يجمع المحللون والمتتبعون والمختصون على أن سبب تراجع مستوى كرة القدم الجزائرية وتردي أوضاعها منذ أزيد من عشريتين كاملتين يعود أساسا إلى غياب التكوين وسوء البرمجة والتخطيط وطغيان سياسة الإرتجال والتوقيع والبريكولاج وكذا ضغف الرياضة المدرسية التي كانت المنبع والمصدر الأساسيين لإنجاب المواهب الشابة في مختلف الرياضات لا سيما منها في ألعاب القوى التي برزت فيها الجزائر بقوة في المحافل الدولية قبل أن تتقهقر كلية في الأزمة الأخيرة نتيجة لعدة عوامل ساهمت في تدني الرياضية المدرسية وإيقاف عجلتها الإستكشافية منها عدم إيلاء بالغ الأهمية لهذا النشاط من قبل القائمين على شؤون الرياضة وعدم إستفادتها من التأطير اللازم من الكفاءات العلمية من تقنيين ومسيرين مع سيطرة أصحاب الخبرة والنفوذ وذوي الأسماء اللامعة والمعروفة التي تفتقد لطرق وتقنيات العملية والتكنولوجية لذلك أصبحنا نرى هذا المستوى الهزيل لأداء نوادينا ومنتخباتنا الوطينة فالجمعيات الرياضية التي كان يفترض فيها أن تكون الزبون الرئيسي للرياضة المدرسية في عملية إقتناء المواهب الشابة نصقلها ومن ثم مد المنتخبات الوطنية باللاعبين الموهوبين فضلت سياسة البحث عن النجومية لهثا وراء النتائج وأهملت كلية التكوين القاعدي المبني على الطرق العلمية الحديثة فكانت النتيجة غياب الخلف وطغيان العشوائية والإرتجالية والإنهيار التام للأخلاق الرياضية وروح النزاهة والمصداقية فالرياضة المدرسية تتطلب حاليا إصلاحات معمقة من أجل إستعادة إعتبارها المفقود ومن ذلك وجب تقسيمها في كل المؤسسات التربوية ليتسنى إكتشاف البراعم الموهوبة مبكرا للإسهام في إمداد المنتخبات الوطنية بكوادر رياضية وعناصر متميزة ترفع إسم الدولة في المجالات الرياضية محليا وعربيا ودوليا ولا يتأتى ذلك أيضا إلا بالسعي لتقويم البرامج وتنظيم منافسات بين المدارس على مدار السنة ووضع خطط يتم تجسيدها في أغلب ولايات الوطن وقبل ذلك يتوجب على المسؤولين أخذ بعين الإعتبار المشاكل الآتية التي تعاني منها الرياضة المدرسية على وجه الخصوص والمتمثلة أساسا في نقص الإمكانيات المادية وقلة الدعم المالي بالإضافة إلى نقص فضاءات الرياضة في أغلب المدارس للممارسة الصحية والفعلية ناهيك عن قلة الملاعب الجوارية وضعف الميزانية المخصصة للرياضة المدرسية التي تعد غير كافية لتنفيذ البرنامج المسطر بغية تحقيق الأهداف المسطرة كما أن ما يعاب على الرياضة المدرسية في الفترة الأخيرة هو غياب المنافسات المحلية بين المدارس عدا المناسبات بعدما كانت في السابق تنظيم الإتحادية الجزائرية للرياضة المدرسية منافسات على مدار السنة ومنذ إنطلاق العام الدراسي مع عدم إهمال المناسبات الهامة حيث كانت تنظم بجولات متتالية في الرياضات الجماعية على مستوى كل الرابطات المتواجدة على تراب الولاية إذ تنطلق بعد المنافسات التي تتم على مستوى المدارس بالبلدية وبعدها على مستوى الدائرة والولاية والفائز كان يتم تأهيله إلى المنافسات الجهوية ومن ثم إلى البطولة الوطنية وكذا الشأن بالنسبة للبطولات الفردية التي كانت تسير على النمط نفسه . ومعلوم أن الجزائر كانت تشارك كل سنة في سباق مغاربي في تونس وبطولة العالم للعدو الريفي وقد تحصلت على بطولة العالم مرتين عند الذكور سنة 2006 بإيطاليا و2008 بتشيكيا ومن بين العناصر التي شاركت في هذه المنافسات نجد العداءة الوهرانية بركليت المتخرجة من الرياضة المدرسية الوهرانية بفضل التجربة الميدانية بالمدارس الإبتدائية بوهران التي أتت بثمارها بعد أن تمكنت مجموعة من المؤطرين من صقل مواهب التلاميذ بمدراس الطور الإبتدائي تحت إشراف الإتحادية حيث حققت نتائج إيجابية عند مشاركتها في المنافسات الرياضية فالرياضة المدرسية بوجه عام تقوم بدور مهم في رعاية الرياضة والإهتمام بالنشئ والتلاميذ عبر المراحل التعليمية وبما يكرس مفهوم الرعاية الرياضية والبدنية لأجل صنع أجيال رياضية ومن ناحية أخرى تقوم بدور تنموي مهم من خلال الإسهام في إمداد المنتخبات الوطنية المختلفة بكوادر رياضية فالإهتمام بالرياضة المدرسية في المراحل التعليمية المختلفة قد يكون مهما لإكتشاف المواهب الشابة في مختلف التخصصات ومن تم العمل على صقلها وتأهيلها بالشكل المطلوب منذ المراحل الإبتدائية لتصبح فيما بعد ركائز المنتخبات الوطنية فالمسؤولية ملقاة على أهل المسؤولية في القيام بمجهودات مضنية من أجل التشجيع على ممارسة الرياضة وتوفير البيئة المناسبة لتكريس هذا السلوك الرياضي لدى الأطفال فإدخال الثقافة الرياضية وممارستها بشكل يومي داخل المدارس وغرس حب الرياضة في نفوس النشئ يجعل التأثير فيهم وتشكيل توجهاتهم في سن مبكرة سهلا وممكنا. الجمهورية وكما عودت قراءها الكرام تفتح ملفا شائكا وحساسا حول واقع الرياضة المدرسية بوهران خاصة وبغرب البلاد على وجه العام ولماذا تم تهميشها ولفائدة من غيبت على الساحة الرياضية المحلية والوطنية ولماذا أصبحت أنديتنا تفضل الجري وراء النجوم وتتهرب من الإستنجاد بالمواهب الشابة المتواجدة بمختلف المؤسسات التربية إنها أسئلة حاولنا الإيجابة عنها من خلال هذا الملف الشائك فتابعوا.