العلاقات التي تجمعنا "تاريخية خالصة" وهي " أصيلة متأصلة    الجزائر، بهذا المجال، ثمنت "عاليا" العنصر البشري وقيم الابتكار    تأكيد استعداد الجزائر لتكثيف جهودها لدعم الدول الإفريقية    قطاعه "يولي أهمية بالغة للرقمنة، والتسيير الإلكتروني"    الدفع الالكتروني ضمن طرق الدفع المقترحة لشراء الاضاحي    أمن ولاية الجزائر: حجز أكثر من 75 مليون سنتيم مزورة    حجز ما يقارب 3800 كبسولة من المؤثرات العقلية    افتتاح "قمة إفريقيا لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات 2025"    أنقرة تدعّم المقاربة الجزائرية لتسوية الأزمات الإقليمية    ملف الذاكرة قضية أمة.. وليس ريعا استعماريا    نتيجة مخيبة ل"السي يا سي"    التجسيد الفوري لتوجيهات الرئيس يسرّع الاستثمارات    دور ريادي للجزائر في مكافحة الإرهاب    وضعية مقلقة لمنصف بكرار في البطولة الأمريكية    عودة الرحلات التجارية ل"تليفيريك" قسنطينة    54 مشروعا جديدا لتوصيل الألياف البصرية إلى المنازل    الرابطة تنظم إلى "الفاف".. تحذر الأندية وتتوعد بعقوبات شديدة    وزير الخارجية التركي: الجزائر إحدى ضمانات الاستقرار في المنطقة    الجزائر تمنح الإبداع حضورا مميزا    نوتات عابرة للحدود.. من طوكيو إلى القاهرة مرورًا بسيول    صناعة الألواح الشمسية: مجمع "لونجي" الصيني يبدي اهتمامه بالاستثمار في الجزائر    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    وفد برلماني يزور فيتنام لتعزيز التعاون بين البلدين    أجال اقتناء قسيمة السيارات تنتهي نهاية أفريل    تمكين زبائن "بريد الجزائر" من كشف مفصّل للحساب    مواعيد جديدة لفتح أبواب جامع الجزائر    جيش الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين.. استشهاد 10 فلسطينيين جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة    المغرب: تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين بالدار البيضاء و طنجة رفضا لاستقبال سفن محملة بأسلحة إبادة الفلسطينيين    اليمن يُهاجم هدفين إسرائيليين في الأراضي المحتلة..استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" والقطع التابعة لها    "براغ تلتقي بالجزائر .. رحلة سينمائية وإبداعية" : لقاء سينمائي دولي لتعزيز التبادل الثقافي وتطوير الكفاءات    الصين : بكين تعارض إبرام دول أخرى صفقات مع واشنطن على حسابها    كرة القدم/الرابطة الأولى موبيليس: الكشف عن التشكيلة المثالية للجولة    ورقلة..برنامج هام لتدعيم شبكات توزيع الكهرباء في الصيف المقبل    أبواب مفتوحة بتيزي وزو:"الخدمة الوطنية مدرسة لصناعة الرجال وتعزّز الشعور بالإنتماء للوطن"    بوغالي يعزي في وفاة عضو مجلس الأمة البروفيسور وليد العقون    كرة القدم / الرابطة الأولى موبيليس - الجولة ال24 : تأجيل لقاء شبيبة الساورة - اتحاد الجزائر إلى يوم السبت 26 أبريل    وفاة الفنانة بادي لالة عميدة فن التيندي    وزارة التربية تعكف على وضع استراتيجية لتحسين ظروف الدراسة في المؤسسات التعليمية    الشباك الوحيد وهيئتا التصدير والاستيراد: اضفاء شفافية أكبر على الاستثمارات وتعزيز مكانة الجزائر الاقتصادية دوليا    مكافحة المعلومات المضللة : الاتحاد الإفريقي يجدد اشادته بدور الجزائر الريادي في مكافحة الإرهاب    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    سِباق مثير بين المولودية وبلوزداد    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51240 شهيدا و116931 جريحا    مؤتمراتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب: التأكيد على مواصلة النضال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الصحراوي    العنف يُخيّم على الكرة الجزائرية مجدّداً    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    توثيق جديد للفهد "أماياس" بشمال الحظيرة الثقافية للأهقار    انطلاق تظاهرة شهر التراث    توعية النواب حول مخاطر اختراق الهواتف النقّالة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    صادي يجتمع بالحكام    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مذهب الإمام مالك محاط بسياج عظيم وأدلة قوية"
الشيخ مصطفى بن علال أستاذ الفقه بمكة المكرمة ل "الجمهورية":
نشر في الجمهورية يوم 27 - 12 - 2010

الأستاذ العلامة مصطفى بن علال من بني صاف إلى مكة المكرمة رحلة علم وتأليف وتدريس إمتدت إلى أكثر من عقدين من الزمن، الشيخ الفاضل لا يزال يدرس بثانوية الصّولتية بمكة المكرمة الفقه وأصوله وتاريخ الأدب، إلتقت به الجمهورية وانتهزت فرصة تواجده بالجزائر لزيارة أهله وأصدقائه لتجري معه حوارا حول المذهب المالكي الذي يدعو إلى التمسك به بإعتباره مذهب البدو محاط بسياج علمي عظيم وأدلة قوية وحول تيار السلفية وعن مؤفاته ومشاريعه وأشياء أخرى علما وأن الجريدة كانت قد حاورته في أول لقاء حصل في 2007 حول عديد المسائل.
شيخنا وهو يتحدث إليك يشدد إليه بطلاقة لسانه وغزارة علمه النّافع.
الجمهورية: نستهل الحوار بما إنتهينا إليه في أول جلسة معكم في صائفة 2007 بالإستفسار عن الجديد بخصوص مؤلفاتكم؟
- م. بن علال : سبق أن ألّفت كتابا يتضمن المصادر ال 17 للإمام مالك وهو الأصل في الفصل أتبعته بكتاب ثان أطلقت عليه »إنارة السّدد في بيان سورة الغرف«
الكتاب الأول هو جار على كتاب الجواهر الثمينة في مذهب أهل المدينة للشيخ حسن نشاط رحمه الله خاتم المحقين المفتين في المذهب المالكي في الحجار، جار على نظمه وعلى ترتيبه ولكن بإختصار مع تبسيط في العبارات وقد تناولت فيه الأصول والمصادر التي بنى عليها الإمام مالك مذهبه إذ يؤكد من خلالها على أن الأدلة العلمية ثلاثة: أصل ومعقول أصل واستصحاب حال، فالأصل هو الكتاب والسّنة والإجماع ومعقول الأصل يدخل فيه معنى الخطاب الذي هو القياس ولحن الخطاب وفحوى الخطاب، واستصحاب الحال يدرج فيه براءة الذّمة والإنتقال عنها إلى وارد شرعي والمقارنة بين ذلك، بين الدليل العقلي والنقل الشرعي أي الدليل الشرعي الذي تدخل تحت خضمّه فروع كثيرة منها الاستحسان والاستصلاح ومراعاة المصالح والأعراف.
هذه كلها تناولتها شرحا وتقريرا في كتابي هذا ثم ألحقت به ما يعوز فيه الناس الذين عدموا هذه المادة من الفوضى والحيرة لفقهيه فيخبطون يمنة ويسرة ثم ذكرت أدواءهم ومايقابلها من دواء
أما الكتاب الثاني :»إنارة السّدد في بيان سورة الغرف« وسورة الزمر هي سورة الغرف تناولتها آية أية وذكرت خصائص التركيب فيها من علم البيان وعلم المعاني وحتى علم البديع وفي ألقاب البلاغة الثلاثة أشرت إلى ما يتعلق بهذه السّور من فروع هذا العلم كالتشبيه وكتابة السورة واستعارتها والمحسّنات اللفظية ذكرتها كلها، هذا الكتاب يربوعن 250 صفحة ثم هناك كتاب آخر أطلقت عليه »أصول ملحق« ، يقع في 25 صفحة، تطرقت فيه إلى ذكر ذوي تيار »السّلفية« المصابين بالطّفح النفسي كما يقول الأدباء حيث لا يرون إلا أنفسهم في المرآة وهي آفة نفسية وقد تؤول إلى آفة اجتماعية والسبب في ذلك أن عنصر التربية والتقويم لم يسعفهم ولم يواكبهم في مراحل أعمارهم المختلفة، زد على ذلك أنهم وهم صغار لم يتلقّوا التربية المستفيضة على مشايخ العلم والتربية.
الجمهورية : وهل ننتظر منكم إصدار كتاب جديد في المستقبل القريب؟
- م. بن علال :أجل، سأذكر خواطري خاصة في باب السلوك والتصوف ضمن كتاب سأسميه على نهج القدماء إنها خواطر رحمانية.
الجمهورية: إلى أين وصلت فكرة إنشاء مشروع ديني بالجزائر كنتم قد حدثتمونا بشأنه في أول لقاء معكم؟
- م. بن علال : ما عندي مشروع في الجزائر إلا تأليف الكتب وتحقيق التراث لمالكي خاصة والعمل على بعث ما أصاب الكتب من موات في احداثها وفي رفوف المكتبات واحياؤها من جديد الأمر الذي يسهم في بعث المذهب المالكي وإحيائه وبالتالي إبعاد الآراء الهدامة على البلد وجعل الناس يستقرون فكريا وثقافيا وكذا أمنيا هذا هو الشقّ الأول من المشروع.
أما الشّق الثاني فلا بد من إنشاء مدرسة دينية قائمة بذاتها لكون أن مفعول المحاضرات في المساجد وهنا وهناك ضئيل ولا يحقق الغاية المرجوة ذلك أن المدرسة المنضوية تحت هيئة شرعية والمرخص بها من قبل السلطات يكون دورها أبعد نظرا وأثرا وأعمّ نفعا وأكثر إشعاعا.
ولو حباني الله بالإشراف عليها أنتقي لها أساتذة أكفاء إن شاء الله وأختار منهجا يواكب طبيعة البلد.
الجمهورية: وهل ثمة مساعي لتجسيد هذا المشروع الهام على أرض الواقع؟
- م. بن علال: إ قترحت الفكرة على أحد الأناس الميسورين المخلصين لدينهم ووطنهم والمتحمسين لمثل هذا العمل ووعدني بأن يتكفل هو شخصيا بإنجاز مدرسة من هذا النوع بكل مرافقها علاوة على تسديد مرتبات الأساتذة وأمنيتي أن يعينني الله عز وجل في انشاء هذه المؤسسة لتكون مرجعية دينية تساهم في بعث المذهب المالكي واحيائه ببلدي الجزائر.
الجمهورية: نود منكم أن تحدثونا عن تيار » السّلفية« وعن سلوكات المتشبثين به، وما الفرق بينه وبين المذهب المالكي مذهب البلد؟
- م. بن علال : هذا تيار للأسف شاع وذاع وملأ البقاع وخطره في المكان الأعلى وأنا من زمان مجند لهذا وفطرتي هي التي تحملني على مضادة أهواء هؤلاء وكذلك الرد عليهم وكنت قد رددت عليهم في كثير من المناسبات هناك في الحجاز والردود عندي موقعة توقيعا.
وقد سبق الذكر في لقاء 2007 وقلنا أن كل العلماء الذين نفروا لأجل تحصيل العلم هنا وهناك لا بد من أن يلتزموا بالأدب.
أدب الموافقة وأدب المساعفة ويتعين على العالم الداعية أن يتضلع في مذهبه الذي هو سائد في بلده وفي أرضه التي مسّت جلده حتى يجانس المتلقي (المدعو) فلا يحصل تنافر وتباعد بينهما وهذا أساس اتجاه الدعوة، أما أن يذهب إلى هنا وهناك ويأتي بمذاهب غريبة دخيلة على البلد وعلى الوسط الذي يعيش فيه فالحكم على فشل مشروعه الدعوي لعدم الموافقة أمر أكيد وجليّ والواجب يقتضي منا أن نكرس الفكرة ونعمق حيّزها في قلوب الناشئة وفي نفوسهم حتى يتضلّعوا بهذا المذهب العظيم ألا وهو المذهب المالكي وهو الصرّف الجسيم تماشيا ونزولا عند قول بن حزم » كان مذهب مالك مذهب السلف بالحجاز«
تريدون أن تكونوا مذهبيين؟ كانوا على مذهب مالك لما ذكرناه من المصالح الشرعية.
تريديون أن تكونوا سلفيين؟ فقد قلنا بأن بن حزم وهو العالم المجدّد النّظار أكد في أقواله وكتابته بأن مذهب مالك كان مذهب السّلف في الحجاز.
تريدون هذا أم ذاك؟ فأختاروا ولما لكم جلّ.
هذا الذي نودّ أن نشيعه وننشره في الأوساط إذ ليس هناك حل ومخرج من هذه الزعزعزة والزّوبعة الفكرية والتناطح الثقافي الذي كان أحد الأسباب الرئيسية في حصول العشرية السوداء إلا إلتزام بمذهب الإمام مالك فقط دون غيره، ومع ذلك نحن نحترم آراء المذاهب الأخرى وننظر إليها بمنظار أعلى لأنها آراء عملية لكن نبني أدلتنا على ترجيح مذهب الإمام مالك الذي نظل متمسكين به فهو محاط بسياج علمي عظيم وأدلة قوية ونحاج الآخرين حتى نوحّد الفكرة ونحول دون الشتات الفكري والتبعثر الثقافي الذي أدى إلى ما أدى إليه.
الجمهورية : سيدي الفاضل نلتمس منكم أن توضحوا للقارئ الكريم مدلول »المذهب السلفي« حتى يستوعب الفرق بينه وبين تنار » السلفية« الدخيل والغريب على مجتمعنا؟
- م. بن علال: يقول أبو حسن الزّيات إنما أوتي على الناس من باب الأسماء والمسميات حيث هناك كثير من الناس من يدّعى أنه سلفي وهوليس بسلفي والحقيقة أن السّلفي اسم للمنهج لا لقب للناس، فالسيد الشعراني في كتابه تنبيه المغترين، ذكر وقال :» كيف يجرؤا الناس على أن ينضووا تحت راية السّلف أو يسموّوا بأسمائهم ونحن لو نظرنا في أحوالنا وأحوالهم لرأينا يوما شاسعا؟ فهو في الثريا ونحن دون ذلك. وكيف نصل إليهم ونحن في هذه الورطة الفكرية والثقافية وإن شئت قلت دينية ؟ ولا ينجع فينا إلا الإ نتماء إلى الجنس البعيد ألا وهو الإسلام.
والرسول (صلى الله عليه وسلم) لمّا لقي الناس وهو على بعير قال اسلاميون وتسمية الخليل لنا كماوردت في القرآن الكريم» هو سمّاكم من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا..«
نحن نتمسك بهذا الإسم وكفى به فخرا وشرفا ومجدا »إسلاميون ومسلمون« لفظ فيه المسالمة والموادعة ومحبة الآخر.
أما » السلفية« فأول ما فيها تزكية النفس أنا أعلى من الآخرين وأنا كذا وأنا كذا... والسّلف كانوا على خلاف هذا وهنا تجدر بي الإشارة إلى قصة الإمام سفيان الثوري أبو سعيد رحمه الله حيث يذكر فيها أن الله بعثه من مضجعه ليقيم الليل فمرّ على قوم يشخرون فتساءل في نفسه كم ينام هؤلاء؟ فحرم القيام 4 شهور لأنه أذّل بنفسه عليهم، وأخواننا المنتمون لتيار » السّلفية« الدخيل علينا فيهم كثير من هذا الوصف وكما أسلفت توصلت إلى تأليف كتاب أسميته »أصول ملحق« ذكرت فيه آفاتهم وكيفية علاجها.
الجمهورية: أنتم تدرسون بثانوية الصوتية وأيضا في التعليم العالي بمكة المكرمة نريد وجهة نظرك بخصوص منهاج التعليم هناك بالمقارنة مع الجزائر؟
م. بن علال: بخصوص التعليم الأكاديمي أرى بصراحة أن المنهاج في الجزائر أقوى بكثير مما هو متبع في السعودية خاصة في المواد العلمية بل وحتى في المواد اللغوية.
الكتاب المدرسي في بلدنا غني بالأمثلة والتطبيق الذي يقرب المعنى البعيد للأذهان بينما هناك في السعودية يحاكون الكتب القديمة ويأخذون بالقاعدة التي يميزها حشو كبير وهذا ما يؤدي بالطالب إلى مواجهة صعوبة في الفهم والإستيعاب على خلاف ما هو موجود عندنا حيث القاعدة مبسطة ميسّرة.
الجمهورية: بلغنا أنكم كنتم تشرفون على حلقة بالحرم الملكي، فهلا حدثتنا عن هذه الحلقة؟
- م. بن علال: كان ذلك في التسيعنيات حيث كنت أتولى هذه الحلقة الرسمية كل صباح عدا الخميس والجمعة أ درس الحضور منظومة القرطبي رحمه الله لعبد الرحمان الرّافعي الأندلسي في الفقه المالكي وتسمى » القرطبية« كما كنت أدرس المتممة على الإجرامية في النحو إلى أن صدرت اجراءات » السّعوَدة« ما يقابل عندنا ب» الجزأرة« فتوقفت عن ممارسة هذا العمل، وأذكر أن الشيخ صالح بن حميد رئيس آية الحرمين آنذاكوهو صديقي الذي سهّل لي مأمورية القيام بهذه الحلقة أبلغني وقتئذ عن صدور هذا النظام الجديد الذي لا يجيز لغير السعودي الإشراف على أي حلقة.
الجمهورية: على ذكر الشيخ صالح بن حميد علمنا عن طريق بعض الجزائريين المقيمين في مكة المكرمة حدوث جدال فقهي بينك وبينه، هلا حدثتنا عن فحوى ذلك؟
- م. بن علال: الشيخ صالح بن حميد إمام خطيب المسجد الحرام وعضو في مجلس الشورى تجمعني وإياه صداقة حميمية وبالفعل كان بيني وبينه جدال فقهي مرة ذكر على فضلة النبي (صلى الله عليه وسلم) شيئا ما رضيت عنه فأجبته بالقول: يا شيخ الفقهاء يقولون كل ما يخرج منّا نجسا فهو منه طاهر، ومرة كنت أساوقه وتحدث في الإستبراء بأمر لم أطقه، فإنفلت وقلت له: لدينا في المذهب المالكي قاعدة في الإستبراء تقول :أن يمرّ الرجل بأصبع يسراه من الصّرم إلى رأس الذكر فإنه يدفع الحاصل ويمنع الواصل فقال :أعد عليّ وكتب العبارة كاملة، ومرّة أخرى نسب للمالكية أنهم يقولون:أن مالكا يعزى إليه جواز مسّ المصحف المحدث وأنا في الحلقة عنده ، فرددت عليه أمام الملأ: يا شيخ هذا مذهب ضعيف والمذهب الصحيح عندنا ما يقوله خليل بن اسحاق: ومنع حدثا صلاة وطوافا ومسّ المصحف ولو بعلاّقة ولو بقضيب أما ما ذكرته فهو مذهب اللّخمي الرفعي رحمه الله وقد قال فيه الشاعر: لقد مزّق قلبي سهام جفوننا كما مزّق اللّخمي مذهب مالك، فأخذ هذا عنيّ أيضا ودوّنه والحقيقة أن الشيخ صالح بن حميد كان يحبني وأبوه الشيخ عبد الله كان عالما جليلا.
الجمهورية: هناك حملة شرسة ضد الإسلام والمسلمين في بلدان الغرب خاصة في أوروبا تتجلى في حرق المصاحف والرسومات المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) وفي منع النقاب وغيرها، كيف التصدي لهؤلاء الحاقدين على ديننا الحنيف؟
- م. بن علال : هذه الأمور تعود كما يقولون إلى عقل الزمان وعقل الزمان في علم الإجتماع هو تكرّر أحداث عبر عصور والباعث عليها سبب متّحد وتكرر الحملة الصليبية نموذج لذلك وعددها (ثمان) 8 حملات شنّها الصليبيون ضد المسلمين بحقد دفين ظلما وعدوانا وحادثة السّرداب التي حصلت في الأندلس ليست ببعيدة.
كانوا يجمعون المسلمين ويدفنونهم أحياء أو يحرقونهم في دهاليز سرية، هذا سبب واحد.
والسبب الثاني ضعف الأمة الإسلامية وما تعيشه من سبات عميق وعدم احتراق الأمة لهذا الإسلام وعدم فرض ولاء الطاعة لهذا الدين الحنيف، نحن في حالة يرثى لها.
فحسن البصري يقول :» إني لا أستغرب وقوع البدعة ولكن أحنق لإستئناس القلوب بها«، والحقيقة أن الناس إستأنسوا بوقوع المخالفات ورضوا بها.
الجمهورية: لكن فيهم من ينادي بحوار الأديان والحضارات مارأيكم في هذا الطّرح؟
- م. بن علال : الحوار لا ننكره ولكن ليس في المسلمات والثوابت والأصول الإسلامية ونقرّ به في الجوامع البشرية الإنسانية أو ما يسمى بالتعايش ندعوهم ويدعوننا ونجالسهم ويجالسوننا وهو ما يسمى بالجدال الحسن.
الجمهورية: هناك ظاهرة تبعث على التفاؤل تتجلى في اقبال أهالي الغرب في أوروبا وأمريكا خاصة منهم فئة الشباب على اعتناق الإسلام بشكل لافت للإنتباه لم تعهده من قبل، ما هي العلّة وما هو السبب في ذلك؟
- م. بن علال : يقول الفلاسفة في عملية الإيجاب والتوليد ويشرحها قول الشاعر:
والناس أكياس من أن يمدحوا رجلا
لم يروا به آثار إحسان
أي أن الهبّة الإسلامية في الغرب نجمت عن مجهود حسين قامت به بعض الهيئات والجمعيات الخيرية وكذا بعض العلماء الدعاة الذين وفقهم الله تعالى إلى دغدغة الحسّ الديني في نفوس الناس.
إذن هناك مجهودات فردية وجماعية تحت غطاء هيئات خيرية انتشرت هنا وهناك وساهمت في هذا البعث الديني الموجود في أوروبا وأمريكا هذا البعث الذي سيستمر بل ويشتري ويستطير هذه قناعتي بخصوص هذه المسألة.
الجمهورية : ما تودّون إضافته؟
- م. بن علال : ما أود أن أضيفه يتعلق بوطننا الجزائر فكثير من الناس يباينون بين حقيقتين هما توأم أو فردقان لا ينفك أحدهما عن الاخر وكثير من الشباب ممن تدين أو طلب العلم تخفى عنه حقيقة ملزمة لا تحتاج إلى دليل، ألا وهي أن الإنتماء إلى الوطن وحبّه من أصل الدين، وهناك من يقول أن الإسلام ما جاء لتمجيد الأوطان وهو دين أممي. وأقول أن هذا يخالف شطره بل بالدليل وسنّة المصطفى الكريم ولا أقول ذلك اعتباطا بل بالدليل الواضح.
الرسول (صلى الله عليه وسلم) لما جاءه جبريل عليه السلام في بداية نزول الوحي أتى خديجة يرجف ثم رافقته بعد ذلك إلى إبن عمّها ورقة بن نوفل هذا الأخير ردّد: والله لإنه الناموس الذي أنزل الله على موسى (ع) ولئن أدركت لأنصرنّك نصرا مظفرا، ثم قال: وسيكذّبك قومك وسيؤدونك، ولم يكن للرسول (صلى الله عليه وسلم) هنا ردّة فعل لكن لما قال له سيخرجك قومك ارتعدت فرائسه لمسألة تتعلق بالوطن» بمكة« وقال:أو مخرجي هم؟ قال : ما جاء أخذ قطّ بالذي جئت به إلا عوّدي.
وسيدنا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه)لمّا هاجر من مكّة إلى المدينة أصابته الحمّى شوقا إلى مكة وكان يرفع عقيرته ببيت من الشعر ويقول : كل امرئ مصبّح في أهله والموت أدنى من شراف عليه.
وهذا بلال هاجر إلى المدينة المنورة وهو يردد في بيتين حنينه الشديد إلى مكة:
»ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة بواد وحولي إدخرٌ وجليل« (جبلان بمكة) و»هل أردَ اليوم المياه مجنّة وهل يبدو لي شامة وطفيا« ثم تتابع بعد ذلك العلماء يتمجّدون بأوطانهم.
الجمهورية: وما هي نصيحتك للشباب الجزائري؟
-م. بن علال :أن يرجعوا إلى مذهبهم المالكي فالتّمسك به فيه نجاة من هذه الفتنة وضمان للأمن والإستقرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.