أصبح قطاع السياحة والصناعات التقليدية بالنعامة من القطاعات التي تنخر جسدها أمراض خبيثة وجب فحصها من أجل معرفة اسباب الاصابة بالمرض ومن ثمة تقديم وصفة علاجية لنزع الجراثيم التي بدأت تعشش في جسد هذا القطاع الحساس الذي يعتبر في دول مجاورة أصل اقتصادها ومصدر دخلها وتجني منه عائدات بالرغم من أن ما تزخر به مناطقنا من كنوز بعيد كل البعد عما نجده في الجوار ، إلا أن العديد من النشاطات السياحية بولاية النعامة تبقى بعيدة عن الإمكانيات الطبيعية والتاريخية والثقافية التي تزخر بها المنطقة، ولم ترقى إلى مستوى الطموحات بخلق ثروة سياحية تكون عامل جذب حقيقي للسياح بالولاية و ذلك راجع إلى قلة الدراسات والجرد للأماكن الأثرية وضعف هياكل الاستقبال وبطء وتيرة إنجاز بعض المرافق السياحية إلى جانب انعدام إقامة مهرجانات للسياحة الصحراوية بولاية النعامة وغياب صالونات للسياحة والأسفار أدى إلى عرقلة برنامج العمل المسطر من طرف وزارة السياحة والصناعات التقليدية الذي يهدف إلى ترقية القطاع. كما يرى أحد العارفين بهذا الشأن أن تطوير السياحة الثقافية يعتبر أيضا من المساعي التي يتم العمل على ترقيتها من خلال إعادة الاعتبار للمواسم الثقافية والوعدات الشعبية وترقيه الفولكور والعناية بإحياء التقاليد التراثية المحلية. وتبحث الولاية في هذا الإطار عن مكانة لها من خلال استقطابها لتنظيم مهرجانات للسياحة الصحراوية، فضلا عن تجسيد عملية هامة استفاد منها القطاع لإعداد دراسة شاملة تتعلق بتهيئة الإقليم وتسمح بتحديد أقطاب سياحية محلية تمثل عناصر جذب حقيقية للسياح، وتتوفر على مؤهلات لإنتاج وممارسة نشاط سياحي مثمر على غرار حلقة الواحات والقصور القديمة ومحطات النقوش الصخرية التي لا تزال البحوث جارية بشأنها بمساعدة خبراء أجانب بهدف تجسيد المقترحات على أرض الميدان. كما أن ولاية النعامة تفتقر لنشاط دائم وحيوي لوكالات السياحة والسفر وغياب للمستثمرين في المجال السياحي رغم توفر فرص حقيقية من شأنها دفع عجلة التنمية في هذه الأنشطة باعتبار قطاع السياحة والصناعات التقليدية أحد الدعائم والأنماط البديلة للاستثمار خارج المحروقات. وبغية ترقية المقصد السياحي من خلال التعريف بمؤهلات المناطق الجنوبية للمنطقة باعتبارها أحد الأقطاب السياحية الصحراوية في الجزائر، يجب –حسب ذات المتحدث - إعطاء الفرص اللازمة للمنتوج السياحي المحلي لاقتحام الأسواق الجهوية والوطنية .خاصة وأن المنطقة تمتلك من المؤهلات السياحية ما يسمح لها أن تصبح قطبا سياحيا مرموقا على مستوى الجنوب الجزائري قادرا على إشباع رغبات السياح الأجانب وتلبية الطلب الداخلي. ويعتبر الترويج والتعريف بالسياحة الصحراوية المحلية أحد الركائز المنتهجة من طرف القطاع الذي أخذ يسجل توافد المزيد من السياح على المناطق الأثرية للولاية منذ الخمسة عشر سنة الأخيرة، ولعل توفر الولاية على فرق فولكلورية لمختلف الطبوع إلى جانب حرفيين يعتبر حافزا آخرا للنهوض بقطاع السياحة والارتقاء به إلى مصاف القطاعات المنتجة للثروة لكن يبقى مشكل الفاعلية والتمويل لمثل هذه الجمعيات العائق الكبير الذي يقف كحجر عثرة أمامها . و على ضوء الإستراتيجية الجديدة التي أعدتها الوزارة والتي تقوم على تشجيع الاستثمار السياحي ومطابقة النشاطات السياحية مع المقاييس العالمية وعصرنة المنظومة التكوينية وإدخال الاحترافية على النشاط الترقوي والاتصالي، وبناء مقصد سياحي يرتكز على عامل النوعية والاستدامة والتحكم في مسار التنمية السياحية بالمحافظة على التراث والتوازنات البيئية .وفي المقابل وبالرغم من أن عدة مواقع بالولاية لا تزال عذراء واستهوت فضول السياح الأجانب في أوقات سابقة كمحطات النقوش الصخرية والقصور القديمة وواحات النخيل الخلابة والمحطة المعدنية لحمام ورقة وغيرها، إلا أن دور المديرية لا يزال غائبا في دفع عجلة التنمية بالولاية وتوفير مناصب شغل جديدة وتحسين خدماته. وفي هذا الصدد تقول مصادر لها عناية بالمجال السياحي تتطلب أيضا جرد الأرشيف التراثي والمخطوطات التي تؤرخ لمختلف الحضارات التي تعاقبت على المنطقة مما يتطلب كذلك تمويل بحوث من هذا النوع تضاف إلى المحاولات التي قامت بها إطارات جامعية لإعداد خريطة توجيهية ومسح شامل للتنوع السياحي والثقافي بالولاية. كما أن تثمين وتعميم الثقافة السياحية لدى المواطن تكتسي جانبا آخر من الاهتمام بدور الوكالات السياحية والحركة الجمعوية في ترويج المنتوج السياحي وحماية هذه الكنوز من النهب والتلف الذي يهددها، حيث من المفروض أن تكون هناك حظائر ومحميات سياحية وأثرية والعمل على تصنيفها ، هذا لم يمنع مجموعة من المهتمين والمختصين بمباشرة رصد أثري وتاريخي وعلمي للكنوز والحفريات بعد اكتشاف بقايا الديناصورات من نوع "الصوروبود" آكل الأعشاب المسمى "عملاق القصور" وكذا العثور على مخلفات الأسماك والعظام والحيوانات البحرية المتحجرة بعدة مناطق من الولاية ك "رويس الجير" و " درمل" و "صفيصيفة" و "أولقاق" و "تيوت" و "مغرار" و"العين الصفراء". وتعرف من جهتها مناطق التوسع السياحي بولاية النعامة تدهورا بسبب عوامل إنسانية وجغرافية ومناخية ، تظل بحاجة ماسة إلى عناية من طرف الجهات المختصة كعملية استرجاع النمط الأصلي لعمران القصور العتيقة المتواجدة ب "صفيصيفة" و"تيوت" و"مغرار" و"عسلة"، وكما جرى الحال بالنسبة لمنطقة جبل عيسى التي صنفت كمحمية طبيعية وهي التي تتوفر على 68 نوعا من الطيور النادرة وأزيد من 135 نبتة علاجية و19 نوعا من الحيوانات البرية. وبحسب المهتميين بالسياحة بالمنطقة فإن بعث النشاط السياحي بالولاية مرهون بترقية المنتوج السياحي وتوفير المنشآت الفندقية ودعم الاستثمار في ميادين الخدمات السياحية والحرف والصناعة التقليدية مع دعم المصادر العلمية والمرجعية للتعرف والترويج للمآثر السياحية التي تكتنزها ولاية النعامة. فكيف يمكن أن تكون أيّ مدينة "قبلة للسوّاح " في غياب مرافق الاستقبال؟ وانعدام مشاريع استثمار في المجال السياحي ؟ حمام الورقة .... بيت شباب وحيد ومشاريع غائبة عندما يلج أيّ زائر بوّابة عين ورقة لن تكون له إلاّ وجهة واحدة ألا وهي "بيت الشباب "، ليس لأنّه الأفضل أو الأقرب أو الأحسن بل لأنّه الوحيد الموجود، فالقرية لا تتوفّر على هذه المؤسّسة الفندقية ما عدا هذه المنشأة التي تمّ إنشاؤها من طرف مديرية الشباب والرياضة ومنذ ذلك الوقت لم يتم إنجاز أيّ فندق أو ما شابه. رغم أن هذه المحطة المعدنية معروفة بمياهها الاستشفائية إذ تصل طاقة الاستقبال إلى 220 زائر حيث يخضع الحمام للاستغلال من طرف السكان المحليين القائمين على خدمة الوافدين من أجل الراحة والاستجمام قصد الاستشفاء بالمياه المعدنية. كما يوجد بالحمام بحيرة بها نوع من الأسماك النادرة وجبل مشهور بطبقاته الجيولوجية ذات الشكل العمودي. حملنا هذا السؤال ووجّهناه لاحد أعيان القرية الذي فتح صدره للسؤال وحاول الإجابة عنه، حيث أوضح أنّه أمام الانتعاش السياحي الذي تعرفه المنطقة لم يعد هذا المرفق قادرا على استيعاب الطلبات، مبرزا العجز الحقيقي في التكفّل بالسيّاح خاصة بعد أن أصبحت المنطقة الحماموية قبلة لهم من الجزائر وخارجها، وهو ما لمسناه خلال تواجدنا بالمنطقة. منازل للكراء دون ترخيص وأمام غياب المرافق الكافية لإقامة السوّاح لاسيما في المواسم أو المناسبات ، حيث يتّجه العديد من الجزائريين والأجانب للتداوي بالمياه الساخنة، ظهر استثمار من نوع آخر غير مرخّص به وغير قانوني، حيث يكري العديد من سكان المنطقة منازلهم للوافدين وذلك بطرق عشوائية، يجهل عنها المسؤولون كلّ شيء، وهذا ما أكّده أحد العارفين بالمنطقة الذي أشار إلى أنّ هذه العملية تتمّ بطريقة غير منظمة وغير مؤطّرة، موضّحا أنّه لا يملك أيّ إحصائيات عن هذه المنازل ولا عن عدد السوّاح الذين يرتادونها، ولا الأسعار المعتمدة ولا الظروف التي توفّر للنزلاء، وهو ما يعيق حسب محدّثنا معرفة العدد الإجمالي والدقيق لسوّاح وزوّار عين ورقة ويضيف محدثنا ان كراء المنازل يعتبر مصدر رزق لمعظم القاطنيين بالمنطقة بسبب غياب فرص الشغل واستفحال البطالة. مواقع أثرية وطبيعية ...تنتظر استغلال تعتبر النعامة نقطة عبور للعديد من السواح خلال رحلاتهم باتجاه منطقة الساورة وفورارة، حيث لا تزال المنطقة تحتفظ بمواقع جذابة جعلتها تظهر كمقصد ملائم للسواح الباحثين عن الراحة واكتشاف مواقع خلابة. القصور هي الذاكرة الحية للسكان حيث يعود ظهورها بالمنطقة إلى القرن 15 وهي قرى تمتاز بأبراج دفاعية تتخللها واحات من النخيل ويتكون سكانها من العرب والبربر ولكل عاداته وتقاليده وصناعته ولقد تبين من خلال الحفريات أن القصور كانت موجودة قبل ظهور الإسلام وشيدت من طرف السكان الأصليين وهم البربر ومن أهم هذه القصور: مغرار- قصر الشيخ بوعمامة - قصر تيوت- قصر عسلة - قصر صفيصفة. كنوز أثرية مهددة بالضياع أشار بعض المختصين أن المعالم الأثرية هي مهددة بالزوال وهذا إن لم تسارع السلطات المعنية لأجل حمايتها، وعلى الرغم من أن الولاية تراهن على جعلها منطقة جذب سياحية إلا أنها أظهرت عجزا في حماية تلك المعالم الأثرية التي بها رسومات حجرية حيث أصبحت في الآونة الأخيرة عرضة للعديد من محاولات التخريب أتلفت بفعل الخدوش التي شوهت وحرفت المعاني الدالة على المكان والزمان وما تبقى منها يعاني التآكل بفعل الحت الذي أتى على بعض تلك الآثار والنقوش التاريخية وقد أبدت العديد من الجمعيات أسفها مما يحدث فيما استغرب السياح وقاصدو المكان صمت السلطات عن مثل هذه السلوكات، وعدم توفير الحماية اللازمة لها وأمام تزايد هذه الظاهرة وخشية أن تزداد وضعية هذه المعالم الأثرية تدهورا ألقى بعض جمعيات المنطقة وأنصار البيئة على كاهلهم مسؤولية زيارة المواقع الأثرية وباستمرار لمسح التشويهات التي يخلفها بعض الزوار خاصة منها الكتابات وبواسطة الطبشور وأقلام الرصاص وذلك حفاظا على ماء الوجه، والشيء الذي يجر إلى التفكير الجدي في ضرورة إنقاذ هذه الكنوز التاريخية والثقافية وتعزيزها لحماية هوية وثقافة هذا المجتمع ومحاولة بعث ديناميكية سياحية جديدة وتجاوز الالتفاتات المناسباتية مع إعطاء فرص للاستثمار السياحي بالمنطقة لإخراج ساكنيها على الأقل من حالة الفقر والبؤس. قلاع وأبراج بحاجة إلى ترميم ينتظر سكان قلعة الشيخ بوعمامة من السلطات الوصية بترميم الأبراج والقلاع المتواجدة بالمنطقة بحيث تعتبر قلعة الشيخ بوعمامة بمغرار من بين مكنوزات المنطقة ومخزون تاريخي وسياحي والمدعمة بأبراجها الشهيرة التي بناها رمز المقاومة بالمنطقة الشيخ بوعمامة حيث لم يبقى من الأبراج التي كان يفوق عددها 32 برجا تاريخيا حيث لم يبقى من هذه الأبراج بعد الاستقلال إلا 22 برجا ليتقلص عددها فيما بعد ليصبح 05 أبراج فقط من بينها البرج الرئيسي وأربعة أبراج أخرى ثانوية. وأمام هذا التقلص المستمر لثوابت هذه المنطقة الدالة على وجود وحاضر الجهة طالب السكان الأصليون للقلعة بالتفاتة أهل القطاع ورعاية وصيانة وترميم هذه المعالم وإحيائها قبل زوالها بصفة نهائية. رغم أن ولاية النعامة تمتلك من الصناعات التقليدية والتراث الثقافي ما يجعلها رائدة في هذا المجال ونذكر منها صناعة النسيج المتمثلة في الزرابي، الجلابة الصوفية والبرنوس (الهدون - السلهام) والأغطية الصوفية المختلفة الألوان - الوسادات، أما خيم أهل المنطقة فتصنع من الشعر والصوف لم يبقى منها إلا الإسم خاصة وأن مفهوم السياحة والصناعات التقليدية أصبح يتلخص لدى العديد من المشرفين على هذا القطاع الحساس في عمليات "البريكولاج" وتناسينا الأثر الاجتماعي والاقتصادي لأن التطور والنهوض به يبعث إلى الأفق ويساهم في خلق مناصب شغل وهذا في الوقت الذي اصبحت هذه الصناعات التقليدية مجرد افكار مشاريع تحتاج الى تجسيد على ارض الميدان بالرغم من توفر المواد الاولية من هذه الصناعات التي تزخر بها المنطقة. عادت من جديد أشهر الوعدات الموسمية في الوطن وهي وعدة سيدي أحمد المجدوب التي تعقد في آخر الأسبوع الثاني من كل سنة في شهر أكتوبر وهي فرصة للتلاقي والاستمتاع بالفنتازيا وكذلك هي بالنسبة لأحفاد سيد أحمد المجدوب بمثابة الموعد للإعلان عن الخطوبات والتزويج وحل الخلافات والنزاعات العالقة وكذلك مجلس لاتخاذ القرارات بخصوص أمور كل فرد ينتمي لعرش المجاذبة. كما تعرف ولاية النعامة أيضا باحتفالات موسمية أخرى عديدة مثل وعدة سيدي عيسى بعين بن خليل ووعدة أولاد سيدي الحاج بقصر مغرار، ووعدة سيدي بلال بالمشرية والمميز أكثر في هذه الأعياد المحلية هو الأكلات الشعبية الشهيرة والمتنوعة ، وهي كلها مظاهر مغايرة تماما لإجراءات ترقية السياحة في بلادنا وخاصة ولاية النعامة ليبقى في الأخير النهوض بالسياحة مرتبط بمدى تفعيل وسائل الصيانة والحفظ ونفض الغبار على بعض المشرفين على القطاع بالنعامة حتى يكون مستقبل سياحتنا واعدا .