رافع، وزير الاتصال، حميد قرين، منذ تعيينه على رأس القطاع على مسألة التكوين باعتبارها أحد أهم رهانات الساعة بالنسبة لوسائل الإعلام، وهذا ما تمّ تكريسه من خلال جملة من المحاضرات التكوينيّة التي دأبت وزارة الاتصال على تنظيمها وتوسيعها عبر كل ولايات الجمهوريّة لإرساء احترافية ومصداقيّة أكبر في إيصال المعلومة للقارئ دون تحريف أو تجريح أو قذف. وكان، وزير الاتصال، قد أعلن في بداية شهر ديسمبر الفارط، عن الشروع في تنظيم سلسلة من المحاضرات التكوينية لفائدة المواطنين ومختلف الصحفيين، وكانت البداية من ولاية قسنطينة، من خلال تنشيط أولى محاضرات التكوين من طرف المدير العام للإذاعة الوطنية، شعبان لوناكل، محاضرة بعنوان " التعرف على وسائل الإعلام"، لتعرف مدينة وهران بعدها تنشيط ثاني محاضرة من طرف الرئيس المدير العام لجريدة الجمهورية، بوزيان بن عاشور تحت عنوان "التعرّف على وسائل الإعلام وحق المواطنين في المعلومة"الموثوقة، لتنتقل بعدها قافلة التكوين إلى باقي الولايات بما فيها الجنوب الكبير، حيث ستكون سنة 2016 على موعد لتنظيم عديد اللقاءات والمحاضرات التكوينية لفائدة الصحفيين المهتمين بالمشهد الإعلامي وكذا المواطنين، حيث شدّد، وزير الاتصال، على أن يكون المواطن جزءا من هذه الدورات التكوينية، من اجل المقدرة على التمييز بين الحقيقة والكذب ومعرفة المعايير التي يعتمد عليها المتلقي في تقييم الخبر ، من منطلق مديري المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة والعارفين بخبايا المشهد الإعلامي من أساتذة وباحثين ومسيرين من داخل وخارج الوطن. وقامت وزارة الاتصال، خلال السنة الفارطة على تنظيم عديد المحاضرات التكوينية، التي استفاد منها الطلبة، الصحفيين وممتهني قطاع الاعلام والاتصال، وكانت 2015 على موعد مع أكبر الأسماء الإعلامية في الوطن العربي من بينهم، الخبير التونسي الدكتور صدوق الحمامي، مدير المركز الافريقي لتأهيل الصحفيين والمكلفين بالاتصال الذي نشّط في شهر نوفمبر محاضرة حول "الصحافة في عصر وسائل الإعلام الاجتماعية"، مؤكدا، بأن الضبط الذاتي يبقى أحسن وسيلة لتمكين الصحفي من ممارسة مهنته "بكل مسؤولية" و"استقلالية"، معتبرا، بأن التجارب عبر كل العالم "أثبتت بأنه يتعذر ضبط وسائل الإعلام الاجتماعية". التنظيم ضرورة وفي معرض تدخله، تطرق الخبير إلى انعكاسات وسائل الإعلام الاجتماعية على البيئة الثقافية وطرق تقديم الأخبار، مقدما إجابات حول "هل ينبغي ضبط وسائل الإعلام الاجتماعية على غرار التلفزيون والإذاعة " و"هل تعد المواثيق الافتتاحية الحل المناسب " و"هل تنطبق أخلاقيات الصحافة على وسائل الإعلام الاجتماعية ". كما، كان رواد معهد الإعلام والاتصال من صحفيين وطلبة وأساتذة على موعد مع محاضرة تكوينية لرئيس المجلس السويسري للصحافة، دومينيك فان بورغ، الذي أكّد، بأن مهنة الصحفي بالجزائر بحاجة إلى أن تنظّم نفسها أكثر مؤكدا على أهمية تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للصحافيين، وتوقف، ذات المحاضر، عند الدور"الاجتماعي" لصحافة حرة مضيفا أن الصحفي لا يجب أن يتساءل بصفة تلقائية عن نتائج مقالاته، مشيرا، إلى أنه في عهد تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة ينبغي على الصحفي بالضرورة أن يقدم معلومة ذات مصداقية حتى تتميز عن الأخبار التي تبث عبر شبكات التواصل الاجتماعي". دور المشهد الإعلامي من جهته، اعتبر، الدكتور والباحث، باسم الطويسي، عميد معهد الإعلام الأردني، ضمن الندوة المنظمة من قبل وزارة الاتصال أن ما يسمى بثورات "الربيع العربي"، شكل "اختبارا حقيقيا" أمام الإعلام العربي للوقوف على مدى آدائه ومصداقيته ومهنيته في نقل حقائق الشارع العربي في ظل تجاذبات سياسية وتيارات اقتصادية وقوى خارجية، موضحا، في ندوة تمحورت حول "المهنية والمصداقية في الإعلام العربي"، أنه قبل "الربيع العربي" أي مع بداية عام 2011 كانت مطالبة واسعة بمزيد من حريات الإعلام والتعبير لكن تحولات ما يسمى بالثورات العربية كشفت عن فجوات في أداء الإعلام العربي لمهمته ما جعل الحرية الإعلامية تنحصر في شبر"، مؤكدا، بأنه "في المرحلة الأولى من التحولات احتلّ الإعلام العربي المركز الأساسي في تحريك الشارع العربي كما حدث في (ساحة التحرير بمصر) حيث كان له الدور الحاسم في تصوير المشهد المصري لكن مع تسارع الأحداث، التي شهدتها دول أخرى في المنطقة العربية تراجع الأمر الذي قادنا إلى نتائج مغايرة تماما لتوقعاتنا". كما، كان الموعد كذلك مع دكاترة وخبراء جزائريين برزوا في الجامعات الأجنبية من خلال أبحاثهم ودراساتهم، من بين هؤلاء، نشط البروفسور والدكتور عبد الرحمن عزي ندوة حول "الاتجاهات الحديثة في أخلاق الإعلام وقوانينه"، تناول خلالها البرفسور تطور أخلاق الإعلام في المعرفة والممارسة ومهد بداياتها بجامعة كولومببا، بنيويورك وصولا إلى ميثاق المهنيين الإعلاميين المعاصر بمبادئه الأربعة الكبرى، كما تطرق إلى ارتباط أخلاق الإعلام بالفلسفات والقيم الروحية الأخلاقية سواء النظريات "التقليدية" على نحو نظريات المعدل الوسطي والواجب الأخلاقي والمنفعة أو "الحديثة". من جهته، وخلال، تنشيطه لندوة تكوينية متبوعة بنقاش، دعا، مدير المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم الإعلام عبد السلام بن زاوي، إلى إطلاق وسائل إعلامية موجهة للخارج لإسماع صوت الجزائر، مؤكدا، بأنه "من الضروري التوفر على قنوات إعلامية وإذاعات موجهة للخارج، مضيفا "نحن ننتمي إلى فضاء حيوي (بلدان الجنوب)، حيث توجد رهانات جد هامة وحيث ينبغي أن يؤخذ صوت الجزائر وكذا هويتها بعين الاعتبار"، وأكد أنه "طالما لم ندرك أهمية الهوية (التي تروجها لاسيما وسائل الإعلام) ولم ندرك أننا في وضعية جمود مقارنة ببلدان الشرق الأوسط والغرب لن نؤدي أي دور على الصعيد الجيوسياسي". كما احتضنت جريدة "الجمهورية"، يوما تكوينيا نشطه الأستاذان بلقاسم جاب الله ومعزوز رزيقي، أبرزا فيه دور وسائل الإعلام في صناعة الرأي العام وجوب إلتزام الصحفي بأخلاقيات مهنة الصحافة. هذه الندوات وأخرى كانت ثريّة وعادت بالفائدة على الصحفيين على أمل برمجة ندوات أخرى أكثر ثراء يكون فيها التكوين المستمر والدائم الفيصل قصد الوصول بمستوى الإعلاميين إلى الاحترافية والمصداقيّة في إيصال المعلومة للقارئ، لتكريس الاحترافية والمصداقية التي حثّت عليها إصلاحات رئيس الجمهورية في مجال الإعلام والصحافة.