علمت "الشروق اليومي" من مصدر أمني موثوق أن العنصر الإرهابي الخطير بحيري الجيلالي المدعو "الذيب الجيعان" سلم نفسه لمصالح الأمن بولاية وهران منذ نحو 10 أيام في سرية تامة، ليتم تحويله نهاية الأسبوع الفارط، إلى القطاع العسكري بسيدي بلعباس، حيث كانت هذه الأخيرة تضم أهم معاقله الإرهابية. وأضاف المصدر ذاته، أن الذيب الجيعان الذي كان يعد أسطورة دموية في نهاية سنوات التسعينيات، سلّم نفسه لأجل الاستفادة من إجراءات العفو التي يوفرها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، في الوقت الذي تحفظت فيه المصالح الأمنية المختصة عن إعطاء مزيد من التفاصيل بخصوص ظروف العملية، وما إذا كانت قد أسفرت عن استرجاع أسلحة، لكن بعض الأوساط الملاحظة ترجح سبب إقدام هذا الأمير الدموي على خطوته "المفاجئة" بالنسبة للكثيرين إلى اتصالات سابقة جرت خلال مرحلة الدعوة إلى ميثاق المصالحة وذلك في سبيل إقناع الإرهابيين والأمراء منهم على وجه التحديد، بالاستجابة للميثاق، رغم الوضع المعقد الذي توجد عليه ملفات هؤلاء، وتلطخ أياديهم بجرائم ومجازر بشعة، لكن الأطراف ذاتها تعتقد أن هؤلاء "الأمراء" يمثلون خزان معلومات مهم لكشف بعض تفاصيل الجماعات المسلحة، ابتداء من معاقل الاختباء إلى طرق الحصول على أسلحة وكذا عدد العناصر الإرهابية الناشطة. وبتسليم نفسه إلى مصالح الأمن العسكري في وهران، ثم نقله إلى سيدي بلعباس، يكون بحيري الجيلالي، الذي اكتسب لقبه المخيف من المجازر التي ارتكبها وأشرف عليها مباشرة، قد وضع حدا للتساؤلات الكبيرة التي أعقبت اختفاءه منذ نحو 6 سنوات، حيث تداولت بعض المصادر خبر تصفيته جسديا من طرف أمراء آخرين، قبل أن يقفز اسمه من جديد إلى الواجهة ويحاكم غيابيا في سيدي بلعباس، حيث تم إصدار حكم بإعدامه، لكن الجميع لم يكن في استطاعته تحديد مصير "الذيب الجيعان" أو مكان تواجده، حتى أولئك الإرهابيين الذين سلّموا أنفسهم منذ فترة بغية الاستفادة من العفو.. ولذلك يعد تسليم هذا الإرهابي الخطير لنفسه في وهران مفاجأة غير منتظرة ماتزال في حاجة إلى بعض التفاصيل لإزالة الغموض عنها. وكان بحيري الجيلالي أو "الذيب الجيعان"، ابن بلدية عين آدن الفقيرة في بلعباس، قد ارتبط اسمه بأبشع جريمة استهدفت مواطنين أبرياء، ويتعلق الأمر باغتيال 11 معلمة ومعلما بتاريخ 27 سبتمبر 1997، بينما كانوا عائدين في يوم ماطر من مقر عملهم، حيث اعترضهم حاجز مزيف وتم ذبحهم بطريقة شنيعة، علما أن هذه المجزرة، لا تعد الوحيدة التي ارتكبها الذيب الجيعان، أو أمر بتنفيذها، فقد سبق له وضع كثير من الحواجز المزيفة خلال سنتي 1997 و1998، ومنها ذلك الحاجز الذي أقامه بين سيدي بلعباس ودائرة سفيزف، وانتهى باغتيال 14 مواطنا، ليختفي بعدها اسم الذيب الجيعان، كما لم ترد إشارة قوية إلى دوره خلال حرب الأمراء التي اندلعت منتصف التسعينيات بالمنطقة، علما أنه التحق بالجماعة الإسلامية المسلحة التي كان يتزعمها الأمير الدموي قادة بن شيحة عام 1994، قبل أن يحدث الانشقاق سنة بعدها، إثر خلاف بين بن شيحة، والأمير الوطني الأسبق للجيا جمال زيتوني، حينها تشكلت كتيبة الأهوال وضمت إليها حوالي 1200 مسلح، كما ارتكبت أبشع الجرائم في حق المواطنين الأبرياء، وحتى أولئك المنتمين إليها في حالة عصيانهم أو تفكيرهم في الهروب، لذلك، تربط الجهات الأمنية المختصة بشاعة ما ارتكبه الذيب الجيعان بمحاولته إبراز قدراته على تسلم الإمارة، لكن مصادرا أخرى أشارت إلى تفكيره في التحرر من هذه الجماعة، من خلال تسلمه لإمارة كتيبة النصر، وإن لم تظهر لهذه الأخيرة أي عمليات إرهابية "نوعية ومؤثرة" منذ سنة 1998 على الأقل .. ويفسر البعض اختفاء الذيب الجيعان (43 سنة) خلال السنوات الأخيرة بخشيته من التصفية الجسدية من طرف أمراء آخرين وكذا محاصرته من طرف قوات الجيش التي ضيقت المجال على العناصر الإرهابية، لذلك لا يعد الذيب الجيعان (وهو أب ل 3 بنات) الوحيد من العناصر الخطيرة التي سلمت نفسها، بل سبق أن سلم أحد أمراء جماعة حماة الدعوة السلفية للقتال نفسه الصيف الفارط، ويعتقد أن هذا الأخير والمدعو "أبو الياس"، إضافة إلى "الذيب الجيعان" سيساهمان بلا شك في فك العديد من ألغاز الجماعات المسلحة، خصوصا تلك التي كانت (ومازالت) تنشط بجنوب ولاية سيدي بلعباس أو على الحدود بينها وبين ولاية معسكر عبر المناطق والتضاريس الوعرة لجبال اسطمبول. قادة بن عمار