الرئيس تبون يثني على جهود مصالح الأمن والدفاع بعد تحرير الرهينة الإسباني    عرقاب يشارك في الاجتماع الخاص بمشروع ممر الهيدروجين الجنوبي    رمضان القادم سيعرف وفرة في مختلف المنتجات الفلاحية    رخروخ يشرف على وضع حيز الخدمة لشطر بطول 14 كلم    انطلاق الطبعة 20 للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده    المشاركون في جلسات السينما يطالبون بإنشاء نظام تمويل مستدام    تحرير الرعية الاسباني المختطف: رئيس الجمهورية يقدم تشكراته للمصالح الأمنية وإطارات وزارة الدفاع الوطني    الفريق أول شنقريحة يستقبل رئيس قوات الدفاع الشعبية الأوغندية    إشادة واسعة بدور رئيس الجمهورية في قيادة جهود مكافحة الإرهاب في إفريقيا    مجلس الأمة : فوج العمل المكلف بالنظر في مشروعي قانوني الأحزاب السياسية والجمعيات ينهي أشغاله    تحويل ريش الدجاج إلى أسمدة عضوية    الجزائر ستكون مركزا إقليميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر    استيراد 63 طنا من اللحوم الحمراء تحسّبا لرمضان    "فتح 476 منصب توظيف في قطاع البريد ودعم التحول الرقمي عبر مراكز المهارات"    61 ألفا ما بين شهيد ومفقود خلال 470 يوم    وزيرة الدولة الفلسطينية تشكر الجزائر نظير جهودها من أجل نصرة القضية    غوتيريش يشكر الجزائر    وحشية الصهاينة.. من غزّة إلى الضفّة    استفزازات متبادلة وفينيسيوس يدخل على الخط    حاج موسى: أحلم باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز    لباح أو بصول لخلافة بن سنوسي    هذا موعد قرعة كأس إفريقيا    إصدار 20500 بطاقة تعريف بيومترية و60 ألف عقد زواج    برنامج خاص لمحو آثار العشرية السوداء    9900 عملية إصلاح للتسرّبات بشبكة المياه    44 سنة منذ تحرير الرهائن الأمريكيين في طهران    لا ننوي وقف الدروس الخصوصية وسنخفّف الحجم الساعي    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    مزيان في إيسواتيني    تاريخ العلوم مسارٌ من التفكير وطرح الأسئلة    السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة    "كاماتشو".. ضعيف البنية كبير الهامة    حدائق عمومية "ممنوع" عن العائلة دخولُها    "زيغومار".. "فوسطا".."كلاكو" حلويات من الزمن الجميل    نص القانون المتعلق بحماية ذوي الاحتياجات الخاصة يعزز آليات التكفل بهذه الفئة    تألّق عناصر مديرية الإدارة والمصالح المشتركة لوزارة الدفاع    من 18 إلى 20 فيفري المقبل.. المسابقة الوطنية سيفاكس للقوال والحكواتي    لتفعيل وتوسيع النشاط الثقافي بولاية المدية..قاعة السينما الفنان المرحوم شريف قرطبي تدخل حيز الخدمة    الغاز: بعد استهلاك عالمي قياسي في 2024, الطلب سيستمر في الارتفاع عام 2025    وفد برلماني يتفقد معالم ثقافية وسياحية بتيميمون    دراجات/ طواف موريتانيا: المنتخب الجزائري يشارك في طبعة 2025        كأس الجزائر لكرة القدم سيدات : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    الأمم المتحدة: دخول أكثر من 900 شاحنة مساعدات إنسانية لغزة    شرفة يترأس لقاءا تنسيقيا مع أعضاء الفدرالية الوطنية لمربي الدواجن    شايب يلتقي المحافظة السامية للرقمنة    الاحتلال الصهيوني يشدد إجراءاته العسكرية في أريحا ورام الله والأغوار الشمالية    وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية في زيارة عمل وتفقد إلى ولايتي سطيف وجيجل    العدوان الصهيوني على غزة: انتشال جثامين 58 شهيدا من مدينة رفح جنوب القطاع    دومينيك دي فيلبان ينتقد بشدة الحكومة الفرنسية    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيت الترجمة
بين التأليف والترجمة
نشر في الجمهورية يوم 09 - 05 - 2016

هل الترجمة نوع من التأليف؟ ... إن الترجمة نوع من أنواع الكتابة، وهي بذلك تخضع لما تخضع له الكتابة من شروط و تقنيات، و إضافة إلى ذلك تحتاج عملية الترجمة إلى أدوات ،على المترجم امتلاكها، أساسها التمكن من ناصية اللغتين المنقول عنها والمنقول إليها ، و لا ترجمة دون هذه الأداة ، فتعريف الترجمةمنذ ظهورها إلى الوجود، يتمثل في الانتقال بالنص من لغة الأصل إلى لغة الهدف، وكل انتقال، مهما كان مستواه اللساني اللغوي أو الصوتي، يعتبر ترجمة، إضافة إلى عنصرين أساسيين يجب أن يتوفرا عند المترجم النموذجي، وهما ثقافتي وحضارتي اللغتين. من هنا أرى بأن أقسم الترجمة إلى:
الترجمة من أجل الإفهام: وتشترط فقط معرفة ولو بسيطة باللغتين المنقول عنها والمنقول إليها.وتستعمل في عملية تعليم اللغات الأجنبية على مستويات دنيا.
الترجمة من أجل التأسيس : وتشترط معرفة تامة بجميع ما يحيط بالنص الأصل من ثقافة وحضارة وموسوعة علمية وخلفيات مرجعية تخص مؤلف النص الأصل والنص نفسه. ومعرفة تامة بخصوصيات اللغة المنقول إليها من حضارة وثقافة وخلفيات مرجعية.والقسم الثاني هو الذي يعنينا هنا، إذ يمكن أن نخلص إلى أن الترجمة هي الانتقال من عالم واقع إلى عالم متصور، قد يصبح واقعا، وهذا حسب درجة امتلاك المترجم الفاعل لأدوات الترجمة، وحسب قدراته المعرفية للموضوع وللشكل، أو للحمولات المعرفية بتشعبها في العلاقات التي يمكن أن يؤسسها المترجم الفاعل بين الدال [Signifiant] والمدلول [Signifié] والتي هي علاقة اعتباطية عندما يتعلق الأمر [بالتسمية] أول مرة، أي قبل أن يستقر اللفظ على معنى ويصبح بذاك يحمل شحنة معنوية كاملة وتامة، وبالتالي فلن يغير من دلالته حسب السياق، فيصبح مصطلحا معجميا وليس مصطلحا قاموسيا.هذه التشابكات اللسانية التي فك إشكالاتها الدرس اللساني منذ [Ferdinand De Saussure]، إن لم نقل منذ عبدالقاهرالجرجاني وابن جني، وإلى الآن، هي التي تجعل من الترجمة فنا أصعب من التأليف نفسه، هذا الأخير الذي يعتمد أساسا على عنصر الحرية في إبداع النص والتعامل مع مضامين اللغة الواحدة للنص. فحينما نقول إن الترجمة تخضع لمنطق اللفظ وترجمته وتعريبه يكون المترجم هنا أمام نص جاف خال من جميع مقاييس الإبداع من خيال وعاطفة ومحسنات بديعية وبيان. فينتج نصا [علميا]، قد يكون مثلا اقتصاديا أو قانونيا أو ... وحينما يتخطى فعل الترجمة اللفظ [المصطلح] إلى التركيب، أي حينما يشتغل المترجم على مستوى أكبر من الوحدة الترجمية، ضمن عوالم فنية جمالية فيكون هنا أمام ترجمة أدبية أو ترجمة إبداع. إذ لا يمكن للآلة أن تحل فيه محل المترجم البشر. فمترجم النص الإبداعي في حاجة ماسة إلى معرفة عميقة باللغة التي يترجم عنها، في تراكيبها النحوية والصرفيةوفي خصوصياتها الثقافية والحضارية، وكذا بالنسبة إلى اللغة التي يترجم إليها، والتي غالبا ما تكون هي اللغة الأم، وهو في حاجة -كذلك- إلى خيال خصب وواسع يمكنه من تصور النتائج التي يستطيع أن يكونها ويستخلصها بذكاء من تلك اللغة، وهنا تكمن إبداعية المترجم. ولهذا اعتبر بعضهم الترجمة الأدبية إبداعا من الدرجة الثانية، يتم من خلالها ملء الفراغات البيضاء المتروكة للقارئ، على مستوياته المختلفة، وخاصة ناقل النص إلى القارئ الآخر في اللغة الأخرى والذي أعتبره شخصيا من القراء النموذجيين.نخلص إلى أن الترجمة ترجمات، وأن النص هو الذي يفرض نوع الترجمة، ونوع الأدوات التي يستعملها المترجم في فعله الترجمي، وأقصد هنا استعماله للقواميس والمعاجم المتخصصة. وأن ينظر هنا إلى تخصص التخصص، فلا يوجد مصطلح قانوني واحد، بل قد يتغيرمعنى هذا المصطلح نفسه مثلا بين النص القانوني المدني والنص القانوني الجنائي. فاختيار المصطلح المناسب هو أساس جودة الترجمة.أما من حيث ترجمة النص الإبداعي، فعلى المترجم أن يتخصص في جنس أدبي واحد و ألا يبعثر جهوده بين الأجناس كلها، فترجمة النص الروائي مثلا ليست هي ترجمة النص الشعري ولا هي ترجمة النص المسرحي.
ترجمة النص المسرحي : إن ترجمة النص المسرحي ورغم ما يبدو عليه من اقتراب من الجنس الروائي، إلا أننا ومن خلال قراءاتنا وبحوثنا في هذا الميدان توصلنا إلى أن الأمور تختلف جذريا، ففي ترجمة مثل هذا النوع من النصوص يلجأ المترجم إلى كتابة الحوار المسرحي، أو بالأحرى إلى نقله إلى اللغة الأخرى، ثم يقوم بقراءة ما ترجم بصوت عال حتى يصل إلى نوع من الإيقاع، وهو هنا يحاكي من خلال فعله الترجمي هذا ترجمة النص الشعري، هذا الإيقاع الذي سيساعد الممثل على القيام بدوره على الركح مقابل الجمهور المتلقي الثاني، وهو هنا، المترجم،يحاول تقمص شخصية صاحب النص الأصل الذي يسكنه المتلقي منذ بداية الإبداع وإلى نهايته.مما سبق يمكن أن نستنتج ببداهة تامة، أن المبدع يكتب لمتلق واحد، في حين مترجم النص المسرحي يكتب لمتلقيين اثنين هما القارئ الكتابي وهو الممثل والجمهور المتفرج. ومنه فإن المترجم -المقتبس- للنص المسرحي، يتوحد مع الشخصيات لدرجة أن نصه يصبح صورة من النص الأصلي، كتبت بلغة مختلفة، وهكذا يصبح نصه هذا تفسيرا جديدا لايبتعد عن النص الأصلي، ويحمل بصمات المترجم الخاصة والمميزة، بصمات إحساسه وموهبته الإبداعية.
وهكذا يمثل المترجم، النص الذي تخيله المؤلف بل يعتبر الممثل الوحيد للنص، في نظر من لايستطيع قراءة النص الأصلي. ومن يقرأ النص المترجم مضطر أن يصدق المترجم وما يقوله، أو بعبارة أدق، ما يكتبه ومع ذلك، يغفل الناشر أحيانا اسم المترجم على غلاف الكتاب المترجم. وعندما يكون النص جميلا ينسب هذا الجمال إلى المبدع، وعندما يسقط النص فنيا وجماليا ينسب هذا السقوط إلى المترجم، فيقال إنه إبداع جميل وإنها ترجمة سيئة. إن التمييز بين الترجمة البراغماتيةوالترجمة الأدبية يمكّننا أيضا من تحديد موقف المترجم من كل منهما، فمترجم النص البراغماتي لابد أن يكون موضوعيا، ولا ينبغي أن تظهر شخصيته في ترجمته، في حين يتسم موقف مترجم النص الأدبي بالذاتية وينبغي أن يترك بصماته الخاصة على النص، شأنه في ذلك شأن الفنان المبدع تماما. وعلى المترجم الأول أن يلتزم الدقة، وأن ينقل النص الذي يترجمه بأكبر قدر ممكن من الأمانة، مع مراعاة ترتيب عناصر الجملة بنفس الطريقة التي رتبت بها في النص الأصلي، حتى لو تنافى ذلك مع جمال الأسلوب ومنطق اللغة التي ترجم بها.
إن الدقة والأمانة شرطان أساسيان في ترجمة النصوص البراغماتية، يكفي أن نذكر الآثار التي قد تترتب على الترجمة الخاطئة لطريقة استعمال دواء ما، أو تشغيل جهاز كهربائي.على عكس ذلك، يتمتع مترجم النص الأدبي بقدر من الحرية أمام النص الذي يترجمه. وحتى إذا راعى الدقة في ترجمته، باستطاعته " التصرف " في النص بطريقة ما، وحذف شيء هنا، وإضافة شيء هناك، بل باستطاعته أيضا إعادة كتابة النص في صياغة جديدة، دون أن تترتب على موقفه هذا أية آثار سلبية.فما الذي يمكن أن يحدث لو أن كلمةFleure‎الفرنسية ترجمت بكلمة [زهرة] بدلا من كلمة [وردة] لا شيء طبعا.
للتواصل / البريد الإلكتروني / [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.