بن بريكة يحاضر حول الأمير عبد القادر وشيخ الزاوية يكرم وجوها بارزة اختتمت سهرة أول أمس، بالزاوية البلقايدية الهبرية بسيدي معروف وهران، فعاليات الملتقى ال11 لسلسلة الدروس المحمدية، بعدة توصيات هامة بعد أسبوعين من العلم، والفكر والمحاضرات الدينية القيمة. ومن بين التوصيات التي خرجت بها هذه الطبعة التي حملت عنوان "صلاح الأمة في اتباع رسول الرحمة"، المحافظة على المرجعية الدينية للأمة، التمسك بالسيرة النبوية الشريفة العطرة كأحد مقومات هذه المرجعية، سعي علماء ومشايخ الأمة إلى نبذ أشكال العنف، التطرف والغلو في الدين، والعمل على إبراز الأحكام الصحيحة لشريعتنا الإسلامية الغراء، كالسماحة، السلم والمحبة بين الناس، وجاء في التوصيات كذلك ضرورة العمل على شرح الصورة الحقيقية والصحيحة لديننا الحنيف لغير المسلمين وإظهار مظاهر الرحمة فيه ومحاربة كل أشكال الحقد والكراهية وتشجيع الحوار وأدب الاختلاف الحميد. وقبل ذلك نشط الدكتور محمد بن بريكة محاضرة بعنوان "سيدنا الأمير عبد القادر الجزائري" أكد فيها أن مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة كان شخصية عالمية بحنكته السياسية، ومكانته العلمية ومعالمه الدينية الصوفية النورانية، متحدثا عن نسبه ورباطة جأشه في مقارعة الاستدمار الفرنسي بالرغم من صغر سنه، حتى استطاع توحيد الكثير من القبائل على المستوى الوطني، لإعلاء راية الحق في وجه الغازي المستعمر حتى استمر جهاده 17 سنة دون انقطاع، وأكد محمد بن بريكة الخبير العالمي في التصوف والحاصل على عدة جوائز وطنية ودولية في الحوار بين الأديان، أن الأمير عبد القادر كان بالفعل ظاهرة تستحق الكثير من الاجتهادات والمحاضرات والبحوث، فهو ذلك الرجل الذي عرف عنه تسامحه مع الآخرين، وقدرته الفائقة على حل المشاكل وإطفاء لهيب الفتن، تماما مثلما حصل مع الإخوة المسحيين في الشام عام 1860، ومناظرة القساوسة والرأفة والعفو عن الأسرى والمساجين، مؤكدا أن بيعة الأمير كانت علامة سياسية فارقة في بناء الدولة الجزائرية الحديثة، حتى أنه لم سك دراهمه سماها "المحمدية" تكريما وتقديرا لصاحبها عليه أزكى الصلاة والتسليم، وأضاف الأستاذ المحاضر أن عبد القادر الجزائري، لما كان في سجنه ب"أمبواز" الفرنسي جلس يدرس ويحاضر ويذكر الله تعالى، حتى كانت رحلته ومسيرته النضالية والكفاحية والدينية، كلها جهاد، نضال وورع خدمة للإسلام وللإنسانية جمعاء، مؤكدا أنه كان يعيش عيشة البسطاء، ويعطي الإخوة في الشام الجفان الكبير من الكسكس الجزائري، ما جعل الكثير من الحكام والسلاطين والكتاب يثنون عليه وعلى أخلاقه العالية السامقة، ليختم درسه بالتأكيد على أن عبد القادر، كان بالفعل قامة سياسية، مدنية وصوفية فارقة وأن الكثير من الإنجازات الحالية للدولة الجزائرية، راجعة إلى هذا الرصيد الذي استطاع بناءه، تحضيره وإعداده الأمير للأجيال التي خلفته فيما بعد. ومن جانب آخر واعترافا منها بالجهود الجبارة التي ما فتئ يقوم بها العديد من الوجوه العلمية والنورانية في مختلف طبعات سلسلة الدروس المحمدية، قام شيخ الزاوية البلقايدية عبد اللطيف بلقايد وبحضور والي ولاية وهران بتكريم الدكتور محمد بن بريكة والأستاذ والناطق الرسمي باسم الزاوية أحمد معزوز، تشجيعا لهم على مواصلة جهودهم الكبيرة خدمة للتصوف ونشر الإسلام المحمدي الصحيح. تجدر الإشارة إلى أن الدكتور محمد بن بريكة أصدر أربعة كتب جديدة تم توزيعها على هامش اختتام الملتقى ال11 لسلسلة الدروس المحمدية نذكر منها "الاتحاف بمنازل الأشراف"، "تراث محيي الدين بن عربي"، "عبد الغني النابلسي" و"جمهرة الأعمال الصوفية".