سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السائق دار السبع عبد القادر يروي حصريا ل«الجمهورية» ولأول مرة تفاصيل اغتيال 11 معلمة و معلم بعين آدن في 1997 «الذيب الجيعان» وجماعته ذبحوا الضحايا كالنعاج في ظرف 10 دقائق
@ المعلم حاول الفرار فأصابوه برصاصة في قفاه ولحقوا به في الغابة ثم ذبحوه تحل اليوم الأحد الذكرى الثامنة عشر لحادثة اغتيال 11 معلمة ومعلم (المجموع 12).وهي جريمة شنعاء تأبى النسيان وقعت ببلدية عين ادن دائرة سفيزف ولاية سيدي بلعباس في ذلك اليوم المشؤوم 27 سبتمبر من عام 1997 .خبر الفاجعة هز انذاك الجزائريين جميعهم بل و العالم أيضا. مرتكبوها ارهابيون كان يقودهم الدموي الخطير المعروف ب الديب الجيعان ألقي عليه القبض فيما بعد وحكم عليه بالاعدام بتهمة القتل في3 قضايا سفك دماء راح ضحيتها ابرياء. واليوم تنفرد الجمهورية بنشر تفاصيل هذه المجزرة الرهيبة على لسان شاهد عيان عاش وقائعها من البداية الى النهاية .انه دار السبع عبد القادر( 40عاما) سائق وصاحب الحافلة الصغيرة(فيات فورغونات) التي كان على متنها المعلمات المغتالات المتوجهات من عين ادن الى سفيزف . يقول عبد القادرالذي يمارس اليوم مهنة الفلاحة بدأت سياقة هذه الحافلة الصغيرة القديمة البسيطة التي اشتريتها في 1996 من مالي الخاص الذي جمعته نظير احترافي مهنة بناء وعمري لا يتجاوز 21 سنة حيث كنت أنقل الركاب على خط عين ادن - سفيزف ذهابا وإيابا يوميا بينهم حوالي 35 معلم ومعلمة ألفوا الركوب معي صباح مساء في جو طبيعي عادي ولم أكن أدري ما كانت تخبئه الأقدار لي في ذلك اليوم الحزين الذي أثر تأثيرا بليغا على مجرى حياتي الى درجة أني كدت أفقد ذاكرتي ووعيي وأصير مجنونا لولا عناية الله عز وجل. حاجز مزيف و4 سيارات (كلوندستان) متوقفة في يوم السبت 27 سبتمبر والجو مشمس و صحو أقلعت بحافلتي على الساعة الثالثة مساء من عين آدن باتجاه سفيزف وعلى متنها 6 معلمات ومعلم واحد(المجموع 7 ) فقط كانوا يهمون بالعودة الى منازلهم بعد خروجهم من العمل لكن ما إن وصلنا إلى أعلى المرتفع البعيد عن عين آدن ب 7 كلم في مكان يتوسط غابتين حتى تفاجأنا بوجود حاجز مزيف نصبته جماعة إرهابية أين كانت هناك 4 سيارات (كلوندستان) متوقفة واحدة منها تحمل 5 معلمات والباقي أناس اخرون فسارع الي إرهابي مصوبا سلاحه من نوع « محشوشة» في وجهي يأمرني بتوقيف المركبة على حافة الطريق ثم أشار الي بالنزول والتوجه الى حيث كان هناك 10 أشخاص موقوفين. بعد تجريدهن من حليهن قرروا إحراقهن ثم اتفقوا على الذبح وبسرعة تم إنزال المعلمات الخمسة من سيارة كلوندستان وألحقوهن بزميلاتهن المتواجدات بداخل حافلتي الصغيرة وهم في المجموع 11 معلمة ومعلم واحد .وبعد تجريدهن من حليهن ومجوهراتهن اتفقوا في البداية على إحراقهن بمادة البنزين وسط عويل وصراخ هؤلاء المسكينات اللائي لا يتعدى عمرهن 24 سنة لكنهم ما لبثوا أن تراجعوا عن ذلك وقرروا ذبحهن جميعا وهنا اشتد العويل والصراخ في الوقت الذي حاول فيه المعلم صابر حبيب الفرار بجلدته إذ قفز الى خارج الحافلة وراح يركض ركضا باتجاه الغابة عله ينجو من المجزرة لكن طلقات الرصاص أصابته في قفاه ثم لحقوا به وذبحوه. الدمويون لم يترددوا في تنفيذ خطتهم ولم ترأف قلوبهم القاسية لتوسلات المعلمات حيث شرعوا في ذبحهن كالنعاج على حافة الطريق الواحدة تلو الأخرى في منظر يندى له الجبين وتقشعر منه الأبدان . عملية الاغتيال هذه التي حولت المكان الى بركة من الداء لم تستغرق سوى عشرة دقائق. «الذيب الجيعان» وجماعته من 5 أفراد طلبوا منا عدم الإبلاغ الذيب الجيعان الآمر الناهي وجماعته المتكونة من 5 أفراد وقبل أن يخلوا سبيلنا أنا والسيارات الأربعة وما فيها من ركاب طلبوا منا عدم الإبلاغ عن حادثة الاغتيال وعدم التصويت في الانتخابات . ويضيف قائلا :اتجهت صوب سفيزف منهارا بدنيا ونفسيا وذهنيا كدت أصاب بالجنون لهول ما رأيت لأول مرة في حياتي ورحت أسائل نفسي ما عشته أهو حقيقة أم خيال ؟ أقود حافلتي بسرعة وفي حالة من التوتر والغثيان كادت تكلفني حياتي الى أن وصلت الى مقر دائرة سفيزف فأبلغت رئيس الدائرة آنذاك بومعيزة لخضر ومندوب البلدية مغراوي عبد القادر عن هذه المأساة وعلى جناح السرعة راحا يخطران فرقة الدرك الوطني والجيش الوطني الشعبي الذين تنقلوا على الفور إلى عين المكان لنقل جثث ضحايا الإرهاب باتجاه مصلحة حفظ الجثث للمستشفى الجامعي حساني عبد القادر واختاروا الطريق الرابط بين عين ادن وبوجبهة البرج وسيدي حمادوش ... وتجنبوا الطريق الموصل الى سفيزف فبلعباس وسط احترازات أمنية كبيرة استغرقت بعض الوقت وفي ظل تهاطل أمطار طوفانية صعبت من مهمتهم كثيرا . نصب تذكاري يخلد الحادثة الأليمة هذاوفي اليوم الموالي ذاع خبر اغتيال المعلمات والمعلم عبر أرجاء الوطن وحتى العالم وخيم حزن رهيب على سكان ولاية سيدي بلعباس وبخاصة العاملين في قطاع التربية وكان الأسى شديدا بشكل لا يوصف عند عائلات المغتالين وقد تم في ذات اليوم دفن جثث المرحومين بمقبرة سيدي يحي بمدينة سفيزف في جو مهيب وسط حشد من المواطنين وعائلات الضحايا والسلطات المدنية والعسكرية وفي5 جويلية 1997 قام والي سيدي بلعباس آنذاك نور الدين بدوي بتدشين النصب التذكاري الذي يخلد هذه الحادثة الأليمة على بعد كلم 7 من عين ادن.وكلما حل يوم 27سبتمبر1997 إلا وأحيت السلطات المحلية هذه الذكرى رمزيا بتفقد المعلم التذكاري والوقوف على قبور هؤلاء المعلمين بقراءة الفاتحة والترحم عليهم وذلك في حضرة عائلاتهم التي لازلت تعاني نفسيا من مخلفات هذه المجزرة. الجدير بالإشارة إلى أن دار السبع عبد القادر صاحب الحافلة الذي روى لنا تفاصيل هذه الجريمة عاش بعد هذه الحادثة ظروفا صعبة للغاية لمدة تقارب 9 أشهر اقتضتها التحقيقات الأمنية إلى أن برأته العدالة الجزائرية من طرف محكمة سيدي بلعباس بتاريخ 2 جوان 1998.