وصف أحد المهتمين بتاريخ الآثار، المعلم التاريخي بالشيخ الذي يحتاج إلى الرعاية المستمرة، وأضاف أنه بحاجة إلى أن يمول نفسه بنفسه، مؤكدا أنه من الضروري استغلال هذه المعالم بطريقة تجلب لها الأموال لترميمها وصيانتها المستمرة مثل ما يحدث في الدول الأوروبية وعلى رأسها إيطاليا، حيث تمثل عائدات المعالم التاريخية نسبة 60 بالمائة من مدخول المتاحف وذلك من خلال دفتر شروط محكم، موضحا أن ''المعلم التاريخي، يجب أن لا يبقى مرتبطا بالماضي فقط بل يجب أن نسترجعه ونستغله في الحاضر والمستقبل''. * وخبراء إيطاليون لمعاينة متاحف وهرانسطيف والعاصمة لعل التكوين الذي سيستفيد منه المهنيين الجزائريين في مجال التراث بمختلف تخصصاته، وبمقتضى مشروع اتفاقيات الشراكة التي عقدت بين الجزائروفرنسا، وغيرها من الاتفاقيات التي سبق لوزارة الثقافة وان أمضتها مع مختلف الشركاء من مختلف الدول الأوروبية والعربية، سيسمح للمهندسين الجزائريين بصقل معارفهم أكثر، حيث أنه في آخر زيارة قادت كل من ''أوبان دو لاميسوزيار'' رئيس البعثة العلمانية الفرنسية و''برونو سوزاريلي'' مدير متحف حضارات أوروبا والبحر الأبيض المتوسط، الذي سيفتتح سنة 2013 بمناسبة تظاهرة ''مرسيليا عاصمة الثقافة الأوروبية''، لتقديم مجموعة من الاقتراحات للتوصل إلى عقد اتفاقيات شراكة مع وزارة الثقافة، من أجل التبادل الثقافي، بين متحف مرسيليا والمتاحف الجزائرية، خاصة متحف الفنون الجميلة ومتحف الفن المعاصر ''ماما''، عبّر ''أوبان دو لاميسوزيار'' عن تفاؤله بالمباحثات مع وزيرة الثقافة خليدة تومي، التي قال إنها أبدت اهتماما كبيرا بمشروع الشراكة، خاصة أنه يضم إمكانية تقديم تكوين للمهنيين الجزائريين في مجال التراث، وفي اختصاصات مختلفة تتوفر في فرنسا، منها التنقيب عن الآثار الموجودة في البحار ''اقتصاد الثقافة''، وهو اختصاص حديث جدا، بالإضافة إلى الاتفاقية الموقعة حديثا مع فرنسا، ايطاليا هي الأخرى مهتمة بالمعالم الأثرية الجزائرية، حيث أنه بعد معاينة خبراء إيطاليين متاحف وهران، سطيف والآثار القديمة بالعاصمة، تم اختيار متحف سطيف وبالضبط فسيفسائه لترميمها لتعد الخطوة الأولى ضمن اتفاقية التعاون الخاصة بترقية وحماية التراث الثقافي المشترك بين الجزائر وإيطاليا (الآثار الرومانية) والتي ترعاها إلى جانب وزارة الثقافة، الشركة الإيطالية للمحروقات "إيني بروديكسيان" من الجانب المادي ومن الجانب البشري معهد الترميم والتراث بجامعة روما، ولا تقتصر هذه العملية على الترميم وحسب بل ستطال عملية التكوين حيث سيؤطر خبراء الترميم من جامعة روما، الشباب التقني للمتاحف وهذا في إطار ورشة التكوين وفي مدة زمنية تتراوح من أربعة إلى ستة أشهر ويكون موضوع العمل الأول حول فسيفساء متحف سطيف التي لا يوجد مثيلتها في العالم أجمع علاوة على أنها في حاجة ماسة إلى الترميم. *المشكل يكمن في نقص المخازن تحتوي العاصمة على العديد من المعالم التاريخية والهياكل الثقافية منها ستة متاحف وطنية الباردو، الفنون الجميلة، الفنون التقليدية، المتحف الوطني للآثار، متحف الطفولة ومتحف الداي... وغيرها تعود في مجملها إلى حقب غابرة تعاقبت عليها مخلفة الأزمنة، ومن أكبر المشاكل التي تعاني منها متاحف العاصمة، نجد مشكل قلة مخازن حفظ التحف التي تعد من بين المشاكل الأساسية التي تسببت في فقدان قيمة التحف والمعروضات التقليدية من حلي، ألبسة ، أفرشة وزرابي انهكتها الرطوبة وافقدتها بريقها، حيث أكد أحد علماء الآثار بالعاصمة، أن ضيق المخازن يشكل عائقا كبيرا بالنسبة لبعض المتاحف، كمتحف الباردو الذي يعد من بين أقدم المتاحف الوطنية في الجزائر، مما يضطر المسؤولون على مستوى هذه الهيئة إلى حفظ معظم التحف التي تعود إلى القرن 19 م بطريقة غير مناسبة وغير صحية كأن تطوى الألبسة والأفرشة عوض حفظها بطريقة البسط والتهوئة، إلا أن ضيق المخازن وقلتها حال دون ذلك. * وقفات مع تاريخ متاحف العاصمة: متحف الجيش أنشأ في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، وكان مقره بالأبيار، ثم تمّ تحويله إلى رياض الفتح سنة 1983م، أين تمّ تدشينه برياض الفتح بالعاصمة الجزائرية من طرف الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد، ويحتوي المتحف على العديد من المرافق منها، قاعة كبرى للعرض، قبة الرحمة، نادي الانترنت، مكتبة، الحظيرة ، قاعة للمحاضرات، بهو، مكتبة إدارية. ومهام المتحف الوطني للمجاهد تتمثل أساسا في جمع الوثائق والشهادات والأشياء والأعمال والآثار المرتبطة بفترة ثورة التحرير الوطني، بالإضافة إلى حفظ وترميم كل ما يجمعه المتحف، وفق المقاييس المعمول بها في هذا المجال، جمع المراجع وتبادل المعلومات العلمية والتقنية مع الهيئات المتخصصة الوطنية والأجنبية، نشر المعلومات عن طريق المطبوعات والمجلات والكتيبات ووسائل الإسناد السمعية البصرية. * المتحف الوطني باردو يقع في ضاحية الجزائر مصطفى باشا، بني في أواخر القرن الثامن عشر على يد ثري تونسي منفي في الجزائر "بن الحاج عمر" ليكون بمثابة إقامة صيفية يستقبل فيها وجهاء المدينة، أضاف الفرنسي السيد جوريت في 1879ملحقا بالقصر ليستعمل كإسطبل وحظيرة للحيوانات، في عام 1930 تم افتتاح المبنى كمتحف لما قبل التاريخ والإثنوغرافيا في الذكرى المئوية للاستعمار في الجزائر. ويعرض متحف باردو تحفا إثنوغرافية، في حين خصص الملحق لما قبل التاريخ، ومنذ ذلك الحين، دعي بمتحف باردو، ثم سمي بالمتحف الوطني باردو في عام 1985. * المتحف الوطني للفنون الجميلة يعد المتحف الوطني للفنون الجميلة، من أكبر المتاحف في شمال أفريقيا، وفي أفريقيا وكذلك بالشرق الأوسط، بحوالي 8000 قطعة فنية، وهو متواجد بالعاصمة، هو ليس فقط متحفا في حد ذاته ولكنه معلمة معمارية أيضا، بني في القرن الثالث عشر، وبما أنه كان يستعمل كقصر فلقد تم تجديده وترميميه، ولقد توسع عبر مئات السنين ليصبح مثالا مذهلا لما يعتبر الأفضل في عالم الهندسة العربية المسلمة. تعرض في المتحف أثريات نفيسة من كل أجزاء التراب الجزائري تشير إلى أهم الحقبات الزمنية في تاريخ وثقافة البلاد ما قبل التاريخ، ويوجد فيه كذلك مزيج رائع من فخار ومجوهرات القرون الوسطى الإسلامية، ويتمتع كل زائر للمتحف من أشكال مختلفة من النقش وأساليب هندسية معقدة . * ''قصر عزيزة'' مقر الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية يرجع بناء هذا القصر إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وهو ملك لإحدى بنات الداي في العهد العثماني عزيزة ابنة أحمد بن رمضان شقيق شلبي بن علي بتشين، وهي زوجة أحد بايات الشرق، بعد احتلال الجزائر العام 1830 استولت سلطات الاحتلال على القصر وممتلكاته وسكنه أحد الضباط الفرنسيين قبل أن تتسلمه الأسقفية المسيحية سنة 1838 ليستمر وضعه على ذلك إلى تاريخ طرد المستعمر واستقلال بلادنا سنة 1962 . وشغلت الدار بعد الاستقلال مصالح وزارة السياحة، ثم إدارة مجلة الثقافة التابعة لوزارة الإعلام والثقافة، ومنذ سنة 1986 شغلتها الوكالة الوطنية لحماية الآثار والمعالم التاريخية وحاليا حولت إلى مقر الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية. * دار حسن باشا تفقد أصالتها ورونقها هو من أجمل قصور القصبة السفلى، أسسه الداي حسن باشا ابن خير الدين بربروس في القرن 16 بجوار جامع كتشاوة وتقابله دار عزيزة، في عهد الاحتلال الفرنسي ملكه الجيش الفرنسي وأصبح مقر المحافظ العام للجزائر الذي أضاف تعديلات على القصر، حيث أبعده كثيرا عن شكله الحقيقي ما عدا الصالونات التي تحمل بصمة العثمانيين، وبعد الاستقلال شغلته بعض مصالح الدولة ثم مديرية الشؤون الدينية ثم أصبح مقرا للمجلس الإسلامي الأعلى، ورغم أنه خضع لبعض الترميمات إلا أن بريقه الأول والحقيقي فقد بإجماع الجميع.