يُشهَد للمغرب العربي, بصفة عامة تصالحه مع اللغات لذلك فهو لا يملك مشكل مع الترجمة, حيث أثبت التاريخ احتكاك الشعوب المغاربية مع كل اللغات وحتى اللهجات, فلماذا يلجأ مبدعوها إلى البحث عن التحويلات اللغوية في دول المشرق وعلى رأسها بلاد الأرز, وبلدانهم تملك من العملات اللسانية ما يجعلها في غنى عن البحث خارج حدودها, وهي الإشكالية التي تطرح في الجزائر خاصة بوجود المعهد العالي للترجمة. حاولنا في هذا العدد من "الملحق الثقافي", نقل انشغالنا إلى بعض الفاعلين في الحقل الثقافي من مترجمين, ناشرين وكتاب لتسليط الضوء على زاوية هامة من زوايا التعامل مع الترجمة في الإبداع الأدبي التي تعتبر من أهم مؤشرات رفع بورصتي النشر والمقروئية في العالم بأسره, وإن اختلفت وجهات النظر في طرح قناعات كل متدخل فإنها لن تختلف في وصف الترجمة ضرورة من ضرورات حوار الثقافات... الطاوس.ب/حسان.م/ص: سماعين جيدارت مصطفى قلاب ذبيح "الترجمة الجزائرية أكثر أمانة ومصداقية"
تجربة دار الهدى, في مجال الترجمة تؤكد تعاملنا مع مترجمين جزائريين مئة بالمائة, على الرغم من أن الدار خاضت غمار ترجمة الأدب العالمي على غرار الإنجليزي والفرنسي, مع مكاتب للترجمة في مصر ولبنان, لكن ترجماتهم خاصة من الفرنسية إلى العربية الفصحى تبقى دائما ناقصة جدا, والسبب يعود إلى عدم التحكم في اللغة وغياب التمرس في هذا المجال, وعند الجزائريين الترجمة من اللغتين الفرنسية والإنجليزية إلى العربية ممتازة وتملك نوع من الأمانة والمسؤولية, لهذا تسعى دار الهدى, في مجال الترجمة إلى التعامل مع مختصين جزائريين وهذا متاح جدا لامتلاك الجزائر خبرات قيمة في كل المجالات الأدبية والعلمية, لذلك يرجع نقص تجربة الناشر الجزائري في مجال الترجمة بالدرجة الأولى إلى ارتفاع تكاليفها وليس افتقاد كفاءات. ودار الهدى, تُحضر مشاريع عدة في الترجمة وبخبرة جزائرية خالصة منها "موسوعة الطيور" التي هي في طور الترجمة لثلاث لغات بالإضافة إلى إصدارات أخرى في تخصصات العلوم الفيزيائية, الفلسفة وعلم الاجتماع, والحقيقة أنني استغرب لجوء بعض دور النشر أو المبدعين إلى الترجمة في مراكز عربية والجزائر تملك من الكفاءات ما يُغنيها عن البحث خارجا, وهو ما لا تفتقده دار الهدى بوصفها شريك في الفعل الإبداعي. أما عن غياب أقسام خاصة بالترجمة داخل دور النشر الجزائري, فراجع لصعوبة تجسيد ذلك من الجانب العملي, ولأن معظم دور النشر تتعامل مباشرة مع مختصين باستطاعتها تكليف وسطاء بمهمة البحث عن الكفاءات وفي نفس الوقت متابعة الأعمال المترجمة على مدار السنة. أما مسألة المصطلحات الجهوية أو المحلية في اللغة العربية المعتمدة بشكل خاص في الروايات, فلا أعتقد أنه مطروح ولا أوافق الأشقاء العرب في طرحهم هذا, لأن الترجمة تعتمد على المصطلحات المتفق عليها في مجمع اللغة العربية, كما أن الإدعاءات القائلة بأن الترجمة في الجزائر, أقل قيمة مما هي عليه في لبنان خاطئة, والهدى تؤكد عكس ذلك وتملك أدلة تتمثل في كتب ترجمت في لبنان من العربية إلى الفرنسية, مليئة بالأخطاء وهي حاضرة في جناح دار الهدى بالصالون الدولي للكتاب لمن يريد التأكد. مدير عام دار "الهدى" قاسم بركات "اللجوء إلى الترجمة في لبنان لا علاقة له بالتكاليف" أعتقد أن لجوء عديد الدول العربية إلى الترجمة في لبنان, يعود لتواجد مركز محترف في الترجمة بلغات مختلفة, وهذا يشجع الكثير من المبدعين ودور النشر على اختيار ترجمة أعمالهم في لبنان, بالإضافة إلى نوعية الترجمة التي تعتبر عالية سواء تعلق الأمر بالأسلوب الصحيح أو الصياغة الجيدة, مما يعطي دفعا قويا لهذا المركز ويمنحه تطورا كل سنة, ورغم أن هناك الكثير ممن يطعن في نوعية الترجمة التي تأتي إلى الدول المغاربية من لبنان بما فيها الجزائر, وعلى وجه الخصوص ما تعلق باللغة الفرنسية, لكننا في لبنان نعاني من بعض المصطلحات الجهوية أو الشعبية العامة إن صح التعبير التي تأتينا من المغرب العربي, مما يضطرنا إلى تصحيح هذه اللهجات الاجتهاد في إيجاد بدائل لهذه الكلمات في اللغة العربية الفصحى. وأضيف أننا في لبنان على اطلاع تام بالترجمة في الجزائر, كما أننا مشاركون في هذا الفعل الإبداعي, حيث ترجمت الكثير من الأعمال الجزائرية لمبدعين جزائريين مهمين في لبنان على غرار رشيد بوجدرة وياسمينة خضرا, وهي ترجمات لا غبار عليها ولم يعب عليها شيء وحققت رواجا مهما وعرضنا هذه الترجمات على العديد من المختصين. نحن كمؤسسة "الفرابي", لدينا قسم خاص بالترجمة يهتم بحوالي 60 لغة, وهو قسم متعاقد مع أساتذة مختصين تُجرى لهم امتحانات رسمية في التخصص, وقد تعاملنا مع بعض دور النشر الجزائرية منها المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار, ساديا وغيرها من المؤسسات الفاعلة في حقل النشر الجزائري, لكننا لا ننكر بالمقابل امتلاك الجزائر لكفاءات هامة في مجال الترجمة جدير بالجزائر الافتخار بها, خاصة فيما يتعلق باللغة الفرنسية على الأقل التي يتقنها المترجمون الجزائريون بشكل أفضل, لكن ما يعاب عليها أحيانا هو بعض الضعف في الصياغة باللغة العربية وهذا ما نسعى إلى تطويره مع الأشقاء الجزائريين. ويجب الإشارة إلى أن الترجمة تختلف بين الكتاب الأدبي والمواد العلمية فهذه الأخيرة أكثر تكلفة كون المصطلحات التقنية والأكاديمية أصعب وهذا يلعب دورا في تحديد الأسعار, أما مجال الرواية فأقل تكلفة, بالإضافة إلى أن الترجمة متعبة والصياغة في هذا المجال تتطلب الأمانة والدقة أثناء النقل من اللغة الأم إلى اللغة الثانية, وأنا شخصيا لا أتفق مع من يربطون اللجوء إلى الترجمة في لبنان بانخفاض التكلفة, فنحن نترجم في لبنان كما نترجم في الجزائر ولا وجود لأي اختلاف في التكلفة. مسؤول دار "الفرابي" اللبنانية اسماعيل امحند "لا أحد يمكنه التشكيك في الترجمة الجزائرية" أعتقد أن اختيار الترجمة في دول المشرق العربي خاصة لبنان, راجع لانخفاض تكاليفها ورغم أن دار "الحبر" لا تملك أي تجربة في مجال الترجمة, لكن معلوماتي الشخصية تؤكد انخفاض أسعار الترجمة في لبنان مقارنة بالجزائر, خاصة وأن الترجمة تتطلب مصاريف أكثر مقارنة بالطبع, فالكتاب في الجزائر يطبع بحوالي ألف نسخة ويترجم في كل الحالات تقريبا ما بين 1000 و1500دج للصفحة الواحدة, فإذا ما أضفنا مصاريف الطبع يصبح الكتاب الذي يباع ب 400 دج مع تكلفة الترجمة قد يصل إلى 1000 دج, وهذا لا يخدم مبيعات الكتاب في الجزائر, أما في لبنان فالكتاب أقل ما يطبع بحوالي 5 ألاف نسخة ومع انخفاض تكاليف الترجمة تحدث موازنة نوعية في أسعار الإصدارات. والجزائر, تملك مترجمين في المستوى لا غبار على إسهاماتهم وأنا شخصيا يمكنني الطعن في بعض الترجمات التي تأتي من لبنان ولا أشكك في الترجمة الجزائرية, خاصة ما تعلق باللغة الفرنسية حيث تملك الجزائر, تونس والمغرب أحسن المترجمين من اللغة العربية إلى الفرنسية أو العكس وتتفوق في هذا المجال على المشارقة. أما ما تعلق بغياب أقسام خاصة بالترجمة في دور النشر, فهذا راجع إلى التكاليف وأنا كمسؤول أتحدى كل دار نشر تدّعي امتلاكها لجان قراءة مستقلة في كل الميادين, لأن دور النشر الجزائرية كلها دور عامة وغير متخصصة, لذلك لا يمكنها وضع لجنة قراءة مستقلة في كل تخصص, وأضعف الإيمان أن تتفق دور النشر في هذا المجال مع أساتذة جامعيين في كل التخصصات, مع الإشارة إلى أن نفس الأشخاص تقريبا تتعامل معهم دور النشر الجزائرية, أما ما تعلق بدور المعهد العالي للترجمة فأنا كفاعل في الميدان لا أملك معلومات كثيرة عنه ولم يحصل لنا شرف التعامل مع هذا المعهد المتخصص, لكن المشكل الذي يطرح هو أن دور النشر تجهل المكلفين بترجمة أعمالها على مستوى المعهد, لذلك تلجأ أغلبية دور النشر المحترمة في الجزائر إلى التعامل مباشرة مع مترجمين معروفين. مسؤول منشورات "الحبر" سعيد بوطاجين "دور النشر العربية تستعين بمترجمين جزائريين" بطبيعة الحال طبعا، يمكن أن يكون السؤال متشعبا في هذا المجال، باعتبار وجود اهتمامات بالترجمة على مستوى وزارة الثقافة وكذا الجهد المبذول التي تقوم به هيئتها، بالإضافة إلى ما تقوم به بعض دور النشر الجزائرية والمترجمين في الموضوع ذاته، لذلك في اعتقادي ليس بالضرورة حصر الترجمة على مستوى المعهد العالي للترجمة رغم الفجوات التي تحدث، وهذا حسب رأيي شيء طبيعي وخلافا لهذا فالترجمة إلى اللغة العربية موجودة بكثرة في الجزائر باعتبار عدد المترجمين الجزائريين المتواجدين بمختلف المعاهد العربية، بينما الهفوات التي تحدث اعتبرها مجرد دعاية فأنا قرأت عن هذه الإشكالية، فالعكس تماما ينفي حدوثها لأن دور النشر تستعين بمترجمين جزائريين وهو ما يلاحظ في بلدان عربية مختلفة، وكمثال بسيط أنا واحد منهم لأنني أترجم في الإمارات العربية وترجمت في دول عربية، عدة وهذه الميزة التي تبرز كفاءة المترجم الجزائري عن غيره من المشارقة أو الخليجيين. روائي، كاتب ومترجم ربيعة جلطي "الترجمة في الجزائر تمشي بعكازين" صراحة، أعتقد أن الترجمة في بلادنا ما تزال تمشي بعكازين، وليس هناك أي مجهود حقيقي ليس في الأدب فقط بل في باقي النتاجات العلمية والفكرية التي تنتج في العالم، لأن دول العالم المتقدم تجدها في سباق حقيقي نحو أي كتاب يصدر بغية ترجمته سواء في الأدب أو في العلوم الإنسانية أو العلوم الأخرى، وبالتالي ترجمة الكتاب في الخارج تنطلق من اعتباره سلعة والسلعة ترافقها الدعاية والترويج، لذا فالعمل الذي يصدر إلى العالم يتوقف على نشاط آخر يأتي من بعده وهو عمل المترجمين، فالمفروض في صالون مثل هذا كغيره من صالونات الكتاب التي تقام في باقي الدول وجود متربصين بالكتاب حتى تتم ترجمته، لاسيما الأعمال التي لها صدى من حيث البيع أو النقد، أما في الجزائر فيحدث تماما العكس، حيث يعمل الكاتب على كتابة عمله وفقط دون مراعاة عامل الترجمة الذي يزيد من قيمته. كما ليس هناك عملية منظمة بالنظر إلى الأعمال الأدبية الجزائرية، تترجم خارج حدود الوطن، فعلى سبيل المثال اتصل بي مترجم من ألمانيا وهو فلسطيني يقيم بهذا البلد، يهتم بالأعمال الأدبية التي تنتج في الوطن العربي، من أجل ترجمة "نادي الصنوبر" بسبب النقد الواسع الذي لاقته، وهو دليل كافي لذلك على أنّ الطريقة التي يصل بها الكتاب الجزائري إلى العالم ليست منظمة ولا تحمل أي اهتمام أو رغبة في الأساس وبالتالي هي نتيجة اليوم التي لم تمنح للترجمة من البروز على المستوى العالمي. شاعرة وروائية أحمد باكلي "الترجمة تحتاج إلى متابعة، تقييم وتعديل" بداية، يعد المعهد العالي للترجمة مكسب عظيم للجزائر ولطلبتنا وكذلك للغة العربية، بينما يبقى السؤال المطروح ماذا نفعل؟ ولأي غرض سنوظفه؟، إلا أن ما حققته الترجمة في الجزائر بغض النظر عن النقائص السلبية هناك بعض الأشياء الإيجابية، وعدم اطمئناننا يتمحور حول ما ينشر يجب أن يقرأ وهذا هو الغائب، حيث يحتاج إلى متابعة، تقييم وتعديل من أجل تحقيق قفزة نوعية وجادة في آن واحد. لكن من الصعب جدا على أي مترجم أو كاتب أن يتحدث عن كاتب آخر، لأنه يتعلق بسمة الرواية إذا كانت عالمية أو إقليمية أي لها صدى واسع في أرجاء العالم، وإذا كانت جزائرية ولم تخرج من أرض الوطن ففي هذا الصدد يستلزم من المترجم استغلال الفرصة وإعطائها بعد عالمي ودولي، وبالتالي لا مانع من ترجمتها شريطة توفر الأهلية، الكفاءة والاحترافية سواء من دور نشر أو من مترجمين، مع تحمل كامل للمسؤولية. مترجم أمين الزاوي "الترجمة في الجزائر لا تزال متعثرة" أعتقد بأن الترجمة في الجزائر، لا تزال متعثرة لأنها لم تحقق ما تصبو إليه منذ سنوات كثيرة، أين تحاول فيها الوزارة ذلك عن طريق المعهد العالي للترجمة، وكذلك بالإضافة إلى جهود بعض المترجمين الجزائريين الذين يحاولون إعادتها إلى الواجهة بعد سيطرة الترجمة الأجنبية عليها، ومن هؤلاء محمد ساري، سعيد بوطاجين وجيلالي خلاص، الذين ترجموا مختلف الأعمال الأدبية الأجنبية، فهؤلاء رغم محاولاتهم العديدة في هذا الباب إلا أن جهودهم باءت بفشل نسبي. وهو مالم يسمح للترجمة من تحقيق مكانتها على مستوى الأدب الجزائري، وفي السياق يترجم الأدب الجزائري خارج الحدود باعتبار أن من يترجم يعرف بأن أعمالنا مطلوبة في القراءة، مثلا ر"وايات ياسمينة خضرا" المطلوبة في العالم العربي، فهي تترجم بشكل جيد روايات مليكة مقدم، روايات بوعلام صنصال، بالإضافة إلى رواياتي التي تترجم في بيروت والقاهرة ودمشق، لذلك أعتبر بأن الوضع يشترك فيه الناشر والقارئ لأن الناشر يعرف القارئ الذي يطلب أسماء معروفة والتي تقرأ على المستوى العالمي، وبالتالي علينا أن ننتبه إلى هذه الأسماء التي تكتب بلغة أخرى، غير أنني حزين جدا على أعمال الروائي بوعلام صنصال على غرار قسم البرابرة المترجمة إلى اللغة العربية، وأنوه في هذا الصدد، أنّه على القارئ الجزائري معرفة هذا الكاتب، لأنه كثيرا من المرات نأخذ أحكام مسبقة وخاطئة على كاتب لم نعرفه بشكل واضح وعن قرب أيضا. كاتب وروائي فضيلة مرابط "الترجمة ترتبط بحرية التعبير في الجزائر" بغض النظر عن المعهد العالي للترجمة ودوره في هذا المجال، ترقيته وتطويره، أربط هذه القضية بحرية التعبير في الجزائر وانطلاقا من كتاباتي التي أنتجتها، حيث فضلت التعامل مع دور نشر من الخارج وبالتحديد في فرنسا، أين لا تعمل على قص ما تضمه أعمالي، وأوضح أنها المرة الأولى لي التي أنشر في الجزائر عملي الموسوم ب "قاعة الانتظار"، خلافا لما كان في السابق، وحدث أن اضطرت الناشرة الجزائرية التي تعاملت معها بدفع الأموال إلى ناشر فرنسي، بينما في هذا السنة وبمناسبة خمسينية الاستقلال أوجه رسالة إلى المسؤولين بضرورة رد الاعتبار لدور النشر الجزائرية، لأنّه في نظري لا يعد حالة عادية بأن يفرض على كاتب جزائري شراء حقوقه من ناشر فرنسي، وبالتالي كنت أنشر في فرنسا بالنظر إلى حرية التعبير الموجودة والتي تمنحني كل الصلاحيات، فيما أكتب أو أريد قوله ولا تتعرض أعمالي إلى عملية القص أو ما شابه ذلك، وهذه الحرية لم أجدها في الجزائر ولا اعلم لماذا؟. وبالتالي يترجم الأدب الجزائري، خارج حدود الوطن الأم بالنظر إلى هذه المعطيات المتعلقة بحرية التعبير وعمل دور النشر في الجزائر. كاتبة وروائية أحمد بوحبيب "هناك نقص فادح في ترجمة الأعمال العلمية" الترجمة، حاليا، هي علاقة خاصة بين صاحب دار نشر يشتري حقوق التأليف وبين مترجم وليس هناك أي قانون يمنع، مثلا دار الحكمة أو دار القصبة أو دور نشر أخرى من أن تتعاقد مع مترجم سوري أو دانماركي أو عراقي بهدف ترجمة عمل أو رواية ما، لأنه لا يوجد عمل ممنهج تشرف عليه الوزارة في إطار منهجي ووفق رؤية واضحة تحت نترجم ماذا، من ومتى؟، لذلك أعتقد بأنه الإشكال القائم لحد الآن، لكن تبقى الترجمة قضية رغبات ومشاريع فردية تتعلق بالأعمال المراد ترجمتها من طرف دور نشر مختلفة، وهو نوع من التكالب على بعضها نظرا لشهرتها أو ميزتها أو لأسعار حققوها المناسبة. أمّا ما حققته الترجمة في الجزائر، فهناك شقين أولهما ما يتعلق بالترجمة الأدبية وعلى الرغم من النقائص الموجودة إلاّ أن الأمور تسير على ما يرام وبنسبة معينة في هذا الجانب، فأدبنا يترجم إلى اللغة الفرنسية ولغات أخرى كما تترجم آداب أخرى إلى لغتنا العربية، غير أن الثغرة الكبيرة والفجوة الشاسعة تكمن في الترجمة العلمية، ومعظم ما ينجز منه اليوم في حركة الإبداع في الغرب، ونحن لا نترجم الميادين العلمية سواء في الطب أو الفيزياء أو الكيمياء وغيرها، كما أننا متأخرون جدا في هذا المجال، لأن مثل هذه العمال العلمية لا تتخلص في الجهد الفردي بل يشترك في صناعتها الكل، وبالتالي المعهد العالي للترجمة أو حتى كليات الترجمة المنتشر في عدة جامعات جزائرية لا يمكن أن تسدّ هذه الثغرة، لافتقادها الخبرة والممارسة الدائمة. مترجم إنعام بيوض "بقاء ترجمة الأدب خارج الوطن مسألة حسابات تجارية" لا نستطيع أن نتكلّم عن معهد صغير ونقول ماذا حققت الترجمة في الجزائر من خلاله، لأن المعهد في نشأته وهذا تقليلا فيما حققه المعهد من إنجازات مميزة، لأنه كان شريكا في مختلف التظاهرات التي احتضنتها الجزائر، وترجم ما يقارب 120 كتاب كما ترجم كتب أخرى متعددة، ناهيك عن دفعات الطلبة التي تخرجت منه إلى غاية السنة الجارية، لذلك هو يقوم بأشياء لكن يمكن أن تكون أعمال كبيرة لو اتيحت له الإمكانيات بشكل أفضل. وفي خصوص بقاء الأدب الجزائري يترجم خارج الوطن، أعتقد بأنها مسالة حسابات تجارية لأنه من السهل أن تترجم في لبنان، لأن نتيجة العمل تكون أرخص بكثير، لذلك أقر بالحسابات الموجودة على الجانب التجاري للعمل بين دور النشر، المترجم والمؤلف، ناهيك عن الأخطاء الشائعة التي تحدث في ترجمة الانتاجات الأدبية. مديرة المعهد العالي للترجمة، شاعرة وروائية