاع التربية , اللحاق بالركب من حيث النتائج
بالرغم من التطور الكبير الذي طرأ على قطاع التربية بتندوف في السنوات الأخيرة، بعد الإصلاحات العميقة التي باشرتها الوزارة الوصية، إلا أن العائق الرئيسي الذي لا يزال يشغل القائمين على التربية بالولاية المذكورة آنفا وحتى باقي ولايات الجنوب، يبقى كيفية الرفع من مستوى المتمدرسين الذين باتوا يتحصلون على المراتب الأخيرة على المستوى الوطني في مختلف الامتحانات التي تجرى مع نهاية كل موسم دراسي. حيث لمسنا ونحن نستمع إلى تصريحات مديرة التربية بوصبيعات سكتو، رغبة جامحة من أجل تجاوز هذه العقبة العويصة، والعمل على افتكاك مراتب متقدمة في سلم ترتيب الولايات التي تحصلت على نتائج مشرفة في مختلف المسابقات التربوية. إذ وبعد الندوة التي نظمتها مؤخرا وزيرة التربية السيدة نورية بن غبريط، مع مختلف مدراء القطاع لولايات الجنوب بالأغواط، تعهدت السيدة بوصبيعات بإيجاد حل لهذا المشكل المطروح. إذ لا يعقل أن يتحصل كما جاء على لسان بن غبريط في هذا الاجتماع، أن يتحصل تلاميذ ولايات الجنوب على نقاط ضعيفة في اللغة العربية، وأغلبهم تربى وترعرع على تعلم وحفظ القرآن. وفي هذا الصدد شرعت المديرية الوصية في تنظيم عدة حملات تحسيسية في وسط المتعلمين من أجل رفع التحدي ومنافسة مدارس المدن الشمالية. كما يبقى مشكل الاكتظاظ الذي تعاني منه ابتدائية نواورة بحي النهضة، نقطة سوداء ينبغي حلّها في أقرب الآجال. إذ وبسبب الكثافة السكانية الكبيرة التي يشهدها هذا المجمع السكاني الحديث، وصل عدد المتمدرسين فيها إلى 602 تلميذ, الأمر الذي اضطر إدارة هذه المؤسسة الابتدائية إلى اتباع نظام الدوامين الدائم... وعن المرافق التربوية التي تدعمت بها الولاية فهي كثيرة, منها ما أنجز وسلم هذه السنة على غرار مدرسة دحماني رحماني بحي المستقبل (2)، ومنها ما هو متأخر وينتظر من يعطيه دفعا إضافيا من أجل تحريره من «قيود» التأخير غير المبررة, على غرار مشروع إنجاز ثانوية بأم العسل التي لم تنطلق بها الأشغال لحد اليوم. هذا الأمر قد يتسبب في معاناة إضافية للتلاميذ الذي يضطرون لقطع حوالي 170 كلم للالتحاق بالمؤسسات الداخلية بمدينة تندوف من أجل تخفيف الضغط عن هذه البلدية المعزولة. لكن هذا لا يعني فشل المنظومة التربوية في ولاية تندوف, بل وعلى العكس من ذلك، استطاعت ولاية «الجملين الحديدين» كما يحلو للكثير تسميتها ، أن تخطو خطوات جبارة في هذا القطاع الحساس، باعتبار أن الاهتمام بالفرد عندنا يمثل أحد المرتكزات الكبرى لإنجاح استيراتيجية النهوض التنموي الاقتصادي والاجتماعي للجزائر. إذ وفي ظرف وجيز أصبح عدد التلاميذ «التندوفيين» في الأطوار التعليمية الثلاثة اليوم يقارب ال15900 متمدرس، والمعلمين في حدود ال801 مؤطر. كما تحسنت نوعية الإطعام بشكل كبير. والنقل المدرسي تتكفل به البلدية والولاية. ورقمنة الإدارة قطعت أشواطا كبيرة. مع ضمان عملية نقل 40طالبا وطالبة ثانوية القاطنين بأم العسل إلى مدينة تندوف. والتضامن المدرسي حقق أهدافه المنشودة بتوزيع مديرية النشاط الاجتماعي ل4500 محفظة، مع الالتزام بتسليم منحة ال3000 دج في وقتها المحدد.
هذا دون أن نهمل سعي الوصاية تزويد المؤسسات التربوية بالولاية بالأنترنت. مع العلم أن المتوسطات والثانويات انتهت منه منذ 3 سنوات. ويبقى القطاع بذلك يساير الإصلاحات ويخطو خطوات كبيرة نحو التحديث والعصرنة والتقدم.
طريق «تندوف - أدرار»... المشروع لم يعد حلما
تشهد عروس أقصى الجنوب الغربي، تطورا كبيرا في مجال الأشغال العمومية، لاسيما المنشآت القاعدية الكبرى. حيث ستسمح هذه المشاريع الهامة التي من المنتظر أن تتدعم بها الولاية، بازدياد طول شبكة الطرق في تندوف من 1900 كلم إلى 3801 نهاية سنة 2016 أي بزيادة قدرها 1892 كلم، أغلبها طرق حدودية عدا الطريق الرابط بين تندوف و أدرار، على مسافة 460 كلم (الشطر خاص بتندوف)، حيث ستقوم بإنجازه العديد من المؤسسات العمومية والخاصة.
وقد شهدت الكثير من «الأشطر» تقدما ملحوظا وبنسب متفاوتة... وبالرغم من صعوبة التضاريس وندرة المياه، إلا أنه وحسب تأكيدات السيد الزاوي عبد العزيز رئيس مصلحة تنمية منشآت الطرق مكلف بمهام مدير الأشغال، فإن المشروع سيتحقق في الأخير, وستفتح طريق وطنية ثانية تضاف إلى تلك التي تربط تندوف بأدرار. حيث اهتدت المؤسسات المنجزة إلى جلب الماء على مسافة 120 كلم في تضاريس صعبة. ولكن وبالرغم من هذه المعوّقات الطبيعية القاهرة إلا أن إرادة اليد العاملة التندوفية سترفع التحدي وستسلم الطريق في الثلاثي الأخير من سنة 2016. وأما بخصوص مشروع إنجاز مسالك بمنطقة غار جبيلات, فإنه وكما أشرنا إليه آنفا , فالأشغال تسير بوتيرة متصاعدة، على مسافة 12 من أصل 22 كلم وبالخرسانة الزفتية، حيث يوجد شطر يحتاج إلى تعبيد حتى يكون الطريق كله سالكا من القرية إلى مصنع غار جبيلات.
تزخر تندوف هذه الولاية التي تبعد عن الجزائر العاصمة ب1700 كلم, ووهران ب1600 كلم، بمؤهلات سياحية عملاقة، وإن كانت غير مستغلة استغلالا حسنا. حيث وفي إطار جهود الحكومة من أجل إيجاد موارد بديلة عن المحروقات، بدأت في التفكير مليا من أجل الاهتمام أكثر بهذا القطاع الهام والحساس. ومن بين المدن التي بإمكانها أن تلعب دورا بارزا في رفع هذا التحدي الجبار ولاية تندوف، التي لم تقل كلمتها بعد، لاسيما وأن الإمكانيات السياحية التي تتوفر عليها لا تعد ولا تحصى، بدءا بالحمادة، العرق، الأودية، الجبال الرسومات الصخرية ما قبل التاريخية، المواقع الأثرية وحتى الرطبة على غرار منطقة «تفقومت» الحدودية. لكن يجب التفكير مليا, حسب ما أكده لنا مدير السياحة والصناعة التقليدية عبد الرحمن خونة، في تطوير وتأهيل أماكن الاستقبال للزوار والسائحين. إذ لا تزيد الحظيرة الفندقية بالولاية عن 6 مؤسسات فندقية، أي بطاقة استيعاب تقدر ب297 سريرا فقط... ولأن جزائر اليوم هي نموذج حقيقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملتين، فقد سارعت السلطات العليا في البلاد، إلى تجاوز هذا الخلل، وشرعت عبر مصالحها السياحية المحلية في فتح هذا الملف ومعالجة مكامن العجز فيه. حيث أوضح لنا مدير السياحة، أنه يوجد حاليا 3 مؤسسات فندقية تابعة للقطاع الخاص في طور الإنجاز بطاقة استيعاب تقدر ب215 سريرا. كما منحت اللجنة الولائية للاسثمار الموافقة لإنجاز 6 فنادق جديدة ستضاف إلى تلك الموجودة حاليا أو تلك التي تشيد بمختلف أرجاء الولاية على غرار «الفندق الحضري»، «نزل الطريق» بأم العسل وآخر بحاسي خبي. أما عن الوكالات السياحية، وبعدما كانت تندوف أو «العين الغزيرة التدفق» كما يسميها بعض المؤرخين، لا تتوفر على أي وكالة في الماضي، وافقت مديرية السياحة على اعتماد واحدة هذه السنة. كما قبلت ملفات 3 ورفضت اعتماد 3 وكالات لعدم وجود الخبرة للمسير. إذ تسعى الوكالة الوحيدة الحالية بالولاية إلى استقبال الزائرين، توفير مرشدين، تنظيم مناسك الحج والجولات سياحية...إلخ. وأما عن دور المجتمع في تنشيط الفعل الثقافي فأصبح اليوم أكثر حضورا من ذي قبل. إذ تم تأسيس الديوان المحلي للسياحة «تينطوف», وإنشاء 3 جمعيات سياحية للمساهمة في الترويج السياحي، وتأطير وعدات «سيدي الرقيبي»، «جاكن الأبر» و«سيدي بلال»، وإحياء سنة المولد النبوي الشريف وغيرها من الأنشطة الأخرى.
ومن بين المواقع السياحية غير المستغلة استغلالا جيدا بتندوف نذكر على سبيل المثال لا الحصر، منطقة القصيبة «الحنك», والمتحف الطبيعي المفتوح الذي عثر فيه على بصمات لحوافر الخيل، قلعة «البرتقيز» عبارة عن حصن برتغالي قديم يعود إلى العصر الوسيط. وأما بخصوص المواقع الأثرية فتزخر عروس الصحراء بالكثير من الأماكن السياحية التاريخية الهامة، منها زاوية بلعمش التي تحتوي على 600 مخطوطة تم تصنيفها في 1998، دويرية أهل العبد (رماضين) حيث تمتاز مساكنها بالطابع المرابطي، فضلا عن دار الديماني. لكن يجب أن نشير إلى أن هذا القطاع لا يزال يعاني من عدة نقائص, أهمها غياب المهنيين في السياحة، فضلا عن تدهور القصور القديمة وتأخر عملية ترميمها،و ضعف كبير في مجال الاستثمار السياحي الخاص, وغلاء مصاريف النقل الجوي. كما لا حظنا ونحن نزور بعض المواقع الأثرية غياب دور الجمعيات المحلية الناشطة في هذا المجال. حيث حاولنا التقرب من إحداها لمعرفة دورها في ترقية هذا القطاع، إلا أننا وجدنا العديد من مقراتها موصدة ومن غير سبب مقنع.
هكذا كانت زيارتنا التي دامت قرابة ال 10 أيام بتندوف، حيث تحولت الولاية اليوم إلى ورشة مفتوحة على كل الأصعدة في السكن، الصحة، النقل، الطاقة، التجارة، الصناعات التقليدية، الفلاحة...إلخ. وتدعمت هذه الجنة العذراء بالكثير من المرافق المهيكلة. الأمر الذي جعلها اليوم مرتكزا رئيسيا ومحوريا في محور الإصلاحات الكبرى ,التي أعلن عنها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. مما يؤكد فعلا أن الجزائر باتت اليوم نموذجا حقيقيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. والدليل على ذلك ولاية تندوف، التي ستتحول تدريجيا إلى قطب صناعي هام إن على الصعيد الوطني أو حتى الجهوي والعالمي. كما أن نجاح هذا المشروع الاستيراتيجي المهيكل، ستكون له انعكاسات كبيرة على الحياة المعيشية للمواطن، وسيجر معه الكثير من القطاعات التي تنتظر من يجرها ويدفعها إلى الأمام , يكفي فقط الصبر، الإيمان بقدرة التندوفيين على رفع التحدي، والتشمير على السواعد لتحقيق رسالة الشهداء الذين رفعوا لواء الجهاد الأصغر، ليأتي الآن دور شباب الجزائر من أجل حمل راية الجهاد الأكبر, والانطلاق في جهود الإصلاح والبناء والتشييد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.